همتك نعدل الكفة
157   مشاهدة  

واحد تضامن وصلّحُه!

تضامن
  • كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



الكلام ليس موجّهًا للاعب ليفربول وكابتن منتخب مصر التاريخي، محمد صلاح، الكلام موجهًا لهؤلاء الذين لا يريدون لتمثالًا أن تحدشه أظافر النقد، وتفننوا في صناعة هالة مقدسة، لا حول زعيمًا مثلًا أو مناضلًا، كما جرى الحال منذ بداية البشرية .. إنما حول لاعب كرة قدم. وأرجوك عزيزي القارئ لا تتهمني بالتقليل من شأن كرة القدم والقوى الناعمة عمومًا، فالمسألة هنا مقلوبة عن حقيقتها تمامًا، فهناك من يزايد بكرة القدم حتى إنه وضع محمد صلاح في منزلة هو نفسه لم يسعى لترويج نفسه من خلالها، فـ “المو” لاعب كرة قدم حدث أن عاش أيام مشرقة وأيام كاحلة في مسيرته، وحدث أن أخطأ واعتذر، وحدث أن أخطأ ولم يعتذر، وحدث أن بالغ في تواضعه حتى ظُلم، وحدث أن تغيرت شخصيته للأفضل في مناحي وللأسوأ في مناحي أخرى .. لكن الشئ الوحيد الذي لم يحدث هو تغير نوعية العلاقة بين محمد صلاح وجماهيريه، فقد كان دستور هذه العلاقة منذ اليوم الأول قائمًا على مادة عريضة تقول : إنه بشري ونحن بشر .. وهي العلاقة التي امتدت لعقد من السنوات تقريبًا، دون أن نضع فيها محمد صلاح في منزلة القداسة ولا يستخف هو بآراء جماهيره ولا يجعلها كحد السيف الذي يشتته في آن واحد.

 

 

وتأخر محمد صلاح في إعلان موقفه في مسألة دعم غزّة، حتى أن قال كلمتة التي فسرها البعض على إنها ذات طابع مائع، ممسكًا فيه العصا من المنتصف، وهو ما لم يعكس نبض جماهيره العربية والتي تُحاصر إعلاميًا وترغب في أن تبرز قضيتها عبر فاترينه عالمية شاركت في صنعها يومًا بعد يوم، ودعمًا بعد دعم، لكنه – كما يرى البعض- قد آثر السلامة في كلمة تناسب الخوارزميات .. ولكن الإشكالية الحقيقية ليست في كلمة صلاح أو عدمها .. الإشكالية الحقيقية في رد فعل من دعموا صمته في المرحلة الأولى من القضية، فها هُم الآن يصرخون في وجه الجماهير الغاضبة من مستوى الكلمة أيضًا مطالبينهم بالصمت، وفي مطالباتهم هذه استئثار بمحمد صلاح نفسه، فلاعبنا الكبير ليس ملكًا لمجموعة بعينها تصنع حوله شكلًا من أشكال الدعم المتطرف عبر لجان إلكترونية، صلاح نفسه في غنى عنها.

 

تعرض محمد صلاح منذ أن بدأت مسيرته لحملات –ولا يزال- من التيار المتشدد الديني، والذي كان يريد وضع محمد صلاح في تلك البوتقة، وبمجرد توجّه محمد صلاح –مصريًا-  عَلَت موجة الحملات حتى إنهم انتقدوه في كل تصرفاته التي تصب في مصلحة السياحة المصرية والانتماء الواضح للهوية المصرية دون بصمات التيار المتشدد .. وكل مرة تعرَّض فيها محمد صلاح لتلك الهجمة لَقَي دعمًا كبيرًا من جماهيره دفاعًا عنه حتى إنهم صنعوا حوله سياجًا حديديًا من الدعم منع براثن المتطرفين أن تصل إليه .. لكن الخطيئة الكبرى التي ظنها “مهاويس صلاح” أن جماهيره الحقيقية سوف تسير خلف مواقفه مغمضين الأعين، وأن صلاح أكبر من النقد، وفكرة أن تمنع تيار المتشددين من المزايدة هي فكرة مستحيلة لأن هذه مهنتهم الممولة من مُختلف الأفاعي، لكن أيضًا لا يمكن ألا نقوّم ابننا خوفًا من أن نبدو من المتشددين، والأيام وحدها سوف تفرز من كان يهاجم صلاح عن عمد ومن كان يهاجمه هجومًا منطقيًا مؤقتًا .. لكننا لا نحتاج لمرور الأيام حتى نسلط الضوء على ظاهرة “كتائب صلاح”، والتي اتهمت جمهوره بعد مواقفه الثلاثة حبث بدأت بالصمت التام عن قضية غزة، ومرة بالتبرع لأهل غزة، ومرة بالحديث عن موضوع غزة، فاتهمت “الكتائب” -التي هي ليست من صنيعة صلاح لكنها من صنيعة من يرنو للاستئثار بصلاح- جمهوره مرة بالفشل، ومرة تساءلت “عايزين منه ايه؟”، ومرة أخيرة بأن “اخرسوا” حتى إنهم ابتذلوا تضامن صلاح مع أهل غزة واختصروها في أنه “عمل اللي عليه”، على طريقة (واحد تضامن وصلّحُه)!

إقرأ أيضا
محمد رشدي

 

الكاتب

  • تضامن محمد فهمي سلامة

    كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
2
أحزنني
0
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
1


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان