همتك نعدل الكفة
655   مشاهدة  

بيير لابلاس .. عندما يكون التملق وسيلة لدعم الموهبة والطموح

بيير لابلاس
  • باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



بلغ بيير لابلاس سن الثامنة عشرة من عمره وقرر السفر إلى پاریس، إذ كانت العاصمة في نظره المكان الوحيد الذي يمكنه فيه أن يلفت إليه الأنظار، ويحرز الشهرة والتقدير، ولم يكن يحمل في جیوبه سوى مبلغ ضئيل، وإن كان يحمل أيضا عددًا كبيرًا من كتب التوصية إلى عدد من كبار الشخصيات السياسية والعلمية في المدينة.

بيير دي لابلاس
بيير دي لابلاس

لم يكن لاپلاس مفتقرًا إلى الموهبة أو إلى المهارة الدبلوماسية، الأمر الذي سهل عليه الحصول على تلك التوصيات، ومن بينها كتاب موجه إلى واحد من ألمع الرياضيين الفرنسيين في ذلك العصر وهو جان لو رون دالمبير ولما قدم إليه لاپلاس كتاب التوصية، لم يلق إليه دالمبير بالاً لأنه كان يعارض مبدأ التوصيات.

جان لو رون دالمبير يستقبل لابلاس
جان لو رون دالمبير يستقبل لابلاس

لم ييأس لاپلاس فلم يمض وقت طويل حتى كتب بحثًا صغيرًا عن المبادئ العامة للحساب، وبعث به إلى جان لو رون دالمبير وبعد يومين استدعى دالمبير هذا الشاب المتفتح وقال له  «سيدي إنني لا ألتفت كثيرًا للتوصيات، ولكنك لم تكن في حاجة لإحداها، لقد أظهرت لي أنك تستحق أن تعرف وسأمنحك مساندتي».

حياة لابلاس ودور عمه

بيير سيمون لابلاس
بيير سيمون لابلاس

ولد پيير سيمون دی لاپلاس في مارس 1749 م، في قرية بومون آن وهي قرية صغيرة في نورماندي، ولا يُعْرَف إلا القليل عن سنوات عمره الأولى، ولكن مما لا شك فيه أن والده كان مزارعًا، وأن أحد أعمامه، وهو قسيس، قام بتعليمه في الدير الخيري في بومونت.

اقرأ أيضًا 
عندما حاول عالم الرياضيات ألان تورينج المنافسة في الأولمبياد

في سن السادسة عشرة دخل بيير لابلاس كلية في كان، وهناك برزت ميوله نحو الحساب وعندما بلغ الثامنة عشرة  سافر إلى باريس حيث مكنته مساعدة دالمبير من أن يصبح مدرسًا للحساب في المدرسة الحربية.

اضطراب حركات الكواكب وموقف لابلاس

لابلاس والكرة الأرضية
لابلاس والكرة الأرضية

سرعان ما أظهر بيير لابلاس ذكاء غير عادى وقدم عدة بحوث قيمة إلى أكاديمية العلوم، وتعمق في دراسة إحدى المسائل التي كانت تشغل البال في ذلك الوقت، وهي اضطراب تحركات الكواكب، إذ كان علماء الفلك قد لاحظوا أن جميع الكواكب، وبصفة خاصة المشتري وزحل، كانت تضطرب تحركاتها بطريقة غير معهودة سواء بتباطؤ أو تعجيل سرعة دورانها.

إسحاق نيوتن
إسحاق نيوتن

 عندما قام نيوتن باكتشاف قانون الجاذبية الأرضية، ثارت بعض الشكوك حول ثبات حركة الكواكب والنجوم، والواقع أنه إذا كانت هذه الاضطرابات تميل إلى الزيادة لكان من الممكن أن يزداد اقتراب الكوكب من كوكب آخر، وتبعًا لقانون نيوتن كان ذلك لابد أن يفضي إلى كارثة، وقد كان نيوتن نفسه يخشى أن يضطرب توازن المجموعة الشمسية نفسها.

لابلاس
لابلاس

وقد أوضح لاپلاس عن طريق حساباته أنه لا يوجد ثمة خطر من هذا القبيل، فإن عدم الانتظام في المجموعة الشمسية كان ضئيلاً، وأنها تصحح نفسها بنفسها خلال فترات زمنية متناهية في الطول؛ وقد كان لهذا التصريح وقع مطمئن للنفوس، وكان البحث الذي أجراه لاپلاس هو «بحث الآلية السماوية».

نابليون بونابرت
نابليون بونابرت

في عام 1784 عين العالم الشاب مختبرًا في سلاح المدفعية، مما هيأ له الفرصة ليصدر حكمًا على الشاب النابغ الذي كان اسمه ناپليون بونابرت واستطاع لاپلاس أن يستفيد فائدة عظيمة من هذه العلاقة بعد ذلك بعشرين سنة.

أصبح لاپلاس عضوا في عدد كبير من الأكاديميات، وألقى دروسا في أحسن مدارس فرنسا، وشارك بنبوغ في مختلف المسائل العلمية الخاصة بالكيمياء والطبيعة والطب، وبصفة خاصة الحساب والفلك، ولا تزال كثير من النظريات التي أبداها في أبحاث معقدة وهامة صالحة حتى اليوم.

عدد من اكتشافات لاباس ينبثق من أعمال سابقة، أو استلهمها إلى حد ما وإن لم يعترف بعلمه بأصحابها السابقين ولكن ذلك لا ينتقص شيئًا من موهبته التي أكدتها عدة اكتشافات أصيلة وهامة للغاية.

إقرأ أيضا
غران كولومبيا
العالم لابلاس
العالم لابلاس

تبرز إحدى صفات هذا الرجل التي تتسم بالسخرية والطموح، فإن جميع الوسائل تتساوى لديه في سبيل الحصول على المراكز ودرجات الشرف التي يتطلع إليها، وقد عرف أكثر من أي شيء آخر أن يستغل عظاء عصره وأن يتملقهم، مما ساعده على أن يجتاز بنجاح فترة شديدة الاضطراب في تاريخ فرنسا، ونلحظ ذلك في كتبه الثلاثة التي نشرها على التوالى مدى تغير آرائه.

الجنرال بوناپرت يحيط به أعضاء مجلس الخمسمائة أثناء انقلاب 18 برومير
الجنرال بوناپرت يحيط به أعضاء مجلس الخمسمائة أثناء انقلاب 18 برومير

في بداية عام 1796 كان يهدى أعماله إلى مجلس الخمسمائة، وفي عام 1802 كان يغرق في قصائد المديح لناپليون (الذي حل المجلس)، وفي عام 1812 م قدم إهداءًا جديدًا لناپليون الذي جعل منه كونتا، ولكن سرعان ما حل عام 1814 فسقط ناپليون وعادت أسرة بوربون إلى عرش فرنسا، ولكن ذلك لم يغير من الأمر شيئا بالنسبة للابلاس الذي سرعان ما أصبح ماركيزا.

قبر بيير سيمون لابلاس
قبر بيير سيمون لابلاس

رغم ذلك لم تتأثر شعبية لاباس إذ طالما أقدم على مساعدة الفقراء من الباحثين الشبان، وقد أمضى السنوات الأخيرة من حياته في مسكن جميل في أركوي مكرسًا وقته للأبحاث ولكثير من الشخصيات التي كانت تذهب لرؤيته ، إلى أن توفي في 5 مارس عام 1827 وهو في الثامنة والسبعين من عمره.

الكاتب

  • بيير لابلاس وسيم عفيفي

    باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان