“حَيَّرت مصر عام 1955م” قصة قضية متشابهة نسبيًا مع أزمة الطفل شنودة

ينشغل الرأي العام المصري الآن بقضية إنسانية أخذت شكلاً قضائيًا وباتت معروفة باسم قضية الطفل شنودة والتي بدأت عام 2022م وانتهت في العام الجاري بحكم من المحكمة الإدارية بعدم الاختصاص مع رفض دعوى محامي أسرته التي تبنته، ليتم إيداع شنودة في أحد دور رعاية الأيتام باسم يوسف.

حكاية الطفل شنودة

تبدأ قضية شنودة بالعثور على رضيع سنة 2018م بعثور السيدة آمال على طفل رضيع حديث الولادة بإحدى حمامات كنيسة العذراء مريم في الزاوية الحمراء، وقاما بتربيته مع زوجها وتبنيه كون أنهما لا ينجبان من 27 عامًا وأطلقا عليه اسم الطفل شنودة، لكن بسبب خلافات بين والده بالتبني وابنة أخته التي اعتقدت أن الصغير سيحجب الميراث عنها، قامت بإبلاغ قسم الشرطة بأن الطفل لم يعثر عليه داخل الكنيسة وإنما خارجها وبالتالي هو طفل مجهول النسب وليس طفلهما، ليتم أخذ الطفل وإيداعه بإحدى دور الرعاية ليجد نفسه بهوية جديدة في حياة جديدة.[1]

حادث الطفل شنودة موديل 1955م.. ميلاد VS محمد

في أكتوبر من العام 1955م كان الرأي العام المصري على موعد مع قصة طفل اسمه محمد أبو اسمه ميلاد، أبوه موظف ثري أو عامل كهربائي، أمه سيدة مسيحية أو خادمة مسلمة، وجميع أطراف القصة على قيد الحياة حينها لكن بعضهم هارب.

الحكاية بدأت عندما جاء شحاتة أبادير موظف على المعاش في هيئة السكة الحديد إلى قسم روض الفرج واتهم طليقته إيلين يني بأنها خدعته وكشف خدعتها من قضية النفقة التي رفعتها عليه.

قال شحاتة أبادير أنه تزوج من سنوات بالسيدة إيلين، ورزق منها بولد أسمياه ميلاد، ثم طلقها بعد ذلك لترفع ضده دعوى نفقة ودخل معها في قضايا وحدث أثناء نظر القضايا أن حضر له شخص يدعى جلال عبدالمجيد وهو الزوج الثاني لامرأة تُدْعَى هانم وكانت خادمة تعمل في بيت أبادير ويني وقال جلال عبدالمجيد «إن ميلاد الذي تطالبك مطلقتك بنفقتك ليس ابنك فابنك ميلاد مات والطفل الذي تقول أنه ابنك اسمه محمد وهو ابن طليق زوجتي هانم».

ذكر جلال أنه تزوج من الخادمة هانم بعدما طلقها رجل اسمه بيومي عباس يعمل كهربائيًا ورزقت منه بطفل أسمته محمد وكان مولد محمد ابنها متفق مع مولد ميلاد، وحدث أن توفي الطفل ميلاد فألقت به أمه على شاطئ النيل في مصر القديمة وكتمت إيلين الخبر عن زوجها أبادير وساومت هانم على أن تبيع لها ابنها محمد وكان أبوه عباس قد طلقها فقبلت هانم وباعت ابنها لإيلين وتظاهرت أمام زوجها أبادير بأن شيئًا لم يحدث.

أصيب شحاتة أبادير بصدمة وازادت صدمته عندما ذهب إلى قسم مصر القديمة ووجد محضرًا بالعثور على جثة طفل رضيع مجهول على شاطئ النيل وتنطبق عليه أوصاف ميلاد من حيث العيون العسلية.

استدعت النيابة إيلين والتي نفت ذلك جملةً وتفصيلاً لتستدعي بيومي محمد عباس والد الطفل وطليق الخادمة هانم وقال أنه يعمل كهربائيًا وتزوج من هانم وأنجب منها محمد وفي نفس الأسبوع أنجبت إيلين طفلاً وأسمته ميلاد ولما رزقني الله بهذا الولد طلبت من هانم أن تتفرغ لتربيته فرفضت وأصرت على عملها لكنها اختلفت معي وأصرت فطلقتها، وبعد الطلاق كنت أعطيها نفقة ابني محمد بطريقة ودية دون الالتجاء للمحكمة الشرعية، ذات يوم جاءت هانم وقالت أن ابني محمد مات ودفنته وانفجرت بالبكاء وقالت انه مريض بالحمى وطالبتها بشهادة الوفاة فوعدتني بالائتيان بها لكنها لم تأتي بها أبدًا».

ثم استدعت النيابة الشاهد الأساسي جلال عبد المجيد حسن الذي تبرع بإخطار شحاتة بالواقعة وقال أنه تزوج هانم بعد أن طلقها زوجها السابق بيومي عباس وعشت معها فترة طويلة ثم هربت مني وكانت قد اعترفت لي بانها رزقت ولدًا من مطلقها بيومي وباعته لإيلين ثم ازدادت الأمور تعقيدًا بهروب الخادمة هانم.

لجأت النيابة إلى تسريب الصور لأطراف القصة (شحاتة أبادير وإيلين يني وبيومي عباس والطفل محمد أو ميلاد) للصحافة فنشرت صحيفة أخبار اليوم القصة بالصور.[2]

إقرأ أيضا

أبو نسب ..كلمة السر ماجد الكدواني

لتلجأ الشرطة إلى العلم من خلال الطب الشرعي والذي لكن نتيجة تحليل الدم التي خرجت بها مصلحة الطب الشرعي لم تريح احدًا أبدًا إذ قال التقرير «بفحص دم أبادير شحاته فإن فصيلته A وفصيلة دم إيلين A.B بينما فصيلة دم الطفل B ومن الممكن أن تنتج فصيلة شحاتة وفصيلة إيلين الطفل، ويحتمل أن يكون الطفل ابنًا لشحاتة أو ابنًا لإيلين؛ أما فصيلة دم بيومي فهي B ومن الممكن أن يكون الطفل ابنلاً لبيومي».

 لتقرر النيابة البحث عن خيط جديد وهو البحث في دفتر الوفيات فلم تستدل على وفاة الطفل محمد ابن هانم ولا الطفل ميلاد ابن إيلين، وهربت الخادمة وأودع الطفل في دور الرعاية لحين الفصل في نسبه وهو الأمر الذي لم يحدث أبدًا.

[1] عبدالله أبو ضيف، الطفل شنودة بعد حكم «الإدارية».. «هبة من الله» أعاده صراع الميراث يتيمًا، المصري اليوم، 13 مارس 2023م
[2] محرر، محمد أو ميلاد .. ابن من ؟، جريدة أخبار اليوم، عدد 15 أكتوبر 1955م، ص7.