“تاريخ ضريبة الجهاد في مصر” بدأت في حرب أكتوبر واستمرت 9 سنوات

دخل المجتمع المصري في أحضان اقتصاد الحرب، لكن بقي تاريخ ضريبة الجهاد في مصر واحدًا من أكثر القوانين التي نالت رضىً شعبي.

ما قبل تاريخ ضريبة الجهاد في مصر .. إجراءات اقتصاد حرب أكتوبر

كان الرئيس محمد أنور السادات يتولى رئاسة الحكومة، وكان وزير المالية هو عبدالعزيز حجازي، بينما وزير التموين هو أحمد محمد ثابت وأعلن الأخير في 7 أكتوبر 1973م أنه بسبب ظروف المعركة تقرر توزيع السكر الحر والشاي بأسعاره المقررة على البطاقات على أساس 50 % من المقررات التموينية مع تحديد حصة لكل محافظة للمصانع والمحلات العامة والفنادق والمستشفيات وتتولى لجنة توزيع السلع بالمحافظة توزيعها باعتماد المحافظ.

اقرأ أيضًا
السوق السوداء في حرب أكتوبر .. أسماء الذين هبروا على حساب أهالي من عبروا

وبالنسبة للدقيق البلدي تقرر رفع نسبة الاستخراج من 87.5 % إلى 92.2 %، أما بشأن بيع اللحوم فتقرر أن يقتصر بيعها وتقديمها على يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع، وأهابت وزارة التموين كافة المواطنين بأن يرتفعوا إلى مستوى المسئولية وحذرت التجار من التلاعب.

وبشأن المواد البترولية أصدر الحاكم العسكري قرارًا بتحديد كميات البنزين حسب نوع السيارة، فللملاكي 120 لتر شهريًا و 100 لتر سولار، أما للأجرة فـ 600 لتر بنزين شهريًا و 600 سولار، والمتوسيكلات لها 20 لتر بنزين شهريًا، بينما سيارات اللوري النقل لها 1800 لتر بنزين شهريا و مثلها سولار، أما المدارس الثانوية ومعاهد التمريض فلها 40 لتر يوميًا، ويكون لكل مركبة دفتر يعده مالكها ويقوم بتقديمه إلى أي جهة من المرور وأقسام الشرطة ومجالس المدن والأحياء والقرى، وتودع نسخة من ذلك الدفتر عند محطات البنزين، والمخالف لهذه الإجراءات ستواجه بالحبس والغرامة.

تاريخ ضريبة الجهاد في مصر وتفاصيلها

أما عبدالعزيز حجازي وزير المالية فاتخذ قرارًا اقتصاديًا هامًّا وهو فرض ضريبة الجهاد يوم 12 أكتوبر 1973م والتي بدأ تطبيقها في اليوم التالي وذلك بهدف مشاركة المصريين في تحمل أعباء المعركة على أن يتم تخصيص حصيلة الضريبة لدعم القوات المسلحة ومتطلبات الأمن القومي حتى يتم تحرير الأرض، مع مراعاة عدة مبادئ من أهمها تحقيق مشاركة الشعب بكافة طوائفه في تحمل أعباء المعركة وعدالة التوزيع في الضريبة وأن تكون في حدود إمكانيات المواطن وقدرته المادية ولا تمس محدودي الدخل، فضلاً عن أن تكون مؤقتة أي تستمر لحين انتهاء معركة التحرير.(1)

أصدرت الصحفية الرسمية تفاصيل ضريبة الجهاد في مصر بالقانون رقم 121 لسنة 1973م(2)، وكانت عبارة عن 11 قانون يحدد قيمة الضريبة على 8 أشياء هي «ضريبة الإيراد العام، العقارات المبنية، الأراضي الزراعية، السجائر والبنزين والمراهنات، المشروبات الكحولية، أجور السفر بأنواعها، زيادة الإدخار، الأرباح التجارية».

حددت ضريبة الجهاد على الإيراد العام باحتساب الضريبة العامة على الإيراد من ألف جنيه لـ 1500ج بنسبة 9 % ومن 1500ج لألفين جنيه بنسبة 10% ومن ألفين جنيه لـ 3 آلاف جنيه بنسبة 11% ومن 3 آلاف جنيه لـ 4 آلاف جنيه بنسبة 16%.

أما العقارات المبنية فتم فرض 4.5% من صافي القيمة الإيجارية على مالك العقار، شريطة أن يكون متوسط الإيجار الشهري 3 جنيهات في المباني المنشأة أو المشغولة لأول مرة بعد 5 نوفمبر 1961م.

أما الأراضي الزراعية فتم فرض ضريبة صاحب الأرض الذي يملك من 3 لـ 5 فدادين، بقيمة ربع جنيه عن كل فدان، و50 قرش على من يملك من 5 لـ 10 فدانين، وجنيه واحد عن كل فدان يزيد عن 10 أفدنة، فيما يتم إعفاء من يملك أقل من 3 فدادين.

أما السجائر فزادت لـ 5 مليم عن العلبة ذات ال10 سجاير، و10 مليم على علبة ال20 سيجارة، بينما فرض 50 قرش على كيلو تبغ السجائر الأجنبية وتحدد الضريبة على أصنافها بنفس ذات النسبة على السجائر المصرية.

أما البنزين فتم زيادة 5 مليم على كل لتر، و45% من أجرة دخول ميادين سباق الخيل والأماكن العامة والأماكن الخاصة بالمراهنات، وتخضع كل سيارة يصرح لها بالدخول لهذه الأماكن لضريبة الجهاد.

أما المشروبات الكحولية فتم فرض 40 مليم على المشروبات الكحولية المحلية وجنيه على المستوردة.

وبالنسبة لأجور السفر فتم فرض 10 % على ركاب الدرجة الأولى والثانية بالسكة الحديد والأوتوبيسات بين الأقاليم سواءًا تذكرة ممتازة أو عادية، و10 % من أثمان سفر الركاب واشتراكات الدرجة الأولى بأنواعها الفاخرة والسريعة والعادية على السيارات التي تعمل بين المدن، ويتم استثناء الدرجة الثالثة وخطوط الضواحي واشتراكات الطلبة.

إقرأ أيضا

الفنانة منى جبر وارتداء الحجاب في رمضان “رفضت تحريم الفن بعدها”

أما زيادة الإدخار فتم فرض 25% نسبة اشتراك الإدخار الذي يحصل عليه العاملين بالدولة من المرتب، ولا تسري هذه الضريبة على العاملين الخاضعين لأحكام المعاشات العسكرية أو العاملين في الدولة ولا يتجاوز مرتبهم 180جنيه في السنة ويتم تطبيقها بداية من نوفمبر 1973م؛ أما الأرباح التجارية فتم فرض 2.5% على المهن التجارية والصناعة والحرية التي يزيد دخلها عن 500 جنيه، ويتم تحصيلها عن الميزانيات التي تنتهي سنتها في 31 ديسمبر 1973م.

إبراهيم نافع الصحفي الاقتصادي في جريدة الأهرام علق حين صدور القرار بأن هناك 5 أسباب  وراءها وهي أن حرب التحرير بدأت ولا يمكن توقفها إلا بعد تحقيق غايتها وبالتالي ستزداد تكاليفها، ومن ضمن الأسباب التي ساقها أن مصر أنفقت 5 آلاف مليون جنيه على القوات المسلحة من أجل هذا اليوم وحصيلة الضرائب هي طاقة دفع للاستثمار في إعداد القوات المسلحة، إلى جانب ذلك فإن وقوف الدولية العربية مع مصر ليس بديلاً للضرائب لأن سياسة مصر المالية يتم إعدادها بقواعد ثابتة ومرنة، وأن مشاركة الشعب المصري في الماضي بماله لا يعني عدم استمراره على المشاركة لأن المعركة تستهلك إنفاقًا يوميًا، وضريبة الجهاد لم تستهدف محدودي الدخل.

لم ينتهي تاريخ ضريبة الجهاد في مصر بنهاية حرب أكتوبر مباشرةً بل استمرت طوال عصر الرئيس الراحل محمد أنور السادات وأول عامين من حكم الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، إلى أن تم إلغاءها في 27 مايو 1982م بموجب قانون 34 لسنة 1982م.(3)

(1) محرر، 11 قانون بفرض ضريبة جهاد لإشراك المواطنين في أعباء المعركة، جريدة الأهرام، عدد 13 أكتوبر 1973م، ص4.
(2) الجريدة الرسمية، عدد 41 مكرر، يوم 13 أكتوبر 1973م، ص ص2–6.
(3) المرجع السابق، عدد 22، يوم 3 يونيو 1982م، ص1500.