رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
822   مشاهدة  

الإتجار بالبشر تحت غطاء الـ”فلوجرز”.. مسلسل “رشيد” يدس السم في العسل

الإتجار بالبشر
  • صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.

    كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال



شغلت أزمة اتهامات الفلوجرز بالإتجار بالبشر الرأي العام في مصر لفترة طويلة، وإن كانت القضية رحلت عن أذهان المصريين منذ فترة إلا أنها تتوسع في العالم العربي، حيث اتخذت دولاً مثل العراق خطوات قانونية لملاحقة ما صنفته بالمحتوى الهابط. في سياق متصل لفت مشهد من مسلسل رشيد الانتباه بتأصيله لاستخدام الفلوجرز كغطاء لممارسة أعمال الدعارة، الأمر الذي قد يعتبر ترويجًا لمفايهم خاطئة تحرِّض المجتمع ضد فتيات أقل شأنًا من تلك الجرائم.

لا يزال مسلسل رشيد متمسكًا بالمركز الرابع على موقع شاهد في قائمة الأكثر مشاهدة، قصة من التشويق والإثارة وجدت رواجًا بين الجمهور بعيدًا عن جدل الترندات. العمل من بطولة محمد ممدوح في شخصية رشيد وريهام عبد الغفور بدور أسماء، خطيبة البطل التي تلقى مصيرًا سيئًا بعد سجنه ظلمًا في قضية قتل ليلة فرحهم.

اقرأ أيضًا

مسلسل “رشيد” قصة خيانة وانتقام عن رواية فرنسية من القرن الـ19

في سياق الأحداث يلتقي رشيد بأسماء بعد هروبه من السجن ليجدها شخص آخر، الفتاة الساذجة بمظهرها البسيط التي عرفها تحولَّت إلى صاحبة مركز تجميل تبدو كعارضة أزياء، تعيش حياتها متنقلة بين الأزواج. وهو ما اتضح فيما بعد أنَّه غطاء لممارستها أعمال الدعارة بعد تعرفها على “منيرة” هانم، صاحبة نشاط واسع للإتجار بالفتيات داخل وخارج مصر.

بعد هروب رشيد من السجن تحاول أسماء التخلص من حياتها القديمة وعلاقتها بمنيرة؛ لكنّ الأخيرة ترفض بشدة وتهددها بنشر مقاطع فاضحة لها. في البداية ترضخ خوفًا من الفضيحة ثم تلجأ لرشيد الذي يخلِّصها من منيرة، بعد اختطافها وتهديدها بأبنائها مقابل ترك أسماء وشأنها.

تماشيًا مع طبيعة النشاط تظهر أسماء في أحد مشاهد الحلقة الـ13 تشرف على فتيات أخريات أصغر سنًا، يظهر من حوارها مع إحداهن أنَّها فلوجر شهيرة، تستخدم شهرتها على وسائل التواصل لاستقطاب الزبائن. المشهد لم يستمر أكثر من دقيقة أوضح خلالها أنَّ الفلوجر تعمل مع أسماء بالتهديد تمامًا كحال أسماء مع منيرة، كما أشار إلى أنَّ شهرة الفتاة نتيجة لحملة دعاية لحسابها مولتها أسماء من أجل الشغل. 

الخلط بين الإتجار بالبشر والمحتوى التافه

من البديهي أن يربط الجمهور المشهد بتهم وجِهَت إلى عدة فتيات في مصر بالإتجار بالبشر، بناءً على نشاطهم على مواقع مثل (تيك توك، لايكي) والخروج في بث مباشر للتحدث مع المتابعين والحصول على دعم مادي منهم، ناهيك عن الإعلانات التي تدفع لهم المنصة عليها.

الأمر الذي أثار جدلًا في مصر على مدى شهور حول حقيقة تورط تلك الفتيات في أنشطة منافية للآداب، وانقسام الرأي العام حول قصدهم خوض نشاط غير قانوني يمكن تصنيفه على أنه إتجار بالبشر. ثم جاءت قرارات قضائية بحبس عدد منهم على خلفية عدة اتهامات أخرى، وهي أحكام باتَّه بالسجن عدة سنوات اختلفت من قضية لأخرى. تلك القضايا لم تقتصر على مصر فقط بل شهدت بلادًا أخرى وقائع قبض على فلوجرز، أبرزها العراق حيث أوقفت الشرطة عدة فتيات بتُهم خدش الحياء ونشر المقاطع الفاضحة، ثم صدرت لاحقًا أحكام حبس بحقهن.

الاعتراض على أحكام القضاء أمر غير مقبول ولا يمكن تشجيعه، كما لا يستطيع أحد أن يقرر بشكل قاطع إذا ما كانت تلك الفتيات قصدن استغلال أجسادهن وفتيات أخريات؛ أم أنهن مجرد مراهقات جذبتهن الشهرة والأموال نحو مستنقع لم يعلمن مدى ضحالته. التهمة ثبتت عليهن بالقرائن لكنَّ القصد أمر لا يمكن للقضاء البتّ فيه، فالعدالة لا تتقرر بناءً على النيَّات.

اقرأ أيضًا

حسن مالك في مسلسل “رشيد”.. وجه هادئ أقنعنا بدور جامايكا تاجر الأعضاء

إقرأ أيضا
المعبر

ترويج المسلسل لفكرة الفلوجر التابعة لشبكة دعارة غير لائق، وقد يعد ظلمًا بحق الفتيات المدانات وغيرهن من المعرَّضات لهياج الرأي العام ضدهن في أي لحظة. في حين تنتشر الحسابات التي تستخدم السوشيال ميديا لتلك النشاطات بالفعل بشكل فج، يعتبر البعض الرقص وارتداء ملابس لا توافق هوى المجتمع نوع من الدعارة. 

من البديهي أن السيطرة على المحتوى المتداول بين عشرات التطبيقات أمر مستحيل، حتى دولًا مثل الولايات المتحدة لا تستطيع ملاحقة كل المخالفات الإلكترونية بين مواطنيها؛ إلا أنَّ المتابع يدرك جيدًا الفرق بين الإتجار بالبشر والحسابات المخلِّة بالآداب وغيرها من المحتويات العادية. 

إطلاق الحكم من خلال مشهد في مسلسل من شأنه أن يسحب الجمهور نحو ترسيخ فكرة خاطئة، الفلوجرز الذين يتابعهم مئات الآلاف من المستخدمين قد يصنفوا في قائمة الإسفاف؛ لكنَّ الجرائم المنظمة نمط آخر من الخطأ توريطهم فيه. 

في النهاية المتابع وحده هو من يقرر كيف يوجه زخم المشاهدات، وعلى خلاف المنتشر لا يمكن إنكار قدرته على التمييز أو فرض الوصاية عليه. لا يحتاج الجمهور لمزيد من التأليب نحو الفلوجرز خاصَّة الفتيات باعتبارهم مجرمين، في الوقت نفسه الذي يتم التغاضي فيه عن حسابات يبدو للأعمى تورطها في جرائم التشهير أو الآداب. 

الكاتب

  • إتجار بالبشر إسراء أبوبكر

    صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.

    كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
1
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
1


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان