“الكِيِف بالإكراه” قصة إرغام المصريين على تعاطي النشوق بأمر الباشا
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
تاريخيًا فإن قصة المصريين مع النشوق والتبغ بدأت سنة 1601 م حين دخل نبات التبغ إلى القاهرة وكان النشوق هو نواة الكِيِف حيث كانت أوراقه تستعمل عن طريق المضغ قبل اختراع السجائر، وكان النشوق مرفوضًا لدرجة أن عقوبته وصلت للإعدام أحيانًا.
ومع دخول الحملة الفرنسية إلى مصر بدأ التبغ يتطور حيث زرعه سكان الفيوم وبقيت الزراعة موجودة في مصر حتى حلول العام 1810 حيث قرر الباشا احتكار النشوق والتبغ، وبعد 30 سنة كان الفرنسيين أول من اخترعوا السجائر حيث قاموا بلف التبغ داخل ورق رقيق فانتشرت عادة شرب السجائر في أوربا وانتقلت منها إلى مصر.
قرار الباشا مع النشوق والتبغ
في 16 فبراير 1809 قرر محمد علي باشا احتكار زراعة التبغ وأثار القرار جدلاً لمدة عام بأكمله حيث انتهى الأمر برضوخ الجميع لقرار الباشا في 5 فبراير 1810 م، وكان الغرض من هذا النظام هو الحصول على فروق الأسعار وليس تصنيع البلاد.
اقرأ أيضًا
نفاق المؤرخين “بن إياس مدح خونة طومان باي والجبرتي حركه هواه”
يقول المؤرخ عبدالرحمن الجبرتي «ومن حوادث هذه السنة (1224 هـ / 1809)، إحداث بدعة المكس على النشوق وذلك أن بعض المتصدرين من نصارى الأورام أنهى إلى الوالي أمر النشوق وكثرة المستعملين له والدقائق والباعة وأنه إذا جمعت دقاقوه وصناعة في مكان واحد ويجعل عليهم مقادير ويلتزم به ويضبط رجاله وجمع ماله وإيصاله إلى الخزينة من يكون ناظرا وقيما عليه كغيره من أقلام المكوس التي يعبرون عنها بالجمارك فإنه يتحصل من ذلك مال له صورة».
قرر الباشا تنظيم أمر النشوق فأمر في الحال بكتابة فرمان بذلك واختار الذي جعلوه ناظرا على ذلك خانَّا بخطة بين السورين في العتبة، ونادوا على جميع صُناع النشوق وجمعوهم في ذلك الخان ومنعوهم من جلوسهم بالأسواق والخطط المتفرقة والمقيم على ذلك يشتري الدخان المعد لذلك من تجاره بثمن معلوم حدده لا يزيد على ذلك ولا ينقص.
وحدد الجبرتي نص عقوبة القرار في تاريخه بقوله «يشتري الباشا الدخان المعد لذلك من تجاره بثمن معلوم حدده لا يزيد على ذلك ولا يشتريه سواه (أي سوى الباشا) وهو يبيعه على صناع النشوق بثمن حدده ولا ينقص عنه ومن وجده باع شيئا من الدخان أو اشتراه أو سحق نشوقا خارجا عن ذلك الخان ولو لخاصة نفسه قبضوا عليه وعاقبوه وغرموه مالاً وعينوا معينين لجميع القرى والبلدان القبلية والبحرية».
ويحكي الجبرتي في الجزء الرابع من تاريخه ص 103 و 104 تأثير هذا القرار على الناس الذين تعودوا على التبغ دون النشوق حيث كانوا يأتون إلى القرية ويطلبون مشايخها ويعطونهم قدرا موزونا ويلزمونهم بالثمن المعين بالمرسوم الذي بيدهم فيقول أهل القرية نحن لا نستعمل النشوق ولا نعرفه ولا يوجد عندنا من يصنعه وليس لنا به حاجة ولا نشتريه ولا نأخذه فيقال لهم إن لم تأخذوه فهاتوا ثمنه فإن أخذوه أو لم يأخذوه فهم ملزمون بدفع القدر المعين المرسوم.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال