أبي الذي أحب..ابن الاسكندرية
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
يردد الكثيرون “أبي أحسن أب” فيما أقول أن أبي يستحق تمثالًا ولو كنت ترى أنني أبالغ فتعالى معي في حدوتة حول هذا الرجل واحكم بنفسك.
بداية من طفولة محمود سيف أبي العزيز وكان أكثر من يطيع أمه في كل شيء، هذا نقلًا عن أمه نفسها زينب حسن البيضة التي سأحكي عنها بمقالات قادمة.
ابن الاسكندرية محمود كانت تلجأ له والدته في كل شيء.
محمود انزل جيب لي الخضار
هو مافيش عندك غير محمود
معلش يا ابني اسمع الكلام.
ومن يومها يسمع محمود الكلام ويلبي طلبات والدته كلها حتى فارقت الحياة عن عمر يناهز 93 عامًا بعد صراع دام سبع سنوات مع المرض ورقدة الفراش.
لم يكمل أبي تعليمه، ترك المدرسة من المرحلة الإعدادية وعمل بالسعودية في شبابه حتى تزوج أمي التي كافحت في الإمارات هي الأخرى وعملت كممرضة.
المكافحان تزوجا وأذعنا لغربة والدهما اللذان كانا أصدقاء واقترحا أن يتزوج الشاب الثلاثيني الذي يعيش في السعودية من البنت التي أوشكت على الوصول إلى الثلاثين والتي تعمل بالإمارات.
وأنجباني كبنت بكرية على ولدين أحبا الهندسة والفن فيما بعد وشاركاني حبي للقراءة والسينما والكتابة.
مهندسان وصحفية حصيلة تحويشة عمره.
ابن الاسكندرية يحب الزرع من اليونانين الذين تربى معهم بالإبراهيمية.
يحب الحيوانات حيث ربى كلبًا في طفولته اسمه “ريكس” وقطة اسمها بوسي ومازال يرحم كلاب الشوارع ويجمع لهم عظام الفراخ حتى يسد جوعهم نهارًا وينهرهم من الشرفة ليلًا:
عايز أنام…كفاية إزعاج.
لم يضربنا أبي قط، والمرة الوحيدة التي هددني فيها بعصا رأني شديدة الخوف فقال: أنا بابا مش هضربك ماتخافيش.
أكثر السنوات التي تحملها معنا ابن الاسكندرية عندما مرضت أمي منذ عشر سنوات وأصيبت بعدة مشكلات لا علاج لها سوى المسكنات.
في هذه الفترة تغيرت شخصيتي تمامًا وعن هذا الحديث مقال آخر، ولكن أكثر شيء لن أنساه صمود أبي.
صراخ وآهات ليلية ونهارية، شكوى مستمرة، قلق دائم، مشاوير للأطباء، متطفلون من المعارف يتدخلون فيما لا يعنيهم ويحكمون علينا بالتقصير.
لم يتحمل هذا أبي فقط جانب عمله، بل كان له نصيب في مراعاة أمه المريضة طريحة الفراش ببيتها أيضا.
يومان يذهب فيهما أبي لجدتي قبل وفاتها لست سنوات منهم سنة كاملة تولتها أمي ببيتنا قبل أن تُنقل جدتي لبيتها مع إشراف جليسة وتقسيم الوقت بين أبنائها.
محمود مرتبة القرح مش مريحاني
محمود ضرسي واجعني
محمود …
تنادي جدتي على أبي طوال الليل، أصبح لا يعرف النوم في بيته أو في بيت جدتي.
زوجته مريضة من ناحية وأمه من ناحية أخرى.
رغم كل الظروف الصعبة التي واجهها في الغربة في شبابه ثم مع أمي وجدتي في مرضهما وظروف أخرى عائلية صبر عليها يطول شرحها ، لم يتغير أبي.
لا مبرر للوقاحة، تقول صديقتي هذه الجملة عندما يتصرف أحدهم بغباء، ومع عشرتي لأبي آمنت بهذه المقولة.
أبي ابن الاسكندرية الأصيل تعرض لكل الضغوط التي يمكن أن يمر بها إنسان منذ طفولته، ولكن لم تتغير طباعه من تسامح مع الآخرين وطيبة قلب تصل للسماء.
كافح لأجلنا وتحمل الكثير ومازال رغم بلوغه 71 عاما يعمل بعد المعاش ويحب الحركة ويرى فيها البركة ويستمر في توزيع المحبة، حتى أنه لا ينسى أن يسأل على أصدقائي أنا وأخوتي لو كانوا في كرب ما رغم زحام الحياة وما عايشه فيها من تعب، لا يمنعه إرهاقه منها مواصلة العطاء.
ورغم أنه لا يفهمني أحيانًا، إلا أنه يستوعب قراراتي معظم الوقت ويدعمني قدر استطاعته لأنه فقط يثق في، يثق بي إصرار التي شربت منه الكثير من الطباع….أبي ابن الاسكندرية أحبك جدًا .
الكاتب
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال