القضاء والإمام علي بن أبي طالب “تميز أشاد به الرسول لهذه الأسباب الدينية”

حدد أبو يعلى الحنبلي في كتابه الأحكام السلطانية أن التميز في القضاء يحتاج إلى تميز في العلم والفهم، لأن القاضي لابد أن يكون عالمًا بالأحكام الشرعية، ولا يتم له ذلك إلا بالعلم بكتاب الله، بما تضمنه من الأحكام، ناسخًا ومنسوخًا، ومحكمًا ومتشابهًا، وعمومًا وخصوصًا، ومجملًا ومفسرًا، والعلم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أفعال وأقوال.

نماذج من أحكام الإمام علي بن أبي طالب القضائية

بتطبيق شروط أبو يعلى على الإمام علي بن أبي طالب نجده من أكمل صحابة رسول الله ص في هذا الجانب من العلم والفهم، الذي يدل على قوة ضبطه ودقة فهمه، لذا فقد اختاره رسول الله ص لتوليته القضاء في اليمن، كما يقول علي – رضي الله عنه -: “بعثني رسول الله ص إلى أهل اليمن قاضيًا، فقلت: يا رسول الله ! ترسلني وأنا حديث السن، ولا علم لي بالقضاء ؟ فقال: إن الله سيهدي قلبك، ويثبت لسانك، فإذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقضين حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول ؛ فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء،قال: فما زلت قاضيًا، أو ما شككت في قضاء بعد”.

اقرأ أيضًا 
كيف كره ابن تيمية الإمام علي بن أبي طالب وافترى عليه؟

ومما يدل على تميزه في هذا الجانب قضاؤه في الأربعة الذين تدافعوا عند حفرة للأسد إذ سقط رجل فتعلق بآخر، ثم تعلق رجل بآخر، حتى صاروا فيها أربعة، فجرحهم الأسد، وماتوا من جراحتهم،وكاد أولياؤهم أن يقتتلوا، وجاءهم علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – وقضى بينهم بقوله: “اجمعوا من قبائل الذين حفروا البئر ربع الدية، وثلث الدية، ونصف الدية، والدية كاملة، فللأول الربع ؛ لأنه هلك مَنْ فَوقهُ، وللثاني ثلث الدية، وللثالث نصف الدية” فلما ذهب الأولياء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبروه، أقر هذا القضاء.

اقرأ أيضًا 
من زاوية أخرى : الإمام علي بن أبي طالب وحتمية الهزيمة أمام معاوية بن أبي سفيان

إقرأ أيضا

إطلاق سراح قاتل من السجن لأنه لا يستطيع إنقاص وزنه خلف القضبان

ومن أحكامه القضائية ما رواه زيد بن أرقم، قال: “أُتي علي بثلاثة وهو باليمن وقعوا على امرأة في طهر واحد، فسأل اثنين: أتقران لهذا بالولد ؟ قالا: لا حتى سألهم جميعًا، فجعل كلما سأل اثنين، قالا: لا، فأقرع بينهم، فألحق الولد بالذي صارت عليه القرعة، وجعل عليه ثلثي الدية، قال فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فضحك حتى بدت نواجذه، وكان ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فرحًا وسرورًا بتوفيق الله تعالى عليًا للصواب، ولذلك قرره على ذلك.