“تهجير الفلسطينيين ورفض الأزهر” بدأ من الحلمية الجديدة 1948م واستمر لطوفان الأقصى
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
اتخذ الأزهر الشريف موقفًا واضحًا تجاه عملية طوفان الأقصى وحذر من فكرة تهجير الفلسطينيين إلى أي مكان، وطالب الشعب الفلسطيني بالتمسك بأرضه وذلك خلال كل البيانات التي أصدرتها المشيخة.
موقف قديم جديد من تهجير الفلسطينيين
للأزهر الشريف مواقف متعددة وكثيرة تجاه القضية الفلسطينية بكل تفاصيلها، ومن ضمن ما يتشعب منها مسألة تهجير الفلسطينيين وهي ليست بالفكرة الجديدة، فهي قديمة لكنها متطورة.
وأول محاولة خطرة لتنفيذ تهجير الفلسطينيين كان خلال مؤتمر أريحا في مطلع ديسمبر عام 1948م والذي نظمه الملك عبدالله الأول بن الحسين حاكم إمارة شرق الأردن، والذي كان من آثاره ضم الضفة الغربية إلى الأردن وبذلك تم اختزال قضية فلسطين عندما ظهر إلى الوجود جغرافيا وسياسيًا ثنائية الضفة والقطاع، واختفى اسم فلسطين سياسيًا وهويةً.
اقرأ أيضًا
كيف يمكن للسوشيال ميديا تكرار سيناريو لعبة مؤتمر أريحا 1948م مع غزة وسيناء؟
كان قرار الملك عبدالله بعقد مؤتمر أريحا قد لاقى معارضةً سياسيةً وعربية كبيرة، وكان الأزهر طرفًا من أطراف المعارضة؛ وإدراك خطورة مؤتمر أريحا يمكن استنباطه من نص الدعوة التي وجهها شيخ الأزهر لجماعة كبار العلماء.
فالاجتماع الأزهري لهيئة كبار العلماء بدلاً من أن يتم في الجامع، تقرر أن يتم في منزل الشيخ محمد مأمون الشناوي في الحلمية الجديدة يوم 12 ديسمبر 1948م وذلك بسبب الحالة الصحية للشيخ محمد مأمون الشناوي شيخ الأزهر.
حضر الاجتماع أكثر من 200 عالم أزهري، كان منهم أعضاء هيئة كبار العلماء كل من «الشيخ محمد سليم مفتي الديار المصرية السابق، الشيخ محمد أبو شوشة، الشيخ محمد العناني، الشيخ عيسى منون، الشيخ محمود شلتوت، الشيخ عبدالرحمن المحلاوي، الشيخ محمد الشربيني، الشيخ محمد العتريس، الشيخ محمد عتريس».
ومن علماء الأزهر الشيخ حسنين محمد مخلوف مفتي الديار المصرية، الشيخ عبدالرحمن حسن وكيل الجامع الأزهر، الشيخ محمد عبداللطيف دراز مدير الجامع الأزهر، الشيخ محمود أبو العيون السكرتير العام للأزهر، الشيخ الحسيني سلطان شيخ كلية أصول الدين، والشيخ عبدالجليل عيسى شيخ كلية اللغة العربية.
بدأ شيخ الأزهر الاجتماع بكلمة عرض فيها تفاصيل مؤتمر أريحا مؤكدًا على أن تنفيذه سيودي بوحدة العرب وسيضرب قضية فلسطين في الصميم، وبالتالي المشاركة في المؤتمر أو حتى تأييده وعدم رفضه خيانة لعهد الله.
كان بيان الأزهر حينها شديد اللهجة، فمن ضمن ما احتواه البيان دعوة الملك عبدالله للاجتماع صيحة نابية تخرق إجماع العرب وتفرق جامعة الدول العربية وتمكن اليهود في الأرض المقدسة وتمهد للقضاء على عروبة فلسطين.
وذكر بيان الأزهر الذي ينفرد موقع الميزان بنشر وثيقته الأصلية أن لجوء الملك لذلك المؤتمر ما هو إلا استغلال لحالة أفراد مستهم الضراء والبأساء وأقصوا من ديارهم ولا يملكون من أمرهم شيئًا، وبالتالي من يقدم على هذا الأمر من العرب أو يعين عليه لهو ناقض لعهد الله ولا يجوز في دين الله نقض العهد أو التحلل منه.
الأزهر يجدد موقفه
دائمًا كان الأقصى رافضًا لفكرة تهجير الفلسطيين مع اندلاع أي معركة بين الكيان الصهيوني وفلسطين، لكن هذه المرة وللتصريح العلني بالفكرة، سَخَّر الأزهر كل إمكانياته لتلك الفكرة.
فعبر صفحة الأزهر على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك جدد الأزهر الشريف تحيته لصمود أبناء الشعب الفلسطيني، وعبر عن تقديره لتشبثهم بأرضهم الغالية، وتمسكهم بالبقاء فوق ترابها، مهما كان الثمن والتضحيات، وقال الأزهر «الأرض أمومةٌ وعِرضٌ وشرفٌ، ويوجِّه الأزهر رسالته لأولئك المتمسكين بأرضهم أنه خيرٌ لكم أن تموتوا على أرضكم فرسانًا وأبطالًا وشهداءَ من أن تتركوها حمًى مستباحًا للمستعمرين الغاصبين، واعلموا أن في ترك أراضيكم موتًا لقضيتكم وقضيتنا وزوالها إلى الأبد».
إلى جانب ذلك شنت جريدة صوت الأزهر هجومًا حادًّا على الكيان الصهيوني واتسم العدد باحترافية إعلامية لم يتعود عليها قراء مجلة صوت الأزهر منذ صدور أول أعدادها في أكتوبر 1999م.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال