همتك نعدل الكفة
275   مشاهدة  

بعد زراعتها في دول عربية .. سعيد سليمان في حوار الميزان: أصناف ” عرابي” تُنقذ مِصر غذائيًا

الدكتور سعيد سليمان
  • مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



أزمات متلاحقة ومخاطر غذائية تتعرض إليها مصر من حين لآخر، بسبب حرب هنا أو هناك لعلّ آخرها الحرب القائمة بين روسيا وأوكرانية، فقد شكّل البلدين مركزًا استراتيجيًا مهمًا للقاهرة من أجل ضمان حصتها الغذائية التي تتمثل في القمح، حيث تستورد مصر من البلدين المتحاربتين نحو 85 بالمائة من كميات القمح المستورة، بما يعادل ثلثي احتياجاتها السنوية.

أزمة غذائية طاحنة

ومع اندلاع الحرب العام الماضي أصدر برنامج ” الغذاء العالمي” بيانًا يحذر من أزمة طاحنة تشهدها مصر كونها أكبر الدول المستورة للقمح بمعدل سنوي 13 مليون طن ، إلى جانب محاصيل زراعية أخرى تمثل 75 بالمائة خاصة الزيوت النباتية خلاف المواد الخام التي تستخدم كأعلاف للماشية.

وهنا نطرح سؤلًا، لماذا هذا العجز في كل المحاصيل الزراعية تقريبًا في بلد تُعد الزراعة فيه أحد الركائز الأساسية للاقتصاد بنسبة تصل 12 بالمائة من إجمالي الإنتاج المحلي لماذا؟، هل لعدم توافر الخبرات الإجابة بالطبع لا ، هل لعدم توافر التربة الزراعية الصالحة للزراعة؟، الإجابة أيضًا لا، هل عدم توافر الماء، ربما خاصة  مع الفقر المائي الذي يعاني منه العالم لاسيما مصر.

وقد أدرك علماء مصر وخبرائها هذه المُعاناة منذ نصف قرن تقريبًا أو يزيد فعملوا على استحداث طفرات جينية تتحمل الجفاف لاسيما في المحاصيل الحيوية التي تَهُم المصريين كالقمح والأرز والذرة والفول والسمسم وغيرها.

ولعل الأستاذ الدكتور سعيد سليمان؛ أستاذ الوراثة بكلية الزراعة جامعة الزقازيق واحد من هؤلاء الذين حققوا إنجازًا علميًا استفادت منه معظم دول العالم، حيث استحدث أنواعًا من القمح والأرز والفول والسمسم  تتحمل الجفاف، وقد نجحت هذه التجارب وتم تنفيذها على أرض الواقع بالفعل.

وكان للميزان حوارًا مع العالم الكبير الأستاذ الدكتور سعيد سليمان للوقوف على تلك الطفرات النباتية المستحدثة التي حققها، وكيف انتشرت في بلدان العالم العربي، ولماذا لم تُعمم في مصر إلى الآن رغم وجودها منذ عام 1988م.

أرز مصري يتحمل الجفاف

قال الدكتور سعيد سليمان، أن أولى نتائج مشروع الأرز الذي يتحمل الجفاف ظهرت عام 1988م، حينما كان رئيسًا للمشروع المصري الأمريكي ” تربية تحمل الجفاف في الأرز”  وكان الهدف من المشروع هو استنباط أصناف مقاومة للجفاف في الأرز تُزرع في المناطق التي تُعاني نقص المياه إلى جانب المناطق الجبلية.

وحول الاعتقاد السائد بأن الأرز يحتاج إلى كمية مياه وفيرة لزراعته أكد ” سليمان” أن  نبات الأرز لا يحتاج إلى ماء وفيرة كما هو مُعتَقَد، فهو نبات مُعرَّف علميًا على أنه نوع يتحمل الغمر وليس محب للغمر.

وأضاف أن هناك أصناف من الأرز بالفعل تُزرع مقاومة للجفاف في أمريكا اللاتينية  وأفريقيا وجنوب شرق آسيا، أما عن أرز الأماكن المنخفضة فقد انشغل العالم بأبحاث هائلة لاستنباط أصناف جديدة تتحمل الجفاف فإنتاجية هذا الأرز مرتبطة بالماء.

واستطرد مشكلة الماء مشكلة محفوف بالخطر جدًا وحساسة لذلك قامت الصين ومعهد الأرز الدولي عام 1978م باستنباط أصناف مقاومة للجفاف عالية المحصول بتهجين نوعين معًا من محصول الأرز المزروع في شرق آسيا.

وبالمثل قدمتُ مشروعًا عام 2010 يحمل نفس الفكرة تقريبًا فباستخدام التربية بالطفرات ظهر نوعين من الأرز المصري المعدل وراثيًا واسمه عرابي1، وعرابي 2، وفي عام 2011 ظهر نوعين أيضًا وحمل اسم عرابي 3، وعرابي 4، مؤكدًا أن هذه الأصناف توفر نصف كمية الماء التي يستخدمها الأرز العادي.

سعيد سليمان
أرز عرابي

أرز ذات إنتاجية عالية

وقال ” سليمان” أن أصناف أرز عرابي تُروى كما ذرة الشامية  والقمح، كما أنها ذات إنتاجية عالية تتراوح بين 4 لـ 6 طن للفدان كما أن عمرها 120 يومًا بدلًا من 150يومًا كما في باقي الأصناف المزروعة المصرية .

وأشار” سليمان” إلى أن أصناف الأرز عرابي تتعمق في التربة لأكثر من 30 سم ، وكأنه جذر وتدي إلى جانب لون الجذر الأبيض القادر على امتصاص الماء من التربة وتحمل الجفاف.

بين مراكز البحوث والجامعات

وعن تعميم الفكرة وزراعتها في مصر قال الدكتور “سعيد سليمان” أن هناك مشكلة دائمة بين مراكز البحوث وبين الجامعات في استنباط أصناف زراعية جديدة، ورغم أن مراكز البحوث المصرية لم تعترف إلى الآن بهذه الأنواع إلا أن هناك مراكز بديلة اعترفت بهذه الأصناف مثل مركز” حماية الأصناف النباتية” ، وبالفعل أخذنا شهادة ملكية فكرية التي بموجبها تحمي الدولة هذه الأصناف 20 سنة، فالنوع بالنسبة للمركز الذي أعطى على أساسه الملكية الفكرية هي أن الصنف متميز ومتجانس وثابت، لذا المزارعون بدؤوا باستخدام هذه التقاوي حتى أنها صُدّرت خارج مصر.

واستكمل ” سليمان” أصدر محافظ الوادي الجديد قرارًا عام 2021م بزراعة أرز عرابي 3، 4، لأنه يوفر كمية ماء كبيرة بل إنه يُروى بماء المطر، كما أنه انتشر في بلدان صحراوية عدة ويَعتمد في ريّه على الري بالرش والري بالتنقيط، وأكد أن هذه التقاوي إذا عممت ستتخطى الدولة أزمتها الغذائية.

بلدان استخدمت عرابي

وتابع ” سليمان” أرز عرابي استخدم في عدة بلدان عربية منها السعودية، فقد قام الأمير ” سلطان السديري” أحد أمراء السعودية باستقدام تقاوي عرابي 3 وزرع مساحات واسعة منها تقدر بالآلاف في ” الجوف”  وكذلك في ” جزران” ناحية اليمن، وفي” الحديدة”، ومنها انتقل إلى اليمن وسوريا والعراق، وهذا الاستخدام تخطى الخمس سنوات في هذه البلدان، ومؤخرًا استقدمت المغرب هذه الأنواع لزراعتها.

قمح بتربية الطفرات

إقرأ أيضا
حسام الطنوبي

أما عن القمح فقد بدأ المشروع منذ 2011، حينما خطر في بالي كباحث سؤالًا، كيف تتم زراعة الشعير في الساحل الشمالي الشرقي من الإسكندرية للعريش، والساحل الغربي من الإسكندرية لمرسى مطروح ؟، وكانت الإجابة أن نبات الشعير يتحمل الجفاف وعمره 120 يومًا، ومن هنا بدأت أولى استحداث تجاربي على القمح باستخدام تربية الطفرات لتتحمل الجفاف كما الشعير، وأيضا قِصر مدة زراعتها وزيادة إنتاجها، وبالفعل استُخدمَت تقاوي القمح، و تنتظر أيضا موافقة مراكز البحوث لتعميمها،  وأشار إلى أنه استخدم تقاوي الجيزة 87 بحيث نضمن تحملها للجفاف.

قمح عرابي
قمح عرابي

فول وسمسم

وهناك نباتات أخرى نعمل عليها باستخدام التربية بالطفرات،  مثل الفول الصويا والسمسم، فغير معقول أن إنتاج الفدان للفول الصويا طن ونصف على الأكثر وهذه الصورة عبثية ، نملك طفرات رائعة وهي في طور التقييم، وإذا نجحت هذه الفكرة في  مصر ستوفر 98 بالمائة من إنتاجها في الزيوت .

نبات القرطم

ومن أهم النباتات الزيتية التي أحدثنا فيها طفرات هي نبات “القرطم” وهو أحد النباتات المشهورة في الهند التي تُستخرج منه الزيوت، والمثير للدهشة أن هذا النبات في الأصل هو نبات مصر، حيث استخدم المصريون القدماء أوراقة في استخراج الألوان المستخدمة في رسومات المعابد، إلى جانب أن زيوت هذا  النبات تتحمل الحرارة إلى 400 درجة مئوية وهذا يعني فاقد أقل أثناء الاستخدام، مشيرًا إلى أن مشكلة هذا النبات كانت في الأشواك التي تحفه من كل جانب وهو ما عملنا على استحداثه بحيث ظهر لنا نوع خالي تمامًا من الأشواك ومدة زراعته 150 يومًا بدلًا من 190 يومًا.

لماذا اسم عرابي 

وعن اختيار أسماء الأصناف والتي حملت جميعها  اسم “عرابي” قال الدكتور سعيد سليمان أستاذ الوراثة، إن سبب اختيار اسم عرابي يرجع إلى الزعيم أحمد عرابي، فهو زعيم الفلاحين وأيضًا شعار جامعة الزقازيق، مؤكدًا أنه من الضروري ربط  حاضرنا بماضينا وبمستقبلنا، ذلك أننا أمة عريقة تستطيع أن تقود العالم بالحق وبالحياد.

وأضاف : ولعله من قبيل الصدفة أن أجود الأنواع التي توصلنا إليها ترتبط بتاريخ مميز فمثلا؛ عرابي 52 مرتبط ثورة 1952 التي قام بها الشعب ضد الملكية ، عرابي 73 مرتبط بنصر أكتوبر المجيد، ونوع عرابي 1881مرتبط بذكرى الثورة العرابية.

وأخيرًا قال الدكتور سعيد سليمان أنني حلمت فكان التوفيق من الله وحققت إنجازات مهمة ، وتابع لم يعد هناك مجال للعبث في أمن مصر الغذائي لابد من تعميم الفكرة كما تمت في معظم البلدان العربية.

الكاتب

  • سعيد سليمان مي محمد المرسي

    مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان