هل شيخ رامي على الطريق الصحيح؟!
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
يتمسك الإنسان دائمًا بأعظم قوة، ومصدر الأمل والحب، ويحاول أن ينمي علاقته بصاحبها؛ الله عز وجل صاحب صفات الرحمة، ومصدر الحب والعدل الذي يحاول الإنسان القرب منه بأكثر من شكل وطريقة.
بمقالٍ سابق كتبت عن شخصية رامي، وكيف يشبهنا جميعًا برحلتنا في البحث عن الله، أو يشبهك بوقت مضى مليء بالضبابية والتخبط، وإعادة النظر في علاقتنا بالخالق والوصول لتلقي حبه.
حاول رامي أن يصل للتدين عن طريق العبادات وتجنب الشهوات، حاول أن يتعرف على تعاليم دينه والتمسك بهويته وسط اختلاف ثقافات ببلد غربي مما سبب له الشتات، ولكن كانت هناك حلقة مفقودة دائمًا بمحاولاته للبحث عن سبل للتقرب إلى الله.
التدبر هو هذه الحلقة المفقودة، و الذي أمرنا الله به مع التأمل فيما وراء هذه العبادات، وما وراء محاولاتنا عدم الانجراف وراء شهوات الحياة دون تغذية الروح. التأمل الذي عن طريقه نستطيع الشعور بمعاناة الغير، والتمتع بالإنسانية، والوصول لعظمة الخالق.
بالجزء الثاني من مسلسل “رامي” يصبح من مريدي أحد الشيوخ المختلفين، والذي يقوم بدوره الممثل الحائز على جائزتين من الأوسكار “ماهر شالا علي“ يتعامل معه كما يتعامل المتصوف مع الولي الذي يرتوي من بحور علم شيخه.
لم نرَ الشيخ الجديد يتعامل كبقية الشيوخ النمطيين، ولكنه يتعامل بشكل فلسفي كمعلم يتعامل مع تلميذه، بل وحاول فتح بابًا جديدًا لرامي حول اختلافات آراء العلماء بقضية شائكة مثل اقتناء الكلب بالمنزل.
رغم الاختلافات بأمور الدين ليست جديدة بعصرنا، ورغم أن آراء الأئمة الأربعة نفسها بينها اختلافات ، إلا أننا مازلنا نحكم على الآخر الذي يأخذ برأي مختلف لمجرد أننا اعتدنا رأيًا آخر حفظناه عن ظهر قلب من كتاب شيخ ما، أو من أهالينا الذين لم نستطع نزع ما زرعوه فينا واختلفنا عنه بمرور الوقت بسهولة.
نرى رامي يصطدم مع أبيه لمجرد دخوله البيت بكلب، وعلى الرغم من أن والده معلوماته عن الدين جاءت بشكل تلقيني موروث دون بحث ودراسة، إلا أنه يصر بأن اقتناء الكلب من المحرمات، وأن الكلب نجس، ويسخر من شيخ رامي الذي أمره بالاعتناء به.
أراد الشيخ من رامي مراقبة صفات الكلب عن كثب، فقد كذب رامي خوفًا من عواقب موقف وضع نفسه به، والكلب لا يعرف طريق الكذب والخوف في الدفاع عن مواقفه وحبه في مساعدة الغير؛ الكلب يعرف طريق الوفاء والحب ولم ينصح الشيخ رامي بالاعتناء بالكلب وإعادة حساباته إلا لأسباب.
نحن أمام علاقة مختلفة تتمتع بالصدق، نرى فيها الشيخ الذي يكتم أسرار تلميذه واعترافاته بالخطيئة، والأب الذي يخاف على ابنته من شاب مازال يبحث عن سبل للسلام النفسي ويبحث عن دور بالحياة ورؤية للمستقبل، فيصارحه بمخاوفه ، وأنه أحيانًا يحتار مثل أي شخص ويصعب عليه اتخاذ قرارت مهمة بحياته.
هذه هي التجارب الناجحة بين كل شيخ وتلميذه، التي تقوم على الصدق وأن الشيوخ ليسوا بعيدين عنا، بل أن كل تجربة بها الكثير من الأسئلة انتهت بعلاقة قوية بالله، فهؤلاء من يعترفون بأنهم لا يعرفون جميع الإجابات عن الأسئلة هم من نثق بهم ونحب التعلم منهم؛ لأنهم يشاركونا نفس المشاعر والأفكار، و لهم تجارب إنسانية هامة لا يختلط بها كبر الجاهل الذي يدعي الحقيقة كاملة.
لن نعيش بالمدينة الفاضلة التي لا شرور بها، ولا حكم على الآخر بها، ولكن دورنا أن نحاول، وظهور شخصية وسطية حكيمة بمسلسل “رامي” كان مهمًا بهذا الجزء الذي يتمتع بمناقشة قضايا مهمة بشكل مباشر وصادم، ولكن أحيانًا الصدمة ما تجعل الإنسان يستفيق من كل قناعاته الخاطئة.
الكاتب
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال