رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
30٬989   مشاهدة  

“الطعام المسموم” .. كيف يخدعكم الشيف بوراك ؟

بوراك
  • كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



نراه كل في اليوم خمسمائة مرة تقريبًا ،ينظر للكاميرا مبتسمًا كالحجر ، يحشي النعامة بكوريك نقل الأسمنت ، يشوي دجاجة بحجم التنين ، وخروف بحجم طائر الرُخ .. يرش الملح على سمكة – ربما تكن سمكة القرش- ثم يغمرها بالنار فتستوي، وتقترب الكاميرا منها حتى يسيل لعابك على اللحم الذائب كالزبدة الفلاحي ، يحشي الحمام لحمة مفرومة ، ويحشي اللحوم حمام ..  و أما عن الحلويات فحدث ولا حرج .. رأيته قبل ذلك ينخر بطيخة حتى جعلها جوفاء إلا من القشرة ثم وضع فيها عسل وسكر ولوز وجوز وعين جمل وفستق حَب وفستق مرشوش وروح الكعك ودقيق وشربات وريحان ،كان ينقصه فقط أن يضع عفش بيته في البطيحة حتى يلفت انتباهي ، وأرجوك لا تظن أنها انتهت هكذا .. فقد صنع الرجل للبطيخة صنبور حتى ينزل منه سوائل هذا المخلوط العجيب الذي لا أظنه لذيذ أبدًا .. لكنه بالتأكيد اغتصب انتباهي أكثر مما لفته .

ما الدور الحقيقي لهذا الرجل ؟

الشيف التركي محمد بوراك أوزديمير  ، لا أستطيع أن أقول لك أنه شيف على كفاءة عالية ، كيف تقارنه بغيره وهو يشوي كائنات بحجمه هو شخصيًا في فيديو لا يتجاوز الثلاثين ثانية، في مقابل شيف كالشيف الشربيني والذي يصنع وجبة منطقية في  ساعتين زمن بأحجامها الطبيعية ..  الوقت والحجم بالتأكيد عاملان يجعلان مشاهدة أسهل وأكثر إبهارًا .. لكننا لسنا هنا لنصنع مقارنات بين “بوراك” والشيف الشربيني .. في فيلم “هرقل” كانت هناك شخصية بارعة في اختلاق قصص خيالية عن قوة جنود البطل ، يحكي دائمًا كيف أنه يستطيع أن يحمل تريلا ويجري بها ، ويأكل ثعبانًا ويهضم بعقرب .. في أحد المشاهد كان العدو في منتهى الشراسة فقال البطل لهذه الشخصية : اهرب من الساحة .. أنت أهم من جميع المقاتلين .. صحيح أنك لا تحمل سلاحًا لكنك تحمل خلود القصة.. بالضبط هذا هو دور بوراك الحقيقي..   نحن هنا لنعرف ما وراء هذا البرافان الذي يدعى بوراك .

ما هي الهوية ؟

بشكل بسيط ومختصر وغير أكاديمي : فإن الهوية هو كل شئ غير ملموس لكنه يظهر عند اللزوم ، عملاق خامد بداخلك يطفو على السطح ليصنع شيئًا أو يصد عداء يقترب من جذورك ثم ينام مره أخرى .. ربما تطول نومته لكنه لا يموت أبدًا وخاصة إن كان حقيقيًا فريدًا نقيًا كالهوية المصرية ..   وما الطريق لتغيير هذه الهوية؟ – مدخل الهوية السريع هو باب الغرائز : الجنس، الطعام ، المخزون المعرفي كالكتاب والفيلم والمسلسل والدراما ، شكل الملابس .. فما علاقة هذا بالشيف بوراك

يمكنك أن تلاحظ بسهولة في السنوات من 2008 تقريبًا لسنة 2013 التحول الخطير الذي حاوط الشخصية المصرية قبل أن تنفضها ، بالتحديد منذ بزوغ نجم مسلسل نور ومهند ، وأنت ترى كيف تبدلت موسيقى ياسر عبد الرحمن التي كانت تفوح من الشبابيك بعد العصاري مع بكاء يحيى الفخراني في الليل وآخره إلى موسيقى عجيبة وأصوات مدبلجة غريبة لا تشبهنا وكلمات لا تلمس إحساسنا لكنها أًصبحت رغمًا عنّا جزءًا من قاموسك السمعي اليومي مثل : “أغا خانم”…  “يا بابا”  .. “شريفة خاتم” … الجامعات كانت تعج بالاستايل التركي في الدقون والشوارب، “السفر لتركيا” دخل في اختيارات أماكن قضاء شهر العسل .. اذا ذهبت لمحل ملابس شعبي سوف يغريك بأن : هذا البنطلون قماشة تركي .. كنت تسير في مصر لكن تركيا تحاوطك!

بداخلك الهوية المصرية لكن هوية أخرى تحوم حولها من كل الجهات، منتظرة ثغرة واحدة تنفذ منها للاختراق.

 

قل لي ماذا  تأكل .. أقول لك من تكون”
– جان أنتيلم بريلات

 

بعد أن تم دحر السيناريو التركي وعودة الكل إلى حجمه الأصلي ، بدت الدراما المصرية ومن خلفها كل العرب تستعيد مساحتها من جديد ( أنا هنا لا أتحدث عن جودة الدراما الحالية فنيًا) لكني أتحدث عن عودة الاستحواذ على المساحات الطبيعية للدراما المصرية في بلدها مصر، تم بعدها دحر الدراما التركية بشكل كبير ، وعاد الجمهور المصري لدرامته يمدح هذا الفنان وبتهكم على الآخر، يعلي من شأن هذا العمل ويحط من شأن الآخر لكنه في النهاية يقف في بيته لا بيت آخر.. بعد أن تم دحر التسلل عبر الدراما .. كان لابد من اللعب على غريزة أخرى .. غريزة الطعام

شئنا أم أبينا فإن بوراك كان مُقدرًا له أن يكون طباخ الأمير، إذا نجح –لا قدر الله- سيناريو الأغا في جعل الشرق الأوسط إمارة كبيرة على رأسها يتوج أردوغان “أميرًا لها ، قبل أن تسقط مصر هذا السيناريو بلا عودة ! ،وهو واحدًا من الذين خسروا بعد ضربة المصريين ، وهو أحد الجنود الموجهة ضد الهوية المصرية .. يأخذ بيدك بواسطة الطعام بشكل فج للابتعاد عن هويتك من ناحية التذوق ، يمحي يوميًا من ذاكرتك حب محشي الست الوالدة وكشري أبو طارق وحبايب السيدة وكل الذكريات المرتبطة بشهقة الملوخية وجلسة تقريص كحك العيد ، ويربط زهنك بهذه بفانتازيا الأحجام التي لا تليق مع رقة التذوق من الأساس .

ما  كنّا لنحتاج كل هذه القوات والحشود العسكرية لتدمير الهوية الجماعية للشعوب.. يكفي فقط فتح سلسلة محلات من ماكدونالد أو كنتاكي”

إقرأ أيضا
يوم العبور
  • سياسي أمريكي

 

لست أظنكم غير متأكدين من أن كل ما يعرض على القنوات الإرهابية مهما كان يبدو تافهًا أو ساذجًا أو بعيدًا تمام البعد عن السياسة إنما هو موجهًـا بشكل أو بآخر ضد مصر والمصريين  فج كفوهة مسدس في هو أحد حقن السُم بطيئة المفعول حيث يعتمد على اختراق جدار الهوية بتقطير المياة يوميًا بعد فشل سيناريو ضربة الفأس .. ومن حين لآخر يظهر الدور الحقيقي من خلال ما يفعله .. وهو باختصار تمرير صورة أردوغان وترسيخ وجوده في الذهنية الشرقية وبالأخص منها المصرية من خلال نشره لفيديوهات زيارات أردوغان للمطعم .. لكنك حين تراه بجوار دجاجة مشوية سال لها لعابك لابد وأن مشاعرك ستصاب بالارتباك وستقول لنفسك : هل هذه الصورة جيدة أم لا! .. من الممكن أن تقول لي أن هذا أمرًا طبيعيًا .. ما الأزمة في أن يزور رئيس بلد مطعم في نفس البلد .. أستطيع وقتها أن أخبرك أن لقاء خاص في أحد القنوات الإرهابية جمع بوراك بأحد المذيعين الذين يتمنون جهارًا نهارًا لو أن تصبح مصر كومة من التراب والنار والخراب – وكما اتفقنا أن كل ما في هذه القنوات موجه ضد مصر والمصريين- وهو ما حدث بالفعل .. لم يمر على الحوار عنه بضع دقائق حتى تحول الحوار عن أردوغان ، وذكر بوراك أن أردوغان كان صديقًا لوالده منذ الصغر ،  وانهال مديح الأغا على شفتي بوراك ومن وراءه يغلف المذيع الحوار بأسئلة حتى يظن المشاهد أنه حوار تليفزيوني عادي ليست جلسة لتجميل صورة الأغا.

تحدثت إلى الإعلامي محمد الدسوقي رشدي تليفونيًا وقال لي : إن فيديوهات بوراك لابد أن يصاحبها في الخلفية موسيقى تركي لطرق أبواب الهوية جمعاء ، وأن الضجة التي واكبت صعوده ليست بالمنطقية ، فانتشاره ليس بحجم ما يفعل ، وأن حالة من الهو س تصنعها تركيا للمصريين بدأت بالدراما ويستكملونها بالترويج لفكرة امتلاك أفضل شيف في العالم .. وأن هذه الطريقة هي أحد طرق سحب الريادة وسرقة الهوية في إطار مخطط كبير تكون هذه فقط بدايته .. فالسرقة لا تتم عن طريق سرقة الموارد قبل سرق الذهنية وسرقة الفكر وفقدان الحس بالموسيقى والتذوق ”

كتبت هذا المقال وأعرف كم من الممكن أن يتهكم عليه .. لكن ما أريده أن تتشكك في ابتسامة الأفعى بوراك .. المؤامرة التي فشلوا في تمريرها من العقل .. يحاولون أن يمرروها من المعدة ، وليس عندهم مانع من تمريرها عن طريق الإباحية … ولا أشك لحظة أنهم يصنعون ما هو أخفى من التوقعات .. لكن هوية مصرية وقفت ضد السياسات المسمومة، والأفكار المسمومة ، والتاريخ المسموم ، لا أظن أنها ستستجيب أبدًا للطعام المسموم !

الكاتب

  • بوراك محمد فهمي سلامة

    كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
73
أحزنني
16
أعجبني
125
أغضبني
38
هاهاها
132
واااو
15


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (8)
  • موجود على التيكتوك شاب مصري مسمّي نفسه الشيف بوراك المصري، بيستخدم الموسيقى بتاعت الشيف ده و بيقلّده في ابتسامته الواقفة السمجة.. الموضوع بدأ بدعوة الشيف لتحدي مع المتابعين إنهم يعملوا زيّه.. المهم أخينا ده لما ڤيديو التحدي اللي هو عمله ضرب معاه لايكات ساب كل المحتوى التافه اللي كان بيعمله قبله و بقى مخصّص حياته لتقليد بوراك بشكل فعلا مقزز و مزري.. إحنا مشكلتنا إن الأجيال الأخيرة ما اتعلّمتش بربع جنيه مبادئ.. يعني حتى بعيدا عن الصراع السياسي و الاستراتيچي اللي ممكن يكون مش فاهم فيه لكن إن حد يقبل على نفسه يكون مجرد نسخة من حد تاني ده شيء مهين جدا و مفيش فيه أي عِزّة نفس ولا كرامة، و التمن إيه؟ شهرة زائفة؟ ده لو فنان عظيم عنده إبن عايز يمتهن نفس نوعية الفن فالإبن بيحرص بشدة على إنه يعبر عن نفسه و يبقاله شخصية خاصة بيه بعيدا عن عباءة أبوه.
    حقيقي الوضع مزري و أرجع و أسأل فين التربية القومية سواء في تربية البيت أو تعليم المؤسسات؟

  • تسلم ايدك مقاله في الصميم كنت اتمنى ان يكتب احدا عن هذا الدجال بوراك ومحو الهوية المصرية والعربية أيضا ليجعلونا قوم تبع لهم حتى مسلسلاتهم مدروسة يروجوا للسياحة وشراء العقارات حتى الفقراء يظهروهم حلوين نضاف وبيوتهم نظيفة طبعا الشقة مدهونة حيطانها قبل التصوير على طول
    خدع الكثيرين وذهبوا وأشاروا عقارات بتركيا وبالاخراغلبهم نصبوا عليهم ومنهم 300 مستثمر كويتي وبينهم محاكم… شعب وحكومة نصابة أعداء العرب للابد
    اخي لا تتردد في الكتابة واجعل الكل يعي لما يدبر له مصريين وعرب عدونا واحد

  • كان يروادني احساس غريب مصحوباً بغصه في القلب كلما شاهدت هذا الرجل وأشعر بأن هناك شئ ليس علي ما يرام وبعد هذه المقالة تاكدت

  • و اخبار حضرتك ايه مع نشر الثقافة الهندية و الغزو الهندي بالافلام و المسلسلات ولا معندكش مشاكل مع الهوية الهندية
    و الفرق الكوري اللي بتنشر الإلحاد و وصلت للحجاز

  • فعلا والهندي؟ والكوري؟ مالك ماسك في الطباخ التركي كده ومقطع فروته ؟طيب ده حيالله بيطبخ ،سبنالك انت صافيناز وحمو بيكا إياكش ينفعوك 😂

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان