همتك نعدل الكفة
1٬247   مشاهدة  

تاريخ حروب مصر ضد تركيا من الألف إلى الياء

حروب مصر ضد تركيا
  • باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



أمر أساسي يجب الإشارة إليه حينما يتم التطرق لمسألة حروب مصر ضد تركيا ، وهذا الأمر هو طبيعية العلاقة السياسية القديمة بين العثمانيين ومصر، فمنذ أن تمكنت الإمبراطورية العثمانية في ضم مصر وجعلها ولاية تابعة لها عام 1517 م، ظل هناك نظام واحد لم يتغير رغم الثورات الشعبية ضد ولاة العثمانيين.

تمثل النظام  في نظام الولاية نفسها، حيث أبقت الدولة العثمانية على المماليك، لكن بتحويلهم مجرد شيوخ للبلد ـ نواباً للوالي ـ يعاونوه في حكم البلاد نظراً لأنهم أدرى بها منه.

أما الوالي نفسه فلا تزيد مدة حكمه عن ثلاث سنوات وفي هذا تحديداً دهاء سياسي من العثمانيين، حيث أن مدة الـ 3 سنوات لن تكفي لعمل الإنجازات ولن تكون طويلة لو كانت هناك سلبيات وبالتالي يأمن العثمانيين ثورة الناس ضد الوالي أو حبهم له.

سليم الثاني - سليم الثالث
سليم الثاني – سليم الثالث

هذا النظام الذي أرساه سليم الثاني منذ أن ضم مصر سنة 1517 م، لم يكن يتخيل مخلوق أن يخالفه أحد في عهد سليم الثالث، ولم يكن يتوقع شخص أن ذلك القائد الألباني الموجود في جيشٍ تابع للعثمانيين عام 1801 م للإشراف على جلاء الفرنسيين عن مصر، سيكون هو حاكم لمصر سنة 1805 م، وسيضرب بعرض الحائط عن طريق الشعب نظام العثمانيين.

محمد علي باشا
محمد علي باشا

رغم كره العثمانيين لمحمد علي باشا كون أنه جاء بقوة شعبية وليس بفرمان عثماني، ولأن القوة الشعبية هي التي كسرت فرمان السلطان بعزله، إلا أن هذا لم يمنع حدوث تفاهم وصل لدرجة التعاون بين تركيا و محمد علي باشا بعد أن استشعرت تركيا قوتها عقب إزاحته للمماليك وانتصاره على حملة الإنجليز بقيادة فريزر .

محمد علي باشا و حربه ضد الوهابية
محمد علي باشا و حربه ضد الوهابية

قوة محمد علي باشا أهلته مبكراً لكي يكون هو الحامي الأول عن صولجان الدولة العثمانية، ضد الدعوة الوهابية والتي حرمت تركيا من سيادتها على بلاد الحرمين، فما كان إلا أن خاضت مصر حرباً من عام 1811 م، حتى 1818 م وانتهت بانتصار مصر على الوهابية وتسليم رأس حاكم الدرعية وحفيد مؤسس الدولة السعودية الأولى إلى السلطان العثماني .

معركة نفارين
معركة نفارين

التعاون هذا تكرر مرة أخرى حينما دخلت مصر كحليف للدولة العثمانية في فترة حرب استقلال اليونان والتي كانت رمزاً من رموز الصراع بين الإمبراطورية العثمانية و الروسية، وانتهت بموقعة نفارين البحرية التي سُحِق فيها الأسطول المصري و العثماني والجزائري عام 1827 م، ومن أجل أن تُراضي تركيا محمد علي باشا قامت بتعويضه حيث منحته حكم جزيرة كريت، هذا التعويض الذي رآه محمد علي شيئاً زهيداً لا يليق بخسائره ولا ما قدمه للدولة العثمانية، ومن هنا بدأ الشقاق بين الباشا و السلطان.

خريطة لـ بلاد الشام في العهد العثماني
خريطة لـ بلاد الشام في العهد العثماني

أراد محمد علي باشا ضم سوريا وكل بلاد الشام لأنها خط الدفاع عن مصر والتي كان يريدها محمد علي دولة واسعة مترامية الأطراف، الأمر الذي رفضته تركيا ومع رفض الآستانة لطلب القاهرة بدأت سلسلة حروب مصر ضد تركيا التي دامت 10 سنوات من العام 1831 م، حتى 1841 م.

الحروب المصرية - التركية
الحروب المصرية – التركية

بلغ مجموع حروب مصر ضد تركيا 6 معارك رئيسية بدأت من الشام ووصلت إلى حدود الدولة العثمانية، وبلغ مجموع خسائر تركيا الإجمالية في هذه الحروب 30 ألف قتيل بين ضابط وجندي، وضعف هذا العدد من الأسرى، فضلاً عن آلاف الغنائم العسكرية من بنادق وسفن ومدافع، بينما لم تتجاوز خسائر مصر 7 آلاف قتيل، بالإضافة إلى ذلك تهديد الوجود العثماني في الخريطة، حيث أنه لولا تدخل الأوروبيين في الصراع لكان محمد علي باشا قد أزال العثمانيين نهائياً.

رسمة فرنسية للجيش المصري تحت قيادة إبراهيم باشا
رسمة فرنسية للجيش المصري تحت قيادة إبراهيم باشا

أول تلك الحروب وفق ما يذكره الرافعي في تاريخه عن محمد علي باشا، كانت 3 معارك دفعة واحدة في أقل من عام، كانت الأولى حرب عكا وانتهت باستسلام الأتراك فضلاً عن تسليم كافة أسلحتهم ومدافعهم وكل ما يتبع عكا من حاميات، وتفاوتت الخسائر بين الطرفين حيث بلغ مجموع الخسائر المصرية 4500 قتيل، بينما قُتِل من الأتراك 5500 قتيل من أصل 6 آلاف .

بعد شهر واحد من انتصار المصريين في عكا، وقعت معركة دمشق في 15 يونيو سنة 1832 م، واستمرت يوم واحد وانتهت بانتصار المصريين فيها بعد أن قُتِل ألفين من الجيش العثماني، وأسر 3 آلاف آخرون، بينما لم تخسر مصر سوى 100 مقاتل دون أسرى.

أيام قليلة فصلت بين معركة دمشق والمعركة الثالثة وهي حرب حمص التي لم تطول مدتها عن 4 ساعات وانتهت بانتصار المصريين بخسائر قُدِّرت بـ 200 قتيل ، أما العثمانيين فقُتِل منهم 2000 وأسر 500 وسلموا 20 مدفعاً فضلاً عن باقي الأسلحة.

بحروب عكا ودمشق وحمص نجح محمد علي في ضم جزء كبير من بلاد الشام بعد سقوط غزة ويافا وحيفا، وصور، وصيدا، وبيروت، وطرابلس، والقدس، وكان هذا إيذاناً بالحرب الرابعة بين العثمانيين ومصر والتي شهدت تطوراً كبيراً كون أنها كانت حرباً بالمعنى الحرفي.

معركة بيلان - رسمة
معركة بيلان – رسمة

في 29 يوليو سنة 1832 م اندلعت أعمال معركة بيلان بالقرب من حلب وعفرين، وبلغت قوة الجيش العثماني 45 ألف مقاتل، بينما وصل مجموع القوة المصرية إلى 30 ألف، ولم تستمر معركة بيلان سوى 3 ساعات انتهت بانتصار كاسح للجيش المصري، حيث انسحب 40 ألف من الجيش التركي، وقتل نحو 2500 تركي وأسر منهم ألفين، وغنم المصريون حوالي 25 مدفعا بخسائر وصلت إلى 20 قتيلاً.

كانت الهزيمة في بيلان صادمةً بالنسبة لتركيا، فكررت الأمر نفسه لكن هذه المرة كانت على حدودها، حيث قرر إبراهيم باشا الزحف إلى قونية وسط جنوب الأناضول في 18 ديسمبر سنة 1832 م، وكانت معركة قونية هي الحرب الخامسة بين الجيش العثماني الذي بلغ مجموعه 53 ألف مقاتل في مقابل 15 ألف مصري، وانتهت بيلان بهزيمة كارثية للعثمانيين حيث أُسِر قائد الجيش رشيد محمد خوجة بعد أن خسر في 7 ساعات 3 آلاف مقاتل تركي وأُسِر 6 آلاف آخرين، بينما لم تتجاوز خسائر المصريين 262 مقاتل.

محمد علي - إبراهيم باشا
محمد علي – إبراهيم باشا

أيام فصلت بين إبراهيم باشا و عاصمة الدولة العثمانية، وكان موقف الدول الأوروبية متناقضاً من الناحية السياسية، البعض كان يريد للزحف المصري أن يستمر حتى يزيح الدولة العثمانية، وكان هذا مصلحة لروسيا، بينما البعض الآخر تخوف من إحلال تركيا بمصر، كون أن هذا معناه إعطاء عدو جديد لأوروبا لكنه أكثر شراسة من الدولة العثمانية، فاستقر الموقف أن تحدث معاهدة كوتاهيه والتي نصت على تنازل السلطان لمحمد على باشا عن كل الأقطار التي فتحها وهي الشام، وإقليم أدنه والحجاز وجزيرة كريت مع تثبيته على ولاية مصر مقابل أن ينسحب الجيش المصرى عن باقى مدن الأناضول التي فتحها إبراهيم باشا.

إقرأ أيضا
سفيرة إسرائيل
حروب مصر ضد تركيا
صورة لبلدة كوتاهيه

جاءت معاهدة كوتاهيه بعد 5 حروب بين مصر وتركيا وظلت سارية من عام 1832 م، حتى 1839 م، لكن كثرة الثورات ضد الحكم المصري للبلاد التي في حوزة الباشا، جعلت إبراهيم باشا يتهم تركيا بالتآمر مما جعله يخوض المعركة السادسة و الأخيرة والأخطر وهي معركة نصيبين المعروف بـ “نزيب” والتي وقعت جنوب تركيا في 24 يونيو سنة 1839 م.

حروب مصر ضد تركيا
رسمة لـ إبراهيم باشا في معركة نزيب

استمرت الحرب 30 دقيقة بين الجيش المصري بقوته البالغ عددها 50 ألف مقاتل في مقابل 60 ألف محارب تركي ، وانتهت بهزيمة الدولة العثمانية وفقدانها 12 ألف مقاتل وأسر 15 ألف آخرين، فضلاً 20 ألف بندقية و 144 مدفعاً، بينما لم تتجاوز خسائر الجيش المصري 4 آلاف قتيل.

حروب مصر ضد تركيا
محمود الثاني – عبدالمجيد الأول

أصيب السلطان العثماني محمود الثاني بالسل كمداً على ما جرى في نصيبين التي تعني أن سقوط الدولة العثمانية أمر واقع لا مفر منه لولا معاهدة لندن سنة 1840 م بين عبدالمجيد الأول و إبراهيم باشا والذي كان مرغماً كأبيه على قبولها لأن الرفض يعني دخول مصر في حرب مباشرة مع أوروبا، وبقبول معاهدة لندن استقل مصر نهائياً عن الدولة العثمانية وبقي حكمها في أسرة محمد علي باشا الذي استمر حتى 1952 م.

إقرأ أيضاً

بين تركيا والاتحاد الأوروبي “لماذا اتفقوا على الإدانة واختلفوا حول العقوبات ؟”

الكاتب

  • حروب مصر ضد تركيا وسيم عفيفي

    باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
2
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان