همتك نعدل الكفة
240   مشاهدة  

هوس الترند في المجتمع.. إلى أين؟

هوس الترند


البلوجر “سارة محمد” التي فقدت بصرها في واقعة مؤلمة، الإعلامية “ياسمين عز”، “محمد عادل” عامل النظافة وصاحب واقعة كشري التحرير، هذه النماذج التي ذكرتها تمثل شخصيات استطاعت في الآونة الأخيرة أن “تركب الترند” كما نطلق عليها بلغتنا الدارجة، فبجانب ترند انقطاع الكهرباء انتشرت فيديوهات لهؤلاء الذين أقسموا على عدم التراجع.

 

البلوجر سارة محمد .. قصة بدأت بالتعاطف إلى أن أصبحت “اللايكات” الغاية

فقد أعلنت مؤخرًا البلوجر “سارة” عن فسخ خطبتها الثانية ممن وصفته سابقًا بصاحب العمر وعوض ربنا بعد شهرين فقط قائلة “كل شيء قسمة ونصيب”، وكالعادة تفاعل المتابعون الذين لم يملوا منذ وقوع الحادثة في ٩ فبراير الماضي والتي تعاطفنا معها فور وقوعها بلا شك، لكنها استغلت ذلك التعاطف لتعلن فسخ خطبتها الأولى بسبب تخلي خطيبها عنها، ثم اتهامات لصديقها “عمرو سنايبر” بسرقة حسابها على التيك توك بعد وصوله لمليون متابع بعد أن كانت تنشر يوميًا صور وفيديوهات تجمع بينهما حيث لازمها صديقها في بداية هذه الفترة العصيبة لكنها بعد ذلك وجهت له رسالة بالابتعاد عنها بحجة أنه كان يستغل شهرتها ووصفته بأنه “إنسان غير سوي نفسيًا”.

رحلة محمد من عامل نظافة لباحث عن شريكة حياة

واستغل “محمد” صاحب واقعة كشري التحرير الأزمة القائمة بين “حسن شاكوش” وطليقته “ريم طارق” صاحبة السجدة الشهيرة يوم زفافها، ليفجر مفاجئته بعرض الزواج على طليقة شاكوش قائلًا “مش أهم حاجة الفلوس أهم حاجة العيشة.. ريم بنت ناس وبنت حلال.. هكمل معاها نص ديني .. وهأكون عوض ليها”، وسبق للسوشيال ميديا أن ضجت بخبر خطبة محمد لمذيعة بإحدى القنوات الفضائية وانتشار صور لهما ممسكين بيد بعضهما البعض، لكن المذيعة نفت هذه الأنباء، ثم تحدث عن وقوعه في حب مغربية من أول نظرة بعد أن خرجا في مقطع فيديو وهي تغني له مقتطف من أغنية “خد بالك عليا” لإليسا وطلب يدها أمام الجميع، لم يُنفذ محمد وصيتها الموجهة له من خلال الأغنية واختفت المحبوبة ولم نراها ثانية.

 

حياة زوجية كرتونية من مُخيلات “ياسمين عز”

أما صاحبة مصطلح الفرعون الكبير “ياسمين عز” ومبتكرة النصائح الخزعبلاية لحياة زوجية أفضل والتي لا فائدة لها على الإطلاق بل إنك تشعر بقدرٍ من السماجة لا مثيل له وأنت تشاهدها كمشاهدتك لفيلم الكارتون الذي قد ينال إعجاب أطفالك، أطلت علينا بنصيحة جديدة خارجة عن المألوف من أجل الترند تنصح فيها الزوجة بعدم وضع الطماطم والخيار متلاصقان في طبق السلطة “متحطيش الطماطم المؤنثة جنب الخيار المذكر كده غلط وعيب”، مدعيةً أن ما تقوله وفق دراسة تؤكد أن فعل ذلك يُحدِث نوع من أنواع النكد بالبيت لكنها لم تخبرنا أي دراسة عبقرية هذه التي درست الطاقات داخل البيوت التي مزجت الطماطم والخيار في وعاء واحد والبيوت الأخرى التي لم تفعل.

 

بعد متابعة مثل هذه “الترندات” هناك ما قد يثير فضول البعض بشأنها التي من الواضح أنه لا خلاص منها، فقد كان من المتعارف عليه مع بداية ظهور ثقافة الترند في بلادنا أن مدة رَوَاجه قصيرة، لا تتجاوز اليومين على الأكثر، لكن في الوقت الحالي لاحظنا تخطي بعض “الترندات” لهذه المدة وتظل في تصّدرها شهورًا كالنماذج التي ذكرناها، رُغم أنها لم تتميز بجلب نفعٍ أو ضرٍ للمجتمع بل إن أصحابها باتوا وكأنهم وجدوا ضالتهم في استغلال هذه “الترندات” في سبيل الشهرة، فبدأوا يطُلّون علينا من حين لآخر بقول أو فعل أكثر غرابةً من ذي قبل بهدف استقطاب عدد كبير من الجمهور، وهنا نكون أمام تساؤلات عدة:

 

– هل أصحاب “الترندات” أصبحوا على دراية بسيكولوجية الجماهير التي أفنى الباحثون من أعمارهم في تدارسها أم أن الجماهير باتت منقادةً يسيطر عليها الانسياق الجماعي؟

– هل باستطاعة كل ساعٍ للشهرة الوصول إليها من خلال السوشيال ميديا سواء باستغلال مشاعر الجمهور تجاه واقعة مر بها أو باختلاق أمور تُنْعت بالتفاهات لتثير تَعجُب المستخدمين وتجذب انتباههم؟

 

الوصول إلى كافة الجماهير هو الهدف الأسمى

بعد الإمعان والتفكير وبعد رفض عقلي فكرة قيام أصحاب “الترندات” وصانعي المحتوى بدراسة علم سيكولوجية الجماهير الذي تصل مؤلفاته إلى الآلاف، لاسيما وأن منهم مَنْ هم سيماهم على وجوههم من آثر الجهل، فتوصّلت إلى ما قد يكون سببًا مهمًا في هذا الانتشار الواسع لبعض “الترندات” وتصدرها لمدة زمنية طويلة في ظل تطورات العالم الرقمي وتوسع مجال التسويق الإلكتروني، وهو لجوء هؤلاء إلى زيادة عدد المتابعين والمشاهدات من خلال شراء الإعلانات الممولة والتي من دورها جذب انتباه المستخدمين سعيًا للوصول إلى شريحة أوسع من الجمهور، مع مراعاتهم خوارزميات كل موقع من مواقع التواصل الاجتماعي التي يطلُّون من خلالها، وبالتأكيد التركيز على نوعية المحتوى المُقدم بحيث يكون محببًا لجميع الفئات العُمرية والاجتماعية والثقافية.

ولم يكن تحديد ما يفضله الجماهير بالأمر العسير ولا يتطلب دراسة ميدانية؛ فإن كلً من أصحاب “الترندات” قد ينظر إلى نفسه وإلى من حوله فهم بذلك يمثلون مجتمعًا صغيرًا فيستطيع تعيين نوع المحتوى الذي يجذب انتباههم ويستدعيهم للمتابعة والتفاعل، وبالتالي يعم ذلك على المجتمع بأكمله.

إقرأ أيضا
عماد فاروق

سحر العواطف

وبما أننا بشر، فقد تحركنا المشاعر والعاطفة الجياشة أحيانًا، لذا فإنهم قد يلجئون إلى استخدام هذا الشعور الإنساني لتحقيق الانتشار من خلال سرد واقعة مؤلمة ومد الجمهور بكل ما يتعلق بهذه القصة؛ حتى وإن كانت تمس حياتهم الشخصية ليظلون في صدارة الترندات وتحت أنظار الجميع وبهذا يكونون قد حققوا المُراد.

المال مقابل المتابعات والمشاهدات

لكن البعض منهم يتعامل مع الجمهور كسلعة حيث يقوم بشراء المتابعين وزيادة عدد المشاهدات والتفاعلات مقابل مبالغ مالية كبيرة، تُقدم لأصحاب القنوات والمدونات التي حققت الانتشار الواسع، بل وصل الأمر إلى إنشاء مواقع تعتبر خدماتها الأساسية هي تقديم العديد من الباقات لشراء المشاهدات والمتابعات، وتختلف الباقات حسب ما تقدمه من زيادة في أعداد المتابعين أو أعداد التفاعلات وبالأساس تعتمد على الأموال التي يملكها المشترِ فكلما زاد المبلغ زادت الأعداد المُقدمة له من متابعات ومشاهدات مزيفة.

مساهمة المواقع الإخبارية في تصّدر “الترندات”

وكما أن أصحاب “الترندات” يسعون للشهرة، فبالمثل هناك بعض المواقع الإخبارية الإلكترونية تسعى لزيادة القراء والزائرين فلا تتوانى في نشر “الترندات” وكل ما أحدث ضجة بين رواد السوشيال ميديا، وبذلك تكون المعادلة متوازنة فعائد النفع يعود على كلاً من المواقع الإلكترونية وأصحاب “الترندات”، لكن وللأسف يظل الجمهور هو الضحية فإن كل هذه الأخبار والفيديوهات والمنشورات تلقى عليه رغمًا عنه شاء أم أبى.

في النهاية أرى أن المتابع لابد وأن يكون متعقلًا، لا يهدر ماله ووقته في التفاهات أو أخبارًا لا تجلب له النفع، ويكون سببًا في انتشارها بهدف الترويح عن النفس ونسيان هموم المسئوليات الملقاة على عاتقه، وإن لم يكن سيشاهد مثل هذه الترهات بعين الناقد موضحًا سلبيات هذا الأمر على المجتمع فإن الحل الأمثل هو المقاطعة.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان