همتك نعدل الكفة
104   مشاهدة  

كيف صورت رواية ” بيت المقاطيع” الصراع على التملك والسلطة من المماليك وإلى الآن

بيت المقاطيع
  • مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



تشارك رواية  بيت المقاطيع للروائي ” مصطفى الششتاوي “، في  معرض الكتاب 2024، وهي رواية صادرة عن ” بيت الياسمين ” للنشر والتوزيع.

وتعتمد رواية بيت المقاطيع على الرمزية لمناقشة الفساد والظلم، إذ تخوض الرواية في نفوس أرض البداري والصراع على التملك والسيطرة من بداية عصر المماليك  وحتى يومنا هذا .

الرواية مليئة بالإسقاطات السياسية  على الصراع العربي ، وكيفية غزو الغرب لنهج الشرق، من حيث الأفكار والمعتقدات، وطرائقها وكيفية التوغل إلينا ومنّا.

ومن أبرز القضايا الرمزية التي ناقشتها الرواية قضية ” الظلم” ، حيث عالجها ” الشتتاوي” تارة بطرق مباشرة ومرات تُفهم من سياق العمل، ومن اقتباسات الرواية التي تدل على هذه الفكرة:

ـ وقف “علي” أعلى درجتين عراض بني في قِبلة المسجد الطيني، مسجد القرية، عاليه سيقان من السعف متشابكة تحرسه، وعلى حائطه وُزِّعت مشاعل خشبية نائمة الآن، ومن أمامه قرابة الخمسين فردًا متشكلي الأعمار منصتين له، وهو يجهر فيهم بصوته الرنان:

– ماذا تعرفون عن الظلم يا سادة؟ الظلم هو أن يهجر النبي صلوات ربي عليه محله إلى المدينة تاركًا من وراءه عمره، لذا قال: ولولا أهلك أخرجوني منكِ ما خرجت، تكاثروا عليه فضاق صدره الشريف، ما تصلوا عليه!

ـ تمتم الجلوس بصيغة الصلاة، في حين هو يكمل تلاعبه بوتيرة صوته:

ـ الظلم يا سادة هو ضرب الجبابرة فوق الأعناق، كسر أنفس الضعفاء، الذل والمهانة، السرقة والنهب، امرأة كهل شيَّبها مقتل نجلها، أقسمت بألا تذوق جفونها النوم إطلاقًا حتى تخمد نيران قلبها، كبدها تأكل يا سادة، ماذا تنتظرون منها؟

ـ علا بأعلى طبقة لديه من الصوت كما لو كان سيشق حنجرته:
ـ أراد لها ربها أن تقف أمام أكاسرة الأرض، انظروا عظمة المولى حين ينصر من لا حيلة له، حين ينصر المستضعفين في أرضه.

ـ شيبت الحكام، يا الله، تركوا لها المدينة خاويةً على عروشها، فروا منها، فطبطب ربكم على قلبها لتهنأ ولو قليلًا، كلي واشربي وقري عينا فإما ترين من البشر أحدًا فقولي إني نذرت للرحمن صومًا، لكنه الظلم عاد فطغى بجنوده، قواه إبليس اللعين، تفاقم كما استفحل مع الحبيب فأبادوها، عقروها، أذاقوها السعير، فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها، أكلت النيران الناس والأراضين، وما نجا منها إلا أربعة وخامسهم حفيدها، سيسألني أحدكم كيف نجوا يا علي؟ وسأخبرك بأن العجوز هي من أشارت عليهم بالهجرة والنجاة من بين فكي الظلمة، فقد أنار ربكم بصيرتها، إنها من عبادنا المخلصين.. البداري هي القرية المجاورة لنا وأنا مَن أسميتها بذلك نسبةً للبطلة “بداري”، وهاك هو حفيدها.

ثم تحدث عن القهر وعن فقدان أصحاب القرية السيطرة الكاملة  على عدوهم ومغتصب حياتهم، فالقهر والغليل عملة واحدة ومن الاقتباسات التي جاءت في الرواية ودلت على هذا :

دموع مسلمة تسقي الحرث..
عويل يسمعه الصُّم..
قلوب تتمزَّق إربًا..
أرض فقدت ترابها وصارت للسماء عراء، العُثمان استباحوا دماء مَن لا حيلة لهم ووضعوهم فديةً من أجل بتر رأس الحق، وفرُّوا هاربين من القرية بعد فعلتهم الدنيئة، لا أثر لهم.

القهر والغليل وجهان لقرية واحدة، كل من بيوتها يحمل موتاه، ليسكنه مثواه الأخير بين القبور، النساء تصرخ، الأطفال تبكي، منهم من ينادي أباه ومنهم من يقول أخي في الجنة مأواه، وما إلاها (بدارِي) التي ظلت صامدة تحدق في جثمان نجلها بعد أن ابت إكرامه.

إقرأ أيضا
أسعار الورق

ثم تحدث رواية بيت المقاطيع  عن مصير أصحاب الأرض أمام مغتصبيها، وأشار إليها في هذا الاقتباس :

ـ لقد اختار أخي أصعب ما يكون على الرجل وهو أن يتخلى عن ذكورته مقابل مأمن الآخرين، تمنيت لو احتضنته أخفِّف عنه حمله وفكره، لكنه رحل ولم أرَه حتى ذلك الوقت دومًا، كان يرسل لي بعض السلامات كما كنت أسمع من عمتي، معه الحق في كل عباراته السابقة، فأنا لم أنسَ يوم تلك الواقعة لم يُكشَط المشهد من رأسي عندما جريت لأجد أمي عاريةً ملقاةً كخرقة بالية على جنبات الطريق، وأبي غاطس في دمائه وإخوتي صرعى مهشَّمين قد قذفهم الملعون (دياب) من أعلى السطح، جريت لا أعلم إلى أين أردت أن أنتقم من كل عائلة الشيطان ذاك، فذهبت إلى أخيه الذي سكن في آخر المدينة وأخدت أضرب عليه بالحجارة، فكان أجبن من أبي، لم يفتح ليواجه حجارتي، يبد أنه بعيد كل البعد عن أخيه وغير راضٍ عن أفعاله، أي: لا يحب الدماء مثله.

ـ هرولت إلى ترب أبيه أنعته وأضرب قبره أنبشه، كي يخرج ينظر نسله الفاجر القاتل، ماذا فعل بنا؟ لكن حينها لحقتني جملة سمعتها (الابن لا يرِث إلا غليل أبويه) غفوت لا أعلم كيف، لكني فعلت!
ووجدتني أستيقظ في كنف ذلك الفاجر، أخدت أركله، أصرخ، حتى فتحت بابه وأخذت أهرول، أبتعد عن كل شيء يمس تلك القرية الملعونة.

اقرأ أيضًا : مجهود الغصن .. تاريخ نضال المدينة الباسلة 

الكاتب

  • رواية بيت المقاطيع مي محمد المرسي

    مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
2
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان