“جيوش الشمس”.. فنانات خلعن ثياب الفن من أجل حرب أكتوبر 1973

لم تكن الحرب وقتها حرب قوات جيش فقط، بل كانت حرب كل مواطن مصري، مع عدو أطلق على نفسه الجيش الذي لا يقهر، مقولة اختراعها لنفسه ولم يعرف أنها ستنتهى ببنادق القوات المصرية.

حرب شارك فيها كل مواطن بطريقته الخاصة، الفلاح بأرضه والعامل بمجهوده، ولأنه لا يمكن استخدام الفن في تلك الحرب، اخترن بعض الفنانات المشاركة في حرب العزة والكرامة عن طريق خلع ثياب الفن وارتداء ملابس التمريض لإسعاف جرحى الحرب.

ثلاثة فنانات لم يتركوا بصمتهم فقط في الفن، بل تركوها أيضًا في حرب أكتوبر المجيدة، التي تُعد ملحمة وطنية في حب الوطن، ويعلي اسم فاتن حمامة ونادية لطفي وتحية كاريوكا، بين أسماء قوات الجيش المصري المناضلين.

في العام 1973، قرر الأربعة فنانات أن يقفن بجانب بلادهن في محنتها، لينضموا إلى الهلال الأحمر لإسعاف المصابينن.

فاتن حمامة

كان دور الفنانة المصرية بارزًا في حرب السادس من أكتوبر من خلال تخفيف الآلم والقلق على المصابين ومساندتهم.

وفي إحدى المواقف التي لا تنسى في تاريخ سيدة الشاشة العربية هى عندما ذهبت للتخفيف عن أحد المصابين الذي أصيب بشظية في عينه اليسرى ويضع الشاش عليها، لتخبره بأنها فاتن حمامة لكنه لم يصدق إلا بعدما أزاح الغطاء عن عينه اليمنى السليمة وراها بنفسه ليغمر قلبه سعادة والابتسامة على وجه.

نادية لطفي

لم تكن حرب أكتوبر 1973 هى الأولى التي تشارك فيها جميلة جميلات السينما المصرية بل ساهمت في مراعاة المرضى وأسر الضحايا في حرب العدوان الثلاثي على مصر في العام 1956.

وكانت في حرب أكتوبر تقوم بتنظيم زيارات للمصابين وجمع الفنانين والأدباء من بينهم فطين عبد الوهاب وفؤاد المهندس وجورج سيدهم، فضلًا عن نجيب محفوظ ويوسف السباعي ويوسف إدريس.

وجمعت كافة شهادات الأبطال المصابين في حرب أكتوبر خلال فيلم “جيوش الشمس”

تحية كاريوكا

كان دور تحية كاريوكا لا يقل أهمية عن دور فاتن حمامة ونادية لطفي في حرب أكتوبر، إذ عملت الأولى على جمع التبرعات مع الهلال الأحمر في مستشفى قصر العيني ومكثت لشهور بعنبر 21 من أجل خدمة الجرحى والمصابين.

وبعد تحقيق النصر على العدو الإسرائيلي، قالت تحية كاريوكا:” “لقد لعبنا مباراة كرة مع إسرائيل، وظللنا نسجل أهداف النصر طوال 11 يومًا، وفي اليوم الـ12 نزل فريق ثان مثل سانتوس “الفريق البرازيلى الذي كان يلعب له بيليه في هذا الوقت، وساعد فريق إسرائيل، فسجل هدفا، هدفا واحدا قد تضاءل مع تسجيلنا لعشرين هدفا”.

أضافت: “إن الذين دخلوا أرضنا من الإسرائيليين دخلوا عرين الأسد، ووقعوا فى الفخ، وأنهم لن يخرجوا”

إقرأ أيضا

إلى أولياء الأمور ..الرحمة حلوة

وكانت “كاريوكا” تصف قصص وبطولات الجنود في المعركة بأنها لن يكفيها عشرات المجلدات مستشهدة بالموقف الذي دار بينها وبين أحد الجنود المصابين عندما طلب منها التوسط له عند الطبيب المعالج للسماح له بالخروج والحرب مرة آخرى:” يكفى إننى لا أدخل عنبرا للجرحى إلا وأسمع توسلات الجنود “والنبى يا ست تحية.. الدكاترة هنا بيحبوكى وبيسمعوا كلامك، وصيهم علشان يخرجون وأرجع أحارب من تانى”

“البقية في حياة مصر”.. قالتها تحية لابن شقيقها المصاب عندما علمت من خلاله استشهاد شقيقها أثناء العدوان الثلاثي، الذي كان يصيب المدن والمواطنين بوحشية وكانت ترى الجرحى بعينها، ورغم معرفتها باستشهاد شقيقها لكنها لم تنزل دمعة من عيناها من أجل ألا يضعف من حولها.

فاتن حمامة، نادية لطفي، تحية كاريوكا، فنانات تمكنوا من تحقيق النصر، ليرحلوا بجسدهن تاركين خلفهم ذكريات وحكايات تتداولها الألسنة على مر العصور لاسيما في ذكرى حرب النصر والعزة كل عام.