رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
376   مشاهدة  

عندما هرولت تجاهي “عفاف شعيب”..يرويها زكوة 7

المعهد


جلست على سلم مبنى المعهد أحفظ حوار المشهد الذي أعددته لأؤديه في الإمتحان الشهري ، هرولت تجاهي عفاف شعيب و أخبرتني أن الدكتور سعد أردش يبحث عني ، إندهشت.

 

إنت لسه قاعد .. قوم شوف عايزك ليه ( قالت

 

سرت إلى المبنى ، صعدت إلى الدور العلوي و أنا في حيرة محاولاً تذكر أي خطأ قد أكون إرتكبته ، سمع دقاتي على بابه فسمح لي بالدخول ، أشار ناحية الكرسي المواجه و هو يتكئ بمرفقيه على سطح مكتبه فجلست

 

إنت طالب ممتاز يا أحمد 

متشكر يا دكتور 

 

أنا هاعيد عرض مسرحية هالو شلبي عشان ماكناش صورناها وإختارتك إنت وزميلك محمد صبحي من سنة تانية عشان تلعبوا أدوار صغيرة في المسرحية.

 

توقع أن يرى على ملامحي ما يوحي بالسعادة لكن جمود وجههي فاجأه.

مش مبسوط ليه ؟ يا سيدي الدور الصغيربكرة يكبر.  

مش ده الموضوع سيادتك ….. أنا بس


كانت الأفكار تتصارع في عقلي فصمت قليلاً بعد أن تذكرت أنني لا أجلس على المقهى مع صديق أو زميل أبوح له بما في صدري و لكنني أمام أستاذي.

 

ما تقعدش تبسبس إتكلم على راحتك 

قالها بنفاذ صبر خال أو عم يتباحث في شؤون إبن واحد من أشقائه و ليس بطريقة مدرس ذو سلطة فإنطلقت

 

قبل ما آجي القاهرة كنت بامثل أدوار البطولة في روايات كلاسيكية على مسرح المدرسة و في قصر الثقافة بالزقازيق و كنت مُتخيل إني لما أبقى طالب في المعهد هامثل الأدوار دي تاني بس على مسارح ضخمة يتجهيزات مُبهرة مع زملا محترفين أُدام جماهير عريضة لكن كل اللي جالي أدوار صُغيرة ما ترضيش طموحي أبداً.

 

تعجب الدكتور سعد من طريقة تفكيري و من تعجلي ، خاصة و أنا مازلت طالباً بالسنة الأولى و أخبرني أن من يصعد السُلم خطوة وراء الأخرى يقف في قمته بمنطقة راسخة لأن النجاح هو في الإستمر

 

المعهد العالي للفنون المسرحية
المعهد العالي للفنون المسرحية

ا على القمة و ليس مجرد ملامستها ، مد لي يده بعلبة سجائره ، شرد ذهني متخيلاً أن القدر لم يحرمني من أبي و تركه يعيش حتى أكبر ليتباسط معي مثلما يفعل أستاذي الآن ، إستعدت تركيزي سريعاً و إعتذرت بحجة عدم التدخين.

 

إقرأ أيضًا…

عزيزي عمرو أديب .. كم أنت تافه

 

عايزك تنزل على الأرض شوية يا أحمد و تفهم إن الأدوار الصغيرة اللي ماعجبتكش دي هي إللي عرفتك الدنيا ماشية إزاي برة في مسرح الدولة …. و المشوار إللي هاتبتديه من أول هاللو شلبي هايخليك تتعلم تجربة جديدة خالص مع المسرح الخاص هاتساعدك تبقى ممثل محترف بحق و حقيق.

 

خرجت من باب الأكاديمية إلى الشارع فسمعت صوت صلاح جاهين يناديني ، هرولت إليه متهللاً رغم إندهاشي من حضوره ، عاتبني على عدم الإتصال ، مازحته حين سألته هل يبحث عن وجوه جديدة ، تغيرت ملامحه و كسا وجهه بجدية ثم أخبرني أنه جاء خصيصاً من أجلي ليصطحبني إلى إجتماع غاية في الأهمية ثم سار إلى الأمام و أمرني أن أتبعه ، فعلت و أنا أشعر بقلق ، فتح باب سيارته و جلس خلف عجلة القيادة و بلهجة حادة إستنكر بُطئي ، في نفس اللحظة دفع أحدهم من الداخل باب السيارة الخلفي فركبت ، بالخلف كان يجلس مصطفى متولي و صبري عبدالمنعم و بجوار صلاح جلست منى قطان ، لم يرحبوا بي و نظروا أمامهم بملامح تخلو من أية تعبيرات ، ساد الصمت ، شعرت بفئران تجري في تجاويف مخي من محاولاتي في تخمين طبيعة ذلك الإجتماع الذي يقودني إليه صلاح ، ليس لي إهتمام بالسياسة و طريقته لا تعني غير أنني في طريقي إلى التورط في عمل سري محظور، سأخبره دون شك بإعتذاري عن الإلتحاق بمنظمته أو حركته ، أنا لست جباناً لكنني لا أريد لزي شيئ أن يُعطلن عن التمثيل ، شعرت بمغص بينما كان صلاح يركن سيارته و ينزل هو و الآخرين إلى الشارع ، وقف صلاح جاهين و تلفت حوله إلى جميع الإتجاهات ، تأكد من عدم مراقبة أحد لنا ثم إتجه إلى باب عمارة و أشار لنا أن نلحق به ، مد يده و فتح باب المصعد فتسمرت في مكاني ، سألته عن الطابق المقصود لألحق بهم عبر السلالم لكن مصطفى متولي بملامح قاسية جذبني إلى الداخل و أغلق الباب ، لمحت جديتهم الشديدة و أنا أشعر بقلبي يسقط إلى أسفل بعكس حركة الصعود التي لم أعتدها لتخوفي من ذلك الصندوق الذي يعتمد في حركته على مجرد أحبال …… تذكرت فيلم بين السما و الأرض فزادت آلام المغص

 

خرجنا من المصعد إلى طرقة تفصل بين أبواب الشقق ، تراجعوا إلى الخلف في توقير بالغ ليفسحوا الطريق لصلاح جاهين الذي سار بيننا بطريقة الأمراء ، إقترب من باب شقة مجاورة للسلم ، وضع قدمه اليمنى فوق أول درجة ، مد قامته للأمام قدر إستطاعته ، نظر إلى أعلى متفحصاً بنظرات بها ريبة ليتأكد من عدم وقوعنا أسرى لكمين  ثم إعتدل و وقف أمام الباب ، أخرج من جيبه مفتاحاً و إلتفت إلينا منبهاً على إلتزامنا بالصمت ، أدرار المفتاح في كالون الباب و فتح بحرص شديد ثم تخطى عتبته و وقف يمنعه من الإرتداد ليسمح لنا بالمرور إلى عمق المكان ، أغلق الباب ، وقفت في مكاني و أنا أخشى من التجول بنظري في المكان الذي يحجبه عني تحركاتهم العشوائية بداخله.

 

يا أم إبراهيم ( نادى صلاح

شعرت بخضة من صياحه لكنني إندهشت من ذلك الإسم الذي نطق به

الفتة جاهزة ؟و اللحمة الملبسة إتحمرت في السمنة ؟.

 

ضحكوا جميعاً …. إنتبهت محاولاً إستيعاب ما يحدث حولي بينما لم يتوقفوا هم عن الضحك ، إكتشفت أن منى قطان زميلتي بـ المعهد متزوجة من صلاح و أنني مدعو في بيتهم على وليمة

لم يمنعني الضحك من إلتهام الفتة و قطع اللحم ، لمحت و نحن نجلس حول طاولة الطعام صور مختلفة موزعة بالأركان لجمال عبدالناصر في مراحل مختلفة من عمره ، توقفت عن المضغ ، تركت نظراتي تتشبع بكل واحدة و أنا أراقب ما غيره الزمن في ملامحه.

–  بتحبه ناصر ؟ ( سألني صلاح

أوي 

ليه ؟ ( سألني مرة أخرى

سألت نفسي عن أسباب محبتي لجمال عبدالناصر ، هل جذبني إليه لهجته في خطاباته أم هي أغاني عبدالحليم حافظ التي جعلت قلبي يخفق كلما سمعت سيرته ؟  

بيلبس نص كم زينا …. عمرك شوفت رئيس ولا ملك يلبس بنص كم ؟ ( قلت )

رفع صلاح جاهين كفه وخبط به سطح الطاولة بحماس و ملامح وجهه يبدو عليها الإعجاب بما سمعه مني ثم صاح :

يا أم إبراهيمحمري باقية اللحمة و هاتيها كلها للواد أحمد 

ضحكنا جميعاً ثم وضعت الملعقة في طبق الفتة و منه إلى فمي ، شعرت أن الحياة نفسها تضحك لأن هذا الشخص المدعو صلاح جاهين موجود فيها .                                       

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
6
أحزنني
0
أعجبني
2
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان