رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
838   مشاهدة  

إذاعة القرآن الكريم ..هل هي مقدسة؟

محمد أشرف


منذ  انتشر مقطع لفنان الستناد أب كوميدي محمد أشرف وهو يقدم فقرة عن إذاعة القرآن الكريم ويسخر فيها من أداء العاملين بها من المذيعين، ومنذ نشر هذا المقطع علت أصوات تطالب بتقديمه للقضاء بتهمة إهانة إزدراء إذاعة القرآن الكريم وكأن العاملين فيها من الصحابة والتابعين؛ فهل إذاعة القرآن الكريم مقدسة؟ وما هو سبب تلك الهالة من القدسية التي أضفيت عليها؟.

اقرأ أيضًا 
“إذاعة القرآن الكريم” أن تتذوق الإسلام بالمصري عبر مذيعين لكل واحد منهم حكاية

أُنْشِئَت إذاعة القرآن الكريم سنة 1964 لعرض تلاوات كاملة من المصحف برواية حفص عن عاصم، بعد صدور نسخة مصقولة مذهبة محرفة من القرآن، وبعد اكتشاف هذه النسخ المحرفة تم جمع القرآن كله بصوت الشيخ الحصري، وتم إنشاء الإذاعة بعدها لحفظ القرآن من التحريف.

الشيخ الحصري في الإذاعة
الشيخ الحصري في الإذاعة

إذًا هي في الأصل إذاعة متخصصة للحفاظ على القرآن من التحريف، ومع مرور الزمن ظهر فيها البرنامج الإذاعي، والذي يعد أساس أي محطة إذاعية أم تلفزيونية، وبالطبع بما أنها إذاعة موجهة فستكون كافة برامجها حول الشأن الديني، وضيوفها إما من علماء الأزهر الشريف أو كلية أصول الدين أو أئمة الأوقاف.

السخرية الهدف منها تضخيم العيوب من أجل إعمال الفكر، وفن الستاند أب كوميدي هو فن ساخر تفاعلي بين مقمده والجمهور وله رواده ومشاهيره العالميين مثل داريو فو.

محمد أشرف في فيديو إذاعة القرآن الكريم
محمد أشرف في فيديو إذاعة القرآن الكريم

ما قدمه الفنان محمد أشرف هو السخرية من الشكل الإذاعي للمحطة، فلكل محطة شكلاً في أداء مذيعيها، يجعل المستمع يعرف ما هي المحطة التي يستمع لها حتى لو يستمع للتنويه، أقرب مثال لهذا إذاعة ال bbc والتي بمجرد سماع أداء مذيعيها نعرفها، فاللغة العربية السليمة بأداء رصين هو بصمة إذاعة القرآن الكريم.

اقرأ أيضًا 
“فيروس التلاوة الخليجية للقرآن” كيف يمكن انتشال دولة القراء المصرية من الهاوية ؟

النقد هنا وجه لنطق اللغة العربية، وللأسلوب، أنا شخصيا لم يعجبني السخرية من اللغة العربية، فالنطق السليم ليس عيبًا نحتاج لتضخيمة، بل إن عدم النطق السليم هو العيب، أما السخرية من الأداء فهي عادية ومقبولة، الأهم هل كان الفنان يعي فكرة الآداء الإذاعي لكل محطة؟.

إن ما يحتاج للنقد الحقيقي للمحطة، هو ما يقدم فيها من برامج ثابتة لا تتغير جعلت المحطة متحجرة بشكل كبير، وغير مواكبة للعصر، ولولا التلاوات المميزة فيها لكانت غير مسموعة.

من أشكال النقد الموجه لها خفوت الصوت النسائي بها، فلم نسمع فيها إلا لصوتين نسائيين لفاطمة طاهر، وهاجر سعد الدين، فالصوت الذكوري هو المتسيد وكأن وجود المرأة هنا عورة.

أيضا عدم وجود أية فواصل موسيقية بين البرامج والتنويهات، وكأنهم يطبقون تحريم الموسيقى بشكل عملي، حتى الابتهالات الدينية المصحوبة بالموسيقى لكبار المبتهلين مثل محمد الطوخي، ومحمد الكحلاوي لا وجود لها على خريطة المحطة.

جزئية أخرى تستحق التأمل هو انتشار الأحاديث ذات الإسناد الضعيف فيها مثل حديث من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له، وحديث اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين.

أجزاء الترغيب والترهيب
أجزاء الترغيب والترهيب

فهذان الحديثان وغيرهما يتم تداولهما من كتاب الترهيب والترغيب للمنذري، والذي جمع فيه الحافظ عبد العظيم المنذري أحاديث الثواب والعقاب في فضائل الأعمال وسيئها، والكتاب به الكثير من الأحاديث الضعيفة، والسلفيين يحذروا مثلا من هذا الكتاب، لأنهم يهتموا بالإسناد أكثر من المتن، في حين أن الإخوان يهتموا به بشدة ووضعوا له بعض المعايير والتي أشرف عليها القرضاوي، وأصدروا كتاب المنتقى من الترهيب والترغيب، في حين أن هناك نسخة منقحة من الألباني اسمها صحيح الترهيب والترغيب، كتاب كهذا يلجأ إليه أغلب الأئمة على المنابر، يتم استخدام أحاديث مضعفة فيه لم ترد في الصحيحين مثلا، في الإذاعة دون أي محاولة لإعادة قراءته، بل يؤخذ مافيه باعتباره كتاب تراثي ويتم عرضه على المستمع دون حتى ذكر اسناده، مع اليقين الدائم للمتلقي المصري أن كل ما يذاع في إذاعة القرآن الكريم صحيح.

اقرأ أيضًا 
“مش عورة”.. حكايات نساء تربعن على عرش التلاوة في مصر

إقرأ أيضا
الخيانة

أيضا لا توجد أي تلاوات نسائية في الإذاعة، وكأنها حرام، مع أن هناك مقولة أن صوت المرأة عورة إلا في تلاوة القرآن، والتاريخ المصري فيه تلاوات نسائية ومسجلة ومحفوظة.

هناك العديد من النقاط التي كان ممكن السخرية منها في محتوى المحطة، فهي ليست محطة مقدسة، وماحدث من لغط حول اعتبارها خط أحمر هو نوع من الترهيب، لا يعمل على التقدم، بل على التحجر والتكلس وعدم مواكبة العصر.

منذ عدة سنوات قدم أحد الأشخاص أوتوبيس القراء وقلد بحنجرة ذهبية كبار القراء وكأنهم في أوتوبيس، ولم يتم اتخاذ إجراء ما معه، ولم يستفد أحد من هذه الحنجرة بشيء.

إن إضفاء قدسية على محطة إذاعية متخصصة ـ حتى ولو في الشأن الديني ـ هو شيء معيب ويكشف أن المحطة ليست متحجرة الفكر، بل الإنسان المصري هو متحجر الفكر.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
4
أحزنني
0
أعجبني
1
أغضبني
1
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان