رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
604   مشاهدة  

عن المغتصب الاستقصائي والسادية وأزمة بناتنا الصغيرات

المغتصب
  • إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة



يقول (ماركيز دي ساد) الكاتب والأرستقراطي الفرنسي والذي تم اشتقاق كلمة سادية من اسمه: لا يمكن الوصول إلى المتعة إلّا عن طريق الألم

لكن قبل أن تفكر في موافقته يجب أن تعرف أنه قضى الأعوام الثلاثة عشر الأخيرة من حياته في مستشفى المجانين حتى توفي عام 1814وكان قد قضى في السجن ثلاثين عامًا متقطعة بسبب انحرافاته الشديدة

 

يقال إنه خضع لعقاب بدني شديد في صغره حيث عوقب بالضرب بالسوط بسبب سوء تصرفه في المدرسة التي كان مبعد إليها بعد اعتاءه بالضرب على أميرة فرنسية، وكان ذلك بعد أن حظي بدلال كبير في طفولته المبكرة أعقبها وقوع طلاق بين والديه لتتركه أمه في صغره وتلتحق بالدير وتصبح راهبة، تبدو طفولته المشوهة بيئة مناسبة لتوقع انحرافات سلوكية وجنسية مروعة  تشير إلى عقد بالعظمة مع نقص شديد أصابه وعرفت هذه الانحرافات بالسادية نسبة إليه هو وهي في تعريف لها تعد المتعة التي يشعر بها شخص ما جراء ممارسته للعنف أو القسوة أو التسبب بالألم للآخر.

 

هل تعرف بناتنا الصغيرات شيئًا عن هذا أو ربما هل يعرفن كيف ومن أين تولد لديهن الثقة بالنفس والشجاعة ؟

يبدو أن المرأة في مجتمعنا لم يعد بوسعها الصبر وكتمان الوجع أكثر من ذلك وأنا أرجح أن الاستفزاز الذي تتعرض له المرأة ليل نهار من الوسطاء والوعاظ الذين يصرون على أن تعبر إلى الجنة عن طريقهم وحدهم ويقررون عنها لماذا خُلقت بل ويقررون عن الله عز وجل ما تصلح له المرأة وما لا يجب أن تقترب من فعله.

 

لذلك لن يتوقف الحديث عن التحرش في مصر ولن يكون عارضًا مثل أي تريند يخفت كما بدأ من العدم وإليه وأرجح أن يظل صوت المرأة المظلوم مرتفعًا حتى يعلو صوت المجتمع بالحق وينصفهن

الجاني هذه المرة صحفي غير معروف إلا في أوساطنا الصحفية والإعلامية لكن يده امتدت لضحايا من جميع الأوساط، شهادات مرعبة استغربها المتابعون ولم يفهموا لماذا تبقى الضحية خائفة من معنفها ولا تنطق وفي هذه المرة تجاوزت شهادات الضحايا عما لاقوه التحرش إلى شهادات عن محاولات اغتصاب وايذاء شديد بدني ونفسي

 

تابعت تعليقات كثيرة عن الشهادة الأولى لضحية الصحفي والتي لا تختلف ضمنيًا عن الشهادات التي تلتها وجاءت التعليقات متسائلة بغرابة لماذا صدقت الفتاة اليافعة الجاني وذهبت معه إلى مكان عمل اكتشفت أنه مكان مهجور ضربها وحاول اغتصابها بداخله ثم لم تجد بديلا عن الصعود إلى سياراته خوفًا من أن يتركها في العراء لينتهي بها الحال ملقاة على الطريق

لماذا قبلت ضحية أخرى أن يقلها الجاني بسيارته إلى أقرب محطة مواصلات ولماذا خافت الضحية من المجرم حتى  من مقاطعته وعداوته ولو سرًا دون أن تفضحه ولماذا تابعت أخرى سؤال الجاني الأولى سؤال الجاني لسنوات لماذا فعلت بي ما فعلت لماذا أنا وكانت تشعر بخزي وعار شديدين ولاحظ أنهن جميعًا يافعات جدًا لم يتخرجن من الجامعة وقت الاعتداء

 

للإجابة على الأسئلة العالقة بأذهان الغالبية إليكم محور الشر ومدخله الوحيد

تحطيم الثقة وتصغير الشأن

تربي غالبية الأسر المصرية بناتها باعتبارهن غير قادرات في المطلق وأنه يتوجب أن يوجد في حياتهن ذكر لتكتمل قدرتهن، ولو كان ذلك من قبيل التدليل تظل البنت غير قادرة بشكل كامل دون ذكر وتشهد الفتيات خضوع وتصديق أمهاتهن للأب وإذعان للابن الذكر  تكبر البنت وهي تشعر أنها أقل من أي ذكر محتمل ستقابله وهو أفضل منها وأنها بحاجته لتكتمل قدرتها لذلك هي تحتاج إلى تقييمه ورضاه عنها لتصبح في عين نفسها كاملة وغير مذنبة.

هي أيضًا رغم مسئولياتها في التعليم في فترة الطفولة مسئولة عن راحة أخيها أو أبيها لذلك فهم أعظم شأنًا منها ما يعني أن تشعر بالصغر والقلة دائمًا تجاه أي ذكر.

 

على جانب آخر يتبع الأهالي في معظمهم إحدى المنهجين إما تخويف بناتهن من الرجال بصفة عامة وذلك لكفاية الشر الذي قد يأتيهم من هذه الناحية أو اتباع منهج التجاهل التام فلا تتحمل الأسرة مهمة تعريف بناتهم أوألادهم بالجنس الآخر وربما لا يعرف الأب ولا الأم أنفسهم ليعرفوا شيئًا عن الجنس الآخر وينقلوا المعرفة أو يوفروا أدواتها لأبنائهم ليكتشفوا بأنفسهم وإضافة إلى ذلك تخفق الأسر في تعليم أولادها أهمية وضع الحدود التي يجب أن يفرضها كل إنسان رجل أو امرأة لحمايته مهما تقدم في العمر تلك الحدود هي المساحة التي يقررها كل شخص لحفظ خصوصيته وراحته وأمانه وهي بالتالي تختلف من إنسان لآخر

 

ينتج عن ذلك إما خوف البنت من الجنس الآخر أو عدم تكوين صورة غير صورة الأفضلية للذكور التي أصبحت كالوشم في وعي البنات لا يمكن إزالته بسهولة

حين تخرج البنات للمدرسة أو الجامعة أو مضمار العمل تجد الرجل شريكًا في كل ما هو خارج البيت لكنها لا تعرف كيف تعامله هل هو الأفضل منها والأرقى والأحق فقط أم هو المخيف أيضًا

لا يمكن أن يستغرب أي عاقل أن يصدق الإنسان الذي يشعر بالصغر والقِلة في نفسه عندما يتعرض لتحقير أو ضرب أو إيذاء لفظي من الجنس الذي اعتقد دائمًا أنه أفضل وأقوي وأحق منه أنه يستحق التحقير والإيذاء

لفتتني جملة في شهادة واحدة من الضحايا تقول ( بعد أن طلب لقائي -تقصد الجاني- وذهبت لحضور إحدى ورشه وقابلته للمرة الأولى عاملني بشكل سيئ جدًا كان فظًا وغليظًا وغير محترم وعندما سألته لماذا  تعاملني بهذا الشكل أجاب لأن عندك مشاكل )

لو وجدت هذه القتاة من أسرتها الحب والثقة والكرامة لكان أول ما يتبادر لذهنها في هذه اللحظة أن تشك في سواء هذا الإنسان وأقله فهي لا يجب أن تسمح بالتجاوز في حقها أو معاملتها على نحو لا يرضيها، لكنها ترتبت على أنه كذكر يتفوق عليها فما بالكم بكونها تواجه اسمًا لامعًا في الصحافة الاستقصائية يحاضر في جامعات عالمية بالتأكيد لو أنه سحقها بقدميه لم تكن لتستنكر ولقد فعلها

إقرأ أيضا
11 سبتمبر

فقد علمتها أسرتها أن تشك في قدرتها وأنها لا تستحق الاحترام وحدها دون أن يحترمها ذكر ويقدرها فكيف لو كان نجمًا ناجحًا تتوق أن تحظى بقبوله ورضاه

اقرأ أيضا

رسالة إلى مشاهير السوشيال ميديا وإلى كل مي حلمي

إذا لماذا استمرت الضحية في الحديث إلى إنسان لم يعاملها بشكل لائق بل واجهها دون سابق معرفة بأن معاملته السيئة بسبب مشكلات ونقص ظاهر عليها ؟

ببساطة لأنها تعاني من صراع داخلي تشعر داخلها أنها إنسان كامل – كما خلقها الله – ولديه قدرات أكبر مما توحي لها أسرتها لقد خلف هذا الصراع داخلها شعورًا بعظمة غير مبررة لأنها أكبر من تصورأهلها لكنها ليست خارقة وفي الوقت نفسه هي أقل من كل ذكر فسبب هذا الفهم نقصًا داخلها تجاه أي ذكر فما بالكم لو كان أكبر سنًا ومشهود له بالتميز والنجاح  كل ذلك جعلها صيدًا سهلا للجاني لأنه عرف أنها ستلحق به لتعرف ما هي المشاكل التي لاحظها بمجرد ما وقعت عليها عيناه

ستصدقه لأنه ذكر أرقى وسوف تشك في قدرتها لأنها تعلمت ذلك وسوف تلحق به مهما أساء معاملتها حتى تكتمل

لذلك عندما يحدث اعتداء أو اغتصاب سوف تصدم لكنها لن تلوم غيرها ولن تشعر بالعار إلا من نفسها.

 

متفائلة بكل هذا الطفح العفن لأنه السبيل للإفاقة ويبقى لي أن اذكر للأهالي قول جبران خليل جبران أولادكم ليسوا لكم أولادكم أبناء الحياة المشتاقة إلى نفسها

ها أيها المجتمع ألن تُسقط عنك قيمك الفاضحة وتغيرها وتخجل

الكاتب

  • المغتصب رشا الشامي

    إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة






ما هو انطباعك؟
أحببته
10
أحزنني
2
أعجبني
2
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
1


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان