رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
228   مشاهدة  

عن مافيا الإحباط على مواقع التواصل الاجتماعي وتعكير المزاج المصري

المزاج المصري
  • كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



لا يمكن أن تطلب من رجل محاصر أن يتفائل بالغد، ويحلم بأن الشمس ستشرق مجددًا، سيذهب الأطفال للمدارس، وتحمل الفلاحات قِرَب اللبن فوق رؤوسهن، وستفوح رائحة العجين من الفُرن، وتهز الكلاب ذيلها دليلًا على المزاج العالي النائج عن الطمأنينية النابعة من الحالة العامة .. لا يمكن أن تطلب من رجل محاصر أن يرى ما دون قدميه، أن يرى نصف الكوب (المليان) .. فقط كل ما يمكنك أن تطلب منه أن يحاول التخلص من حصاره .. وقبل أن يتخلص من هذا الحصار يجب أن يدرك جيدًا أنه محاصر، ونحن أيها السادة محاصرون !

 

لا اتباعًا لنظرية المؤامرة .. فالمؤامرات تحدث في الخفاء .. نحن هنا نحدثك عن مادة إعلامية تدخل على مدار الساعة بالدماغ المصرية رأسًا على رؤوس الأشهاد  .. أطنانًا وأكثر من الفيديوهات القصيرة (الريلز) والفيديوهات الطويلة التي تجعل من أكثر الأشخاص ابتهاجًا كومة سوداء من النَكد متكوّرة حول نفسها .. نظرة سوداوية على الدوام وطاقة تضخ بالقلب الآلام قادران أن يخلقا حالة عامة من العمى والخلل في التقدير فلا يستطيع (المريض) هنا التفرقة بين السلبي والكارثي، والصعب والمستحيل، والإيجابي والوردي .. ويتحول المُحاصر إلى ظاهرة صوتية حانقة تؤثر بدورها على المجموع وكذا تنتشر حالة النواح والعويل فلا تستطيع حتى الحديث مع هذا أو ذاك لشرح الحالة أو التفاهم بشكل عام .

 

نحن هنا لا نحدثك عمن هم مفضوحون باستهداف الأمل المصري وهم معروفون للجميع، نحن هنا نحدثك عن صفحات متعددة وأغلبها ما يحمل اسمه شكلًا من الرومانسية التي تدغدغ مشاعر الشباب، وصفحات أخرى تبدأ كصفحات متخصصة في الطعام والتذوق بشكل عام ثم تكشف عن وجهها وتدس السم تارة وتكشف عن وجهها بشكل فاضح تارة أخرى لكنها في العموم تستهدف عقول ربات المنازل وهي الفئة العماد في أغلب المنازل المصرية .. تستخدم تلك الصفحات نظام اللصق والتقطيع وإفراغ الأحداث من زواياها المتعددة واستخدام المؤثرات الموسيقية التي تدخلك في حالة من الأرق واستجلاب الحزن واجترار حالة اللا أمل ..  حتى وإن لم تجد تلك الصفحات من الأحداث ما يصلح للعويل فإنها تستخدم بشكل آلى مواد قديمة من الأزمات فتعيد إحياء تلك الحالة لتستمسك بحالة النكد العام وعدم إفساح المجال للفرحة أو حتى الهدوء أن يدخلان القلب والعقل فيسمحان لصاحبهما أن يفكر بشكل منطقي وعقلاني وسليم،  وكذا الفخاخ اليومية التي تستعصي على أكثر المتخصصين في تفكيك هذا الطلسم الملتصق كخفاش على المخ والروح .

 

ملايين الإعلانات الممولة التي تروج لعبارات تبعث على الكآبة لا التفكير في الحلول .. بينما تغتال اللجان الإلكترونية كل من يحاول زراعة الأمل أو النظر بعين غير العين التي تكسوها غبار السوشيال ميديا الذي تبدأ عاصفته عن عمد وتُترك تطوارته اعتمادًا على حالة العويل العام .. بالظبط كما يحذر الخبراء في لحظات الزلزال .. فإن أغلب حالات الموت في الزلازل تكون بسبب الهلع وعدم التنظيم للخروج الآمن فيهرع الجميع فيدوس البعض البعض وتنفجر الحالة بدلًا من الخروج منها بأقل الأضرار .. فيا أيها السادة المصريين لابد أن نسأل نفسنا قبل الاقتناع بأي ما يُلقى لنا على تلك المواقع : من الناشر؟ .. هل هذا الكلام صحيح بالكامل؟ .. ما توجهات الناشر؟ .. لماذا نشره الآن تحديدًا؟ .. لماذا لا ينشر وجهات النظر الآخرى؟ .. هل حقًا الواقع أسود وأبيض فقط أم أن المنطقة الرمادية هي الأقرب للحقيقة كما هو حال الدنيا كلها تقريبًا؟ .. لماذا يستخدم هذا الأسلوب “التكنيك” في مواقع التواصل الاجتماعي المصرية فقط بينما هناك دول تعاني من عدم وجود دولة بالأساس ولا تجد كل هذا التكثيف من المواد الإعلامية التي كفرت بالأمل وتراسلك من قلب الخراب ؟ .. أيها السادة .. إنه حصار الدماغ .. فاخرجوا من الحصار !

 

إقرأ أيضا
الشعب الفلسطيني

 

الكاتب

  • المزاج المصري محمد فهمي سلامة

    كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
1
أغضبني
1
هاهاها
0
واااو
1


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان