لماذا انتشر قتل المهندسين في مصر منذ 222 سنة
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
لم يكن هناك وضع لطيف يشعر به المهندسين في مصر قبل عام 1816 م الذي شهد تأسيس مدرسة المهندسخانة في القلعة بقرارٍ من محمد علي باشا بهدف إعداد المتخصصين في المساحة ثم افتتح لها فرع في بولاق عام 1834 لتخريج المتخصصين الفنيين للعمل في المشروعات المدنية والعسكرية على السواء.
سبب كره المصريين للمهندسين
كان لوجود المهندسين في مصر قبل عصر الباشا تأثير سلبي في ذاكرة الشعب، بسبب تأثرهم بفترة الحملة الفرنسية وتحديدًا منذ ثورة القاهرة الأولى سنة 1798 م التي شهدت مقتل مالا يقل عن 50 مهندسًا في واقعةٍ قال عنها الرافعي قبل أن يفند ظروفها «كان قتل المهندسين مدعاة للتعجب إذ ما شأنهم بثورة قامت بين الجنود والأهالي».
نابليون يجيب: لماذا قُتِل المهندسين في مصر ؟
يتسم نابليون بونابرت في مذكراته بصراحةٍ متناهية، إذ أجاب عن سبب قيام المصريين بقتل المهندسين من أفراد الحملة الفرنسية حيث قال «ضباط فرقة الهندسة كانوا هدفًا للشعب لأنهم هم الذين كانوا يتولون اقتلاع أبواب الدروب والحارات ونبش القبور وهدم البيوت وتحصين القلعة، ولعل هذا من أهم أسباب مهاجمة الثوار لبيت الجنرال كافريللي رئيس فرقة الهندسة الذي كان يسكن ببيت مصطفى كاشف بالدرب الأحمر، فقد هاجم العامة على داره وكان غائبًا عنها صحبة نابليون في الروضة، وكان بها اثنان من مهندسي القناطر والجسور وهما تيفنو ودوفال فقتلهما الثوار وأتلفوا ما كان بالدار من الآلات الفلكية والهندسية فخسر العلم بإتلاف هذه المجموعة خسارة كبيرة».
لم يغفل عبدالرحمن الجبرتي مسألة كره المصريين للمهندسين الفرنسيين إذ يتعرض لدار كافريللي ويقول في الجزء الثالث من عجائب الآثار في التراجم والأخبار «كان بتلك الدار شيء كثير من آلات الصنائع والنظارات الغريبة والآلات الفلكية والهندسية والعلوم الرياضية وغير ذلك مما هو معدوم النظير كل آلة لا قيمة لها عند من لا يعرف صنعتها ومنفعتها، فبدد العامة كل ذلك وكسروه قطعا، وصعب ذلك على الفرنسيس جدًا وقاموا مدة طويلة يفحصون عن تلك الآلات ويجعلون لمن يأتيهم بها عظيم الجعالات».
اقرأ أيضًا
نفاق المؤرخين “بن إياس مدح خونة طومان باي والجبرتي حركه هواه”
وصل كره المصريين للمهندسين المعمارين أنهم قتلوا حتى المهندسين الجغرافيين وأبرزهم المسيو تستفيود، ويحكي عبدالرحمن الرافعي عنه بقوله «كان يشتغل بوضع خريطة مصر فعاجلته المنية قبل أن يتمها، حيث خرج صبيحة يوم الثورة من دار المجمع العلمي بالناصرية وذهب إلى دار الجنرال كافريللي بالدرب الأحمر فقتله الثوار في الطريق بالإضافة إلى مقتل دوبري وروسل ومانجان».
قادة الحملة الفرنسية يعترفوا: نعم هدمنا بيوت المصريين
اعترف ضباط وقادة الحملة الفرنسية بهدم بيوت المصريين وكانت حجتهم الرئيسية تحصين القاهرة، إذ أن نابليون بونابرت أصدر أمرًا في أغسطس سنة 1798 يقضي بهدم أبواب الشوارع والحارات، وطاف ضباط فرقة الهندسة الفرنسية بحارات القاهرة وأحياءها ليباشرون هدم الأبواب.
اقرأ أيضًا
حكاية “مقصوفة الرقبة المصرية” أحبها “نابليون” وكرهها “الأزهر”
ويقول نص تقرير قادة الحملة الفرنسية لحكومة الثورة الفرنسية بشأن هذا الصدد «كان لكل شارع أو حارة باب كبير يقفل عليها ويمكن استخدامه كمتاريس في حالة الثورة، لذلك أمر القائد العام بنزع هذه الأبواب، وقد تذمر الأهالي وجعلوا يصيحون ويسخطون ولكنهم بعد ذلك أذعنوا وأخلدوا للسكينة وبعد أن أقفل التجار دكاكينهم احتجاجًا على هذا العمل عادوا وفتحوها».
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال