“وثيقة أزهرية عمرها 77 عامًا” عندما قال السودانيين للملك: لسنا غرباء في مصر
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
رغم الشروخ التي صنعتها السوشيال ميديا في حب السودانيين لمصر والعكس على المستوى الشعبي بفعل نيران السياسة، إلا أن أسوأ ما صنعته مواقع التواصل الاجتماعي زعم البعض أن السودانيين في مصر منذ زمن يعانون من الغربة داخل القاهرة.
اقرأ أيضًا
لماذا يجب أن تختار السودان مصر دونًا عن إثيوبيا “بعيدًا عن الإنشاء التاريخي”
الواقع المعاصر القريب ينفي تلك الأسطورة، إلا أن التاريخ السحيق لا يكتفي بالنفي فقط بل يثبت العكس، فالسودانيين نظرًا لحبهم للشعب المصري ومحبة الشعب المصري لهم رفضوا إطلاق مصطلح غرباء حتى لو كان غير مقصود.
من السيد شحاتة إلى الملك فاروق: قل على أي أحد أنه غريب إلا السودانيين
في العام 1943 أعلنت الصحف المصرية أن الملك فاروق سينظم حفلاً لتكريم الطلاب الغرباء، وقرأ هذا الخبر الصاغ السوداني السيد شحاتة الذي يعمل ضابطًا في بلوكات الأقاليم بالعباسية، فقرر إرسال خطاب إلى الملك فاروق سلمه إلى كبير الياوران بتاريخ 14 سبتمبر سنة 1943 م.
قال الصاغ السيد شحاتة “قرأت بالجرائد اليومية ما يفيد بأن مولانا الملك أصدر أمره الكريم بدعوة الطلبة الغرباء أسوةً بمن تشرفوا بالدعوة فيضيف بذلك مكرمة إلى مكرماته التي لا تحصى ولا تعد، وعلمت من بعض الطلبة السودانيين بالأزهر الشريف أن الدعوة ستشملهم وسينالون هذا الشرف العظيم مع إخوانهم الطلبة الغرباء”.
اقرأ أيضًا
ناهد رشاد والملك فاروق .. القصة الحقيقية للملكة التي لم تجلس على عرش مصر
وواصل الصاغ السيد شحاتة كلامه قائلاً “لما كان السودان بموقفه المعلوم “وهو القطر الشقيق” وأبناءهم الأخوة الأصاغر للمصريين “ومن الفريقين تتألف وحدة وادي النيل”، لذلك نرجو التكرم بعدم اعتبارنا من الغرباء وأن تكون الدعوة موجهة للغرباء الفعليين، أما نحن فلا نقر ولا نقبل أن نسجل على أنفسنا وبأيدينا أننا غرباء ولا نرضى أن نُعْتَبَر كذلك، لأن المصري والسوداني شيء واحد ومن الأخويين “يتكون الوادي”.
“وشاهد شاهد من أهلها” أجواء الأربعينيات على السودانيين في مصر
أجواء الأربعينيات في مستوى الحراك الطلابي السوداني داخل مصر يمكن استشفافها من كتاب “تطور التعليم في السودان” والذي كتبه محمد عمر بشير أحد مؤسسي جامعة أم درمان الأهلية، حيث قال “في عام 1943 بلغ عدد الطلاب السودانيين المقبولين في المدارس المصرية إلى 594 طالبًا، كان منهم 36 في الجامعة المدنية و95 في المدارس الثانوية و 463 في الأزهر الشريف، وبعدها بعامين أسست الحكومة المصرية بيتًا لإقامة الطلبة السودانيين في القاهرة مع منحهم إعانات شهرية مما شجع الشباب السوداني للهجرة إلى مصر طلبًا للعلم وكان عددهم 878 طالبًا، توزع منهم 298 على جامعتي فؤاد وفاروق “القاهرة والإسكندرية حاليًا”، و 25 في المعاهد العليا و 466 على الأزهر الشريف”.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال