همتك نعدل الكفة
538   مشاهدة  

التضامن مع فلسطين بين حرفنة باسم وحنجورية حمدين

التضامن مع الفلسطينيين
  • شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



من البداية أحب أوضح أني متعاطف مع الشعب الفلسطيني وقلقان على حياة أصحابي وحبايبي اللي هناك دلوقتي ومؤمن بعدالة القضية الفلسطينية، رغم أني مش عربي، ولا مقتنع بشعارات فلسطين عربية والقدس إسلامية.. إلخ، لكن الشعب ده صاحب حق أصيل في الأرض دي ومن حقه تمامًا يعيش عليها حياة كريمة بكامل حريته.

زمن البلوك ع الهوية

أتعودنا في كلامنا ع التشنج والاستقطاب والرغبة العارمة في التصنيف ثم شد الشعور، وصولًا للي سيمته “البلوك ع الهوية”، ماحدش عايز يسمع حد قبل ما يعرف هو معاه ولا عليه. مفهوم طبعًا إن ده “ديفينس نفسي” ضد احتمالية الاقتناع بكلام أو الإعجاب بمنطق ما، ثم أكتشاف إن المتحدث مش معانا في نفس المعسكر.

وبما أني بدأت المقال بتلبية مطالب حروب السوشيال ميديا ومحاكم التفتيش بتاعتها، فتعالوا بقى نقلب الشراب، وأنا اللي أفتيش في نواياكم وأفعص في توجهاتكم وأمحص في مدى تطابقها مع الشعارات المنتشرة حاليًا تحت أربع يفط كبار، هنعرفهم كمان شوية.

تعاطفًا مع غزة.. والكيل بمكيالين

سنة 2008 وأثناء ماتش منتخبنا ومنتخب السودان، كل المتفرجين في الملعب والتليفزيونات شافوا المشهد الأيقوني لأبو تريكة، لما جاب الجون التاني لمنتخبنا، وهو رافع تيشيرت المنتخب على وشه عشان يظهر تحته تيشيرت تاني مكتوب عليه “تعاطفًا مع غزة”، في إعلان لموقفه من القصف الجوي لغزة وقتها، خلال عملية سماها جيش الاحتلال الرصاص المصبوب.

وقتها تريكة خد إنذار والاتحاد الأفريقي وجه له لفت نظر، قال إيه.. الفيفا مانعة الشعارات السياسية في الماتشات.

مش هيختلف معايا ناس كتير إن الفيفا بالويفا بغالبية الأندية الأوربية بيكيلوا بمكيالين، لما 2008 تهدد تريكة عشان تيشيرت ودلوقتي قربت تكهرب اللعيبة اللي أعلنوا على حسابتهم الشخصية تضامنهم مع الفلسطينية، على أساس إن اللي فات سياسة لكن أعلام أوكرانيا اللي في كل ملاعب أوروبا وحملة التضامن العالمية وحظر الأندية والمنتخبات الروسية ده كله رز بلبن مش سياسة.

YouTube player

لكل فريق مكاييله

الكييل بمكيالين مش حِكر على الويفا والفيفا ولا حتى المنظومة الكروية ككل، الموضوع وصل حاليًا إن مؤسسة زي BBC تفتش ورا موظفيها وتعاقب اللي يتضامن فيهم مع الفلسطينيين.

على الناحية التانية فالمعتزل تريكة ومن خلفه جمهور المتضامنيين مع القضية الفلسطينية برضك بيكيلوا بمكيالين، ويمكن تلاتة، فالإنسان مايبقاش قادر يفهم همه بيتضامنوا مع الفلسطينيين من أي منطلق أو تحت أنهي يافطة، عشان بشر مظلومين ومستضعفين؟ (الإنسانية).. ولا عشان عرب؟ (انحياز قومي).. ولا عشان مسلمين؟ (انحياز ديني).. ولا عشان شعب مُحتل؟ (موقف سياسي)، ولا كل ده قشرة براني، وكل الحكاية إنهم بيكرهوا اليهود تحديدًا أو بيحددوا موقفهم التضامني مش حسب الموقف ولا حسب الضحية، إنما حسب شخصية الجاني.. (انحياز سلبي).

بشر.. عرب.. مسلمين

التوصيفات التلاتة تنطبق على الشعب اليمني اللي بتتدك بلا هوادة من 2015 تحت اسم عاصفة الحزم، لما اليمنيين قربوا ينقرضوا، مع نهاية 2022 مات حوالي عشرتلاف طفل يمني، واللي يفلت من الرصاص عليه يواجه المجاعة والأوبئة المنتشرة نتيجة الانهيار شبه الكامل في البنية التحتية بسبب الحرب، والأحصائية عن الأطفال فقط.

التضامن مع الفلسطينين
المجاعة في اليمن

السودانين برضك بشر وأغلبهم مسلمين وفيهم عرب، وخلال سِت أُشهُر – وحسب أقل تقديرات – مات منهم حوالي عشرتلاف إنسان ونزح أكتر من أربعة مليون وهرب بره البلد قيمة مليون، وده يادوب في أخر حرب، اللي أتشهرت عشان وصلت العاصمة، لكن ده واقع متكرر في مناطق الغرب والجنوب ع الأقل من بداية الألفية، وأعداد الضحايا وكم الفظايع الحاصل.. واللي حصل في كل الحروبات السودانية يكفي الجنائية الدولية شغل متين سنة قدام.

السودان حاليًا عايش كارثة إنسانية بكل المقاييس، القصف استهدف محطات المية والكهربا، أما المستشفيات من أول لحظة الفريقين بيتخانقوا على مين يستولى عليها ويجعلها نقطة ارتكاز له، فأوتومكاتيك التاني يحاول يدمرها ويستهدف الكوادر العاملين فيها. ده غير حرق القرى في دارفور، واغتصاب نسوان وبنات قُصَّر في الشوارع، وخطف ولاد مراهقين وأطفال وإجبارهم على حمل السلاح.

وحسب التقرير الرسمي المبعوث الأممي إلى السودان، فولكر بيرتس: النزاع في السودان أدى لتدمير البنية التحتية لجميع المدن.

إيه الفرق؟

رغم تشابه الحالة الكارثية، على مستوى تدهور الوضع الحياتي وجرايم الحرب أو حتى طول أمد الأزمة، كمان متشابهين في “يفط” الانتماء: (بشر، عرب، مسلمين، مستضعفين).

ليه مافيش رُبع اللي حاصل حاليًا حصل مع باقي الحالات؟ ولا حتى وكوارثهم لسه طازة، ماسمعناش مثلًا جمهور كورة شتم قتلة الشعب اليمني المُعلنين أو ممولي حرب السودان رغم إنهم معروفين، ولا الجماهير الغفيرة قررت تطارد أبو صلاح عشان لازم يعلن موقفه من الحرب وكإنه عمل شيفت كارير من ورايا.

ماشوفناش مظاهرة واحدة خارجة تدد بالقتلة المعلومين للجميع، ولا حد هاجمهم أو طالب بسحب السفراء وقطع العلاقات الدبلوماسية، دفاعًا عن الإخوة المسلمين هناك. بالعكس ده الأغلبية مع أول تريند جديد شال الفيشة.

هل لإنهم فلسطينيين؟

قد يزايد أحدهم، ولو من باب الألش، ويقول إننا متضامنين معاهم عشان همه فلسطينيين تحديدًا، برضك سيدي المُزايد مش هتظبط، وأقولك ليه.

فاكرين مشهد تريكة الأيقوني في 2008، بعده بشهور جماعة مسميين نفسهم أنصار جند الله شايفين نفسهم أكتر إسلامًا من حماس، خرجوا يوم جمعة ورا قائدهم أبو نور المقدسي يصلوا الجمعة في جامع ابن تيمية برفح الفلسطينية، وطلع أبو نور خطب في الناس يعلن تأسيس ولاية غزة الإسلامية ودعا المسلمين الصالحين ينضموا له. فحماس ماسكتتش وبعتت الرجالة بالسلاح، خلال المعركة ونتيجة القصف الحمساوي الجامع أتهد ع اللي فيه، وقضوا ع الفتنة في مهدها.

YouTube player

والقرضاوي كمان ماسكتش، إنما برر موقف حماس، ولو الصحفي قرص عليه شوية كان ممكن يشبه هنية باليزيد لما هدوا الكعبة على دماغ عبد الله بن الزبير.

إنما تريكة وباقي المتعاطفين سمعونا سلام صرصور الحقل.

YouTube player

المساواة في التضامن عدل

مليون حد هيقول: (دي خلية إرهابية ولابد التعامل معاها بالشكل ده)، تمام.. بس اللي يقول كده مايصحش يكون بيدافع عن حقوق الإرهابيين في مصر.

التضامن مع الفلسطينيين
عادل إمام في مسرحية الزعيم

إنما الناس المحترمة اللي شايفاهم الأتنين زي بعض.. فتعالوا نستعرض موقف الشعب الفلسطيني الشقيق بقطاع غزة كان وقته في أمس الحاجة للتضامن وتوصيل صوته للعالم، لما المئات سنة 2014 كانوا بيتخطفوا ويحتجزوا في سجون سرية وعشرات منهم أتعدموا خارج القانون، بس مش على أيد قوات الاحتلال.. إنما بمعرفة أفراد حركة حماس. الأحداث دي تم رصدها في تقرير صدر سنة 2015 عن منظمة العفو الدولية.

وحتى من كام شهر فاتوا الشعب اللي بتتم إبادته حاليًا وقتله بمنتهى الوحشية على أيد قوات الاحتلال، كان أفراده بيتضربوا ويتسحلوا في الشوارع على أيد قوات حماس، لإنهم أتجرأوا وخرجوا (لتاني مرة بعد 2019) في الشوارع يحتجوا ع الوضع الاقتصادي ويقولوا لقادة حماس: بدنا نعيش مثل ولادكم.

أسطورة الموقف الموحد؟

قد يتصور البعض إن عندي طرح مختلف أو معارض للتضامن مع الفلسطينيين، أبسلوتلي، كل الحكاية هي تأمل مشهد عام يبدو إن اللي فيه متفقين لكن في الحقيقة هم مش كده خالص، حاجة أشبه بالملايين اللي اجتمعوا تحت شعار “ارحل”، كلهم كانوا ضد مبارك.. لكن كل واحد منهم عنده تصور مختلف عن البديل، والبعض ماكنش عنده أصلا.

فلو عايز أقول حاجة مغايرة للمشهد السائد، فهي إن مافيش حاجة اسمها موقف موحد من قضية ما، عايز أستفز كل حد إنه يسأل نفسه: (أنا متضامن مع الفلسطينيين ليه؟)، ويدور ع الإجابة جواه.. مش في أي حتى تانية، ولما يوصل لها هو حُر بقى في التعامل معاها، يعدلها.. يثبتها.. يغيرها.. يطورها.. إلخ، بس الأكيد مش هيتخلى عنها.. لإنها قضية عادلة وهو إنسان محب للعدل، كل الاختلاف إنه هيبقى فاهم مش حافظ.. بالتالي بوصلة تضامنه هتبقى شغالة طبقًا لمعايير هو فاهمها كويس، باختصار ينقل تضامنه من خانة الإنتماء لخانة القناعات.

الفرق كبير

التفكير ده مش ترف، لإن الفرق كبير بين أسباب التضامن سالفة الذكر، زي ما أسباب رفض مبارك كانت متعددة، بالتالي لما مشي كانت النتيجة وصول أكتر فصيل كاره للحرية للحكم باسم ثورة خرجت تهتف بالحرية.

إقرأ أيضا
العصمة

والمشهد الحالي فيه مثال رائع يبلور حجم الفرق الرهيب بين معسكر التضامن مع الفلسطينية، يتمثل في رد فعل حمدين صباحي وباسم يوسف بعد قصف مستشفى المعمداني.

الحنجورية المؤذية

موقف حمدين يمثل أزمة العروبيين، بداية من البوصلة الخاطئة، فبدل ما يتظاهر عند القاتل يتظاهر عند داعم القاتل، طبعًا موقف الطرفين مُدان.. بس اختيار المكان فارق، لإنه بيمثل في عمقُه الرؤية الإسلامية الساذجة “أمريكا رأس الشيطان”.

مرورًا بحنجورية غير فاعلة، ماقصدش عدم جدوى التظاهر، إنما أن الفعل السياسي الرافض مُنطلق من حنجورية تاريخية ضد العدو ده تحديدًا، فحمدين وزمرة القومجية، ماحدش فيهم تظاهر قصاد سفارة أي دولة مشاركة في الحرب ع اليمن، أو ممولي حرب السودان، أو حتى الدفاع عن الفسلطينية من بطش حماس.

حنجورية بتفرقع شعارات في الجو من حوالي قرن، وكل مرة العدو بيحول الشعارات دي لغطاء يبرر لجيش الاحتلال التوسع أكتر وأكتر بحجة الخوف وتأمين نفسه، من سكة: سنلقي إسرائيل في البحر، أو خيبر خيبر يا يهود.. جيش محمد سوف يعود.

حبيب السفاحين

حمدين داعم لنظام الأسد قاتل الشعب السوري، وقال شِعر في قائد مليشيته المساعدة في جرايمه حسن نصر الله، وسبق أعلن تأييد القذافي وصدام حسين، وكل واحد من دول قتل من مواطني الدول “العربية” أرقام تنافس تاريخ الصهاينة.

بالتالي لو دخل في تفاوض مع سياسيين دوليين (لا قدر الله) بسهولة هيتم تعرية إنه مش متضامن مع الضحايا إنما ضد القاتل، ولو تم تثبيت الضحايا واختلف الجاني.. موقفه هيختلف فورًا، بالتالي موقفه خلال التفاوض هيضعف كتير جدًا.

كمان كونه متربي وعايش داخل مجالنا العام بسقفه شديد الانخفاض، فرؤيته للعالم محدودة جدًا، ومحشورة في ثنائية الخير والشر بكل سذاجتها، فبيردد شعارات شبه العنصرية الصهيونية، أو يجوز لإنهم حركات قومجية فبتتشابه طريقة التفكير والتعبير.. وتتضاد المصالح.

الأهم بقى إنه مافكرش يطلع يقول كلمتين بالإنجليزي أو يكتب بيان وحد يترجمهوله، إنما نزل الشارع بدون تنسيق إعلامي وهتف بلغة أقل انتشارا فوارد يساء ترجمتها وبشعارات مكرورة أبرز ما فيها إعلان العداء اللانهائي.

YouTube player

باسم واللعب مع الكبار

ع الطرف التاني من المثال، باسم يوسف ظهر في حلقة مع إعلامي إنجليزي شهير، في حوار بالإنجليزية، أقل ما يوصف بيه اللقاء إن باسم لعب ماتش عظيم، لدرجة إن كتير من بتوع “خَت السِتة مليار يا باسيييم” فجأة بقوا بيشيدوا بيه وبموقفه العظيم، رغم إنهم ضد توفير حرية الرأي والتعبير اللي سمحت له يقول رأيه ع الهوا وهو مش خايف من مقص رقيب او تهمة تخوين.

شوفوا كام إنسان في العالم شاف لقاء باسم وكام حد فهمه بسهولة وقد إيه كلامه كان مؤثر ومنطقي، وحاول تقارن ده بالحنجورية القومجية قصاد السفارة الأمريكية، وشوف مين وصل صوت المظلومين أكتر.. ومين صاحب تأثير أعلى، رغم إن الأول صادر عن سياسي كان في لحظة ممكن يبقى رئيس البلد، والتاني صادر عن كومديان (لا فإيده سيف ولا تحت منه فرس).

 

الكاتب

  • التضامن مع الفلسطينين رامي يحيى

    شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
8
أحزنني
4
أعجبني
6
أغضبني
1
هاهاها
3
واااو
3


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان