“المجذوب .. أثر مملوكي في أسيوط ألهم محمد علي باشا فكرة “القناطر الخيرية
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
الزحام الخانق نتيجةً للباعة الجائلين حول قنطرة المجذوب ، يعطيك انطباعاً واحداً وهو أن هذا المبنى مجرد هاويس قديم وبحكم الزمان تحول إلى أطلال، لكن حقيقة المبنى غير ذلك، وربما لا يعلمه كثير ممن حاولوا تشويهه بعوامل التلوث السمعي والبصري.
قنطرة المجذوب بأسيوط، تكتسب هذا الاسم نسبة للمسجد الواقع بالمنطقة ويعرف باسم مسجد الشيخ محمد المجذوب في أسيوط، وحتى الآن لا يُعْرَف مؤسس تلك القنطرة، ومن خلال الرسومات التي رسمها دتروتر في كتاب وصف مصر يتضح أن الطراز المعماري الذي بنيت به القنطرة يمكن نسبته إلى العصر المملوكي.
شكل القنطرة كما يذكر كتاب “تاريخ آثار أسيوط”، عبارة عن ثلاثة عقود مدببة تستند على ثلاث دعامات وضعت رأسيا بين فتحات العقود، وتتكون قنطرة المجذوب من جسم مبني من الداخل بالطوب الأحمر وغلاف من الخارج بالحجر الجيري المنحوت وتتكون من ثلاثة عقود نصف دائرية ودروتين شمالية وجنوبية وظهر.
من واجهة القنطرة الرئيسية يمكن تفسير سبب وجود تلك القنطرة، حيث أنها تواجه ماء النيل الذي يتدفق من الجنوب إلى الشمال، واتسم الشكل الخاص بالقنطرة بتعدد الزخارف والأشكال الهندسية والنباتية والحيوانية كذلك، حيث يوجد حيوان خرافي جسمه جسم حيوان يشبه القط والوجه لطائر له منقار مفتوح وله ذيل طويل يلتف حول ظهره وله خمسة أرجل.
أثر المجذوب في حقيقته، أنه أول قنطرة في تاريخ مصر الحديث من حيث الهدف، حيث تأسست لتحويل مياه الأنهار إلى المناطق المنخفضة التي لا تصل إليها المياه مثل الترع والمصارف المنخفضة عن مستوى سطح النهر.
قد قام أحمد باشا طاهر بترميمها في سنة 1823 م وقد أشار علي باشا مبارك في كتابه الخطط التوفيقية الجديدة إلي أن حسين باشا مدير أسيوط قام في 1834 م بتجديد القنطرة فوق الأساس الذي وضعه أحمد باشا طاهر وعلى نفس الطراز.
أعاد محمد علي باشا بناءها سنة 1835م مكان قنطرة قديمة في نفس الموقع بعد أن تهدمت الأولى تماما، وكانت قنطرة المجذوب التي طورها محمد علي هي الأقدم من دُرَّة مشاريعه في الري وهو مشروع القناطر الخيرية إذ أمر محمد علي باشا بتنفيذها عام 1833 ، إلا أن التنفيذ الفعلي بدأ بعدها بعشر سنوات في 12 مايو 1843، وخلال التنفيذ ظهر خلل في بعض عيون القناطر بسبب ضغط المياه، وتوفي محمد علي باشا عام 1848 قبل أن يكتمل المشروع على يد عباس حلمي الأول.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال