نوفل في مسلسل موسى “منذر رياحنة وتجسيد الحب بطابع الـ مورال إيڤل”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
تعتبر شخصية نوفل في مسلسل موسى إحدى أكثر شخصيات العمل تعقيدًا كون أنها تحمل أنماطًا متعددة فلا هو واضح هل الشر جزء من طبعه أم أن له قلب يقسو دون إرادته ؟.
أبعاد تاريخ الغجر في مسلسل موسى
من السهل تحديد موطن الغجر الأصلي، لكن في مصر المسألة مختلفة، فيصعب على المؤرخين تحديد فترة هجرتهم إلى المحروسة، إذ أن أول إشارة لهم في كتب التاريخ موجودة في رحلة بيلون سنة 1546 م، ورحلة سفاتيك سنة 1558 م، لكن أكثر كتب التي تعمقت في دراسة الغجر كانت رحلة سيتزن زمن محمد علي باشا.
يمكن تقسيم الغجر في مصر إلى 3 مجموعات هم «الغجر المساليب/ النور/الحلب» والحلب ينقسمون إلى 4 قبائل «التباتية والسروتية وشويها والهويدات»، ويتشعب منهم جماعات أخرى اسمهم الهجالة والطوايفة والشهاينة والتتر والقرداتية والطهواجية.
الوضع الاجتماعي للغجر كـ مساليب وحلب في مسلسل موسى كان دقيقًا في نص المؤلف ناصر عبدالرحمن والمخرج محمد سلامة ففي الصعيد كان الغجر يعملون بالرقص والغناء والتسول وقراءة الطالع ورسم الوشم والسرقة، وأغلب من يقوم بهذه الأعمال هم النساء، أما الرجال فكانوا رُحَّل.
نوفل في مسلسل موسى وفلسفة الـ مورال إيڨل ؟
الماضي هو ما يؤرق نوفل سواءًا كان الماضي هذا متجسدًا في أمه الغجرية بكل أبعادها الأخلاقية وهو ما يجسد طريقة تعامل نوفل مع أمه كحلة، أو الماضي المتجسد في العِرْقِيَّة كـ غجر ونظرة المصريين لهم.
كان لافتًا خلال مشاهد نوفل في مسلسل موسى هو أنه يلقى الاحتقار من بني جلدته أيضًا، وهذا من الناحية التاريخية صحيح للغاية، ففي كتاب الغجر ذاكرة الأسفار وسيرة العذاب لـ جمال حيدر تم تقسيم النظرة الغجرية الذاتية إلى أنماط فالحلب كانوا يحتقرون الغجر لأن نساءهم فاسدات ورجالهن يتسترون عليهن، أما النور والغجر فكانوا ينظرون للحلب نظرة دونية كون أنهم فقراء متسولون ومتشردون، فيما كان الحلب والغجر يرون أن النور مجرد لصوص مطاردون.
اقرأ أيضًا
متابعة موقع الميزان لحلقات مسلسل موسى
العلاقة في الأساس فإن نوفل يكره موسى كراهية عِرْقِيَّة أكثر منها شخصية، كون أن موسى كحال اجتماعي فقير لكنه أفضل من نوفل من حيث الأصالة وهو ما أوجد تنافس غير متكافئ.
أعجب ما في شخصية نوفل الحب الذي يُكِنُّه لشفيقة، فهو لم يخطئ طوال 17 حلقة في حقها إلا حين حاول الانفراد بها، لكن لم تكن نظره لها شهوانية قط، إذ عرض عليها الزواج قبل أن ينفرد بها وحاول إنقاذها.
وضع بن سينا نوع للشر اسمه الشر الأخلاقي وهو معروف عند الفلاسفة وعلماء النفس باسم moral evil ويتعلق بالأفعال الشريرة الاختيارية مع وجود قلب، وهذا النوع من الشر الموجود في شخصية نوفل لا يجعله شرير بطبعه وإنما يجعل حبه فيه شر أخلاقي.
يؤكد ذلك أن نوفل لم يشترك في تجريس شفيقة التي يحبها، وإنما استغل ما قام به زوجها لكي يُخْرِجها من البلد بهدف أن تثبت عليها التهمة ثم يأخذها لنفسه ويدافع عنها، حتى رأي نوفل في موسى نفسه خلال الحلقة 17 من مسلسل موسى لم يكن سلبيًا، بل على العكس اتسم نوفل بصدق شديد جدًا يرجح كفة موسى وشفيقة عليه أمام الباشا.
طوال 17 حلقة لم يستطع متابعي مسلسل موسى أن يحددوا ماهية نوفل، هل هو شرير أم طيب، الأكيد أن المشاهدين على حالة تعاطف معه رغم الكره، وهذه كانت قدرة من منذر رياحنة ولعل نوفل نفسه يدرك هذا فخلال مشاهده مع ڨانيا التي تقول له «يا غراب» يرد عليها ويقول «اتلكمي» وتلك الكلمة تلخص ردوده فكأنه يرد أن يقول لها «اسكتي ولا انتي فاهماني ولا فاهمة شخصيتي ولا فاهمة حاجة».
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال