همتك نعدل الكفة
425   مشاهدة  

“أم أحمد” حكاية كل مصري شقيان نفسه يعيش كويس

أم أحمد
  • مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



“أم أحمد” امرأة أربعينية تجلس بالقرب من محطة مترو الأنفاق بشبرا الخيمة، تلتف بشال نسائي تمتزج ألوانه مع ألوان الشقاء التي تعانيها يوميًا.. تحتسي كوبًا من الشاي يعطيها بعض الدفء المفقود في أجواء الشتاء البارد.. عشر سنوات هنا لم تغير مكانها فتارة تبيع الفراولة الشهية وأخرى بعض الفواكه الموسمية والآن تبيع”الحرنكش” بمزازته المحببة للأطفال والكبار.

الجو أصبح أكثر سوءً .. والبرد يشتد.. وزخات المطر تزداد.. وعضة الصقيع لا تهدأ بل تزداد شراسة، وهي تجلس بتحدٍ وإصرارٍ كبيرين لا تحني رأسها له مهما تجبر واستشرس عليها فصورة أبنائها هي الدافع الوحيد للتحدى الحياة التي تطحنها في تروسها .. كل ما تفعله بسمة رضا في وجه الزبون.. ومع كل بيعة جديدة تُقبل المال وتضعه في كيس قماشي يتدلى من عنقها .

حرنكش
حرنكش

رحلة المشقة

تبدأ رحلتها اليومية من شبين القناطر إلى شبرا الخيمة حيث حركة البيع والشراء.. تمر الساعات عليها وهي هكذا ثم تعود أدرجها في الثانية عشر ليلًا ومع كل هذا الوقت لا تجمع سوى القليل من الجنيهات التي بالكاد تسد رمق أولادها الخمسة.

ما باليد حيلة

وقد منعتها طبيعة الحياة أن تجلس مع أبنائها لتشبعهم من حنانها، ففي ذات مرة طلبت ابتها الصغيرة ذات السبع سنوات أن تجلس ليوم واحد معها فهي تشتاق إليها كثيرًا .. تود أن تتناول معها وجبة واحدة .. لكن ما بيدي الأم حيلة فمعنى جلوسها في البيت يومًا أن اليوم التالي لا يوجد ما يسد رمق أولادها مع الوضع المعيشي البائس .

ضحايا الشقاء

وقد ضحت” أم أحمد” بجزء من أبنائها ليتعلم الجزء الباقي، حيث وضعتها الحياة في اختيار صعب فقد وقع الاختيار على ابنتها البكر أن تتخلى عن أحلامها البسيطة فتتسربت من التعليم ولم تكمل الإعدادية رغم تفوقها لترعى أخوتها الصغار حتى عودة الأم ليلًا، ولم تقف الظروف وطبيعة الحياة القاسية عند هذه الضحية فكان هناك ضحية أخرى! .

أم أحمد
أم أحمد

الابن الأكبر من الذكور قد تخلى عن بعض أحلامه الفتية، فرأى من العيب أن تعمل والدته وأخته وهو عالة عليهن فقد اختار طريق التعليم القصير وحصل على دبلوم فني إلى جانب عمله في ورشة حداده ..لتتجمع آمال الثلاثة وأحلامهم في أولئك الصغار يعملون ليل نهار ليوفروا لهم حياة آمنة، فمن حقهم التعليم والملبس الجيد ونومة هنية.

ومع تكالب الظروف وقص الحكايات تأثرت”أم أحمد” وتلألات دمعاتها مختلطة بكحل عينها الأسود فيما يشبه ما تحكيه.. وخرجت من بين خضم أمواج كلماتها المؤلمة جملة قد تبدو بسيطة ولكنها تحمل الحياة في نظر هؤلاء البسطاء ” نفسنا نعيش كويس” فزوجها قد ترك العمل بعد ثورة 2011 ولم يجد عملًا، فاكتفى بزراعة قيراط من الخضرة يساهم ولو حتى في علاجه الذي يحملها فوق قدرتها.

إقرأ أيضا
مهرجان العلمين

وعندما شعرت بأن الحياة قد تبتسم لها حينما قدمت لها تكافل وكرامة 400 جنيها فكان كما المثل المصري “قليل البخت يلاقي العضم في الكرشة” فاستكتروا المبلغ وتم تخفيضه إلى 280 جنيهًا.

حرنكش
حرنكش

وللمرة الثانية قالت “نفسنا نعيش كويس ” الجنيهات التي نجمعها يوميًا لم تعد تكفي شراء زجاجة زيت، وحتى الخضروات التي كانت في متناول يدها لم تعد تستطيع شرائها الآن، وحينما فكرت في شراء الكتاكيت لابنتها لترعاها كما ترعى أخواتها وتأكل من بواقي طعامهم صدمت حينما علمت أن سعر الواحد 32 جنيها ناهيك عن سعر العلف الذي أصبح ب700 جنيهًا انصرفت عن الفكرة تمامًا كما غيرها من حياتها .

الكاتب

  • أم أحمد مي محمد المرسي

    مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
2
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان