رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
1٬241   مشاهدة  

كيف تعلمت من “النمل” معنى الحرية !!

النمل


إن مزاولة أبسط وأتفه الأشياء، كأن تقلب صفحة كتاب، أو أن تلقي التحية، تفقد كل القيمة وكامل المعنى ما دامت لم تُفعل بإرادة الحرية .

صغيرة كنت، أتقافز كفراشة بين الأشجار في حديقة منزل جدتي لأمي رحمها الله حيث المجالات الفسيحة للهو واللعب..

اقرأ أيضًا 
ملف الأشجار المقدسة .. قداسة وسياحة

أتذكر صوتها الحاني يناديني حتى أصعد لأتناول فطوري، وكيف كنت أختبئ بين الأشجار وكأنني لا أسمعها، وكأنها لن تراني، وأي طعام هذا وأنا في خضم العابي !!

النمل
النمل

أتذكر أيضا ذلك الجحر للنمل في تلك الحديقة، وكيف كنت أتأمل وفودهم في ذلك الطابور الرشيق، يدخلون في جحرهم الصغير حاملين غذائهم ويخرجون منه خاويين الأيادي – إن كان للنمل أيادي- كانت متعتي أن أحبسهم في صندوق كرتوني لطيف، أقوم بتزيينه و تلوينه بالألوان الفلوماستر، أغطيه بكيس بلاستيكي وأثقبه حتى يستطيعوا التنفس، ثم أقدم لهم وجبات من قطع سكر القوالب.

الحرية

كان هدفي نبيلًا بحق، فبدلًا من تكبد العناء ومشقة هذه الحشرات الضعيفة في جلب طعامها، هاهو طعام جاهز من النوع الذي يفضلونه، لكنني دائمًا ما كنت ألاحظ أن هنالك نملة تحاول الخروج من الثقوب الموجودة في الكيس البلاستيكي، وكأنها تريد الفرار من قطع السكر الجاهزة للأكل، فكنت اغتاظ وأحنق وأحاول دهسها بسبابتي.

– أيتها الحمقاء، أنت التي تريدين الفرار مني ؟؟… فلتذوقي إذن أشد العذاب ..وليري بقية إخوتك كيف تتعذبين تحت يدي …

إقرأ أيضا
جينوجرافيك

و لكن أكثر ما كان يثير حنقي هو محاولة هروب البقية من صندوقي الفاره الفاخر، وكأنهم لم يشاهدوا أخيهم يدهس أو صديقتهم تتعذب، فكنت أدهس وأعذب كل من يحاول الفرار.
– ولكن لماذا يحدث هذا في كل مرة ؟؟!!…
هكذا تساءل عقلي الصغير..

النمل
النمل

لم أعرف حينها أن العيش بحرية أفضل ألف ألف مرة من وجبة غذاء أتفضل بها عليهم وقتما اريد، أو أعطيها لهم فقط حين أريد أن أعطي، لم أعلم أنهم عندما يحاولون الهرب فإنهم يريدون النجاة بأنفسهم من بطشي وساديتي وديكتاتوريتي، لم أدرك أنهم يحاولون الفرار نحو كون فسيح أفضل من كوني، لم أفطن أنهم سوف يحرثون المسافات والجدران من أجل لحظة، وإنني لو قتلت نملة فسوف تهرب مني ألف نملة، وسوف يعيشون بعيدًا عن صندوقي بـحـريــــــة.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
3
أحزنني
0
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان