همتك نعدل الكفة
540   مشاهدة  

جزء من رواية الكالورمي – أميرة حسن الدسوقي- دار ميريت للنشر- معرض الكتاب 2020

جزء من رواية الكالورمي - أميرة حسن الدسوقي- دارميريت للنشر- معرض الكتاب 2020


«هل تحبها؟ »

«جداً»

«كيف تعرفت عليها؟ »

افرغ زجاجة المياة كاملة في جوفه، ورفع قدميه على المقعد، فعلمت ادركت أن الجلسة ستطول خاصة و انه سرح في الفراغ مرة اخرى وبدأ صوت الكامنجة يتسرب إلى أذني مرة أخرى، واتخذ نفس الوضعية الدرامية الاولى، حاولت ان احتفظ بتركيزي معه، ولكن «نايس» الذي رحل الى عمله دون أن يترك لي رقم هاتفه، كان يطل برأسه من حين لآخر وسط حكاية أدهم .

«دائما ما كان ينصحني أبي قبل موته الا أرص دبوس الحشيش فوق سجادة غامقة أو مزركشة، “فإن سقط يا أدهم سيطلع ديك أمك حتى تجده“، كما حذرني من تدخين الدبوس الذي أجد صعوبة في رصه بعد حرق الكثير من السجائر والخوابير “لأنك يا أدهم اذا شربته ستفقد السيطرة علي نفسك».

«ونعم التربية» قلتها في سري.

«كان ابي رجلًا حكيمًا ولم يحرمني من نصائحه، ومع ذلك؛ مرة اسبوعياً تجديني مكفأ على الارض في وضع الحبو، باحثاً عن الدبوس الذي سقط مني على تلك السجادة البنية»

هززت رأسي بمعنى :« ليس هذا موضوعنا ..إنجز»

فأكمل كلامه :

«في اليوم الاول الذي قابلتها فيه، وقفنا  انا وهي فوق هذه السجادة نتجاذب أطراف الرغبة وانفاس الكحول، كنت قد دخنت لتوي الدبوس السابع، والذي ظللت احاول تثبيته في السيجارة ما يقرب من نصف ساعة، وخرجت من الحمام بعد ان عُبق صدري بدخانه، لا الوي على شيء، اطفيء دخان صدري بماء التكيلا ثم اشعله مرة اخرى بسيجارة يناولها لي شخص لا اعرفه في حفلة اقمتها لسبب لا اذكره، حتى دخلت ريم من الباب مع أحد اصدقائي لتنضم للحفل، منذ ان عبرت هي من الباب  و انضمت الي الحفل، اصبحت مركز الرؤية، دارت الرؤوس حولها في محاولة لاكتشاف ما المميز بها، فلا يجدون اي شيء غريب أو جديد، ولكن  من الصعب التوقف عن ملاحظتها»

هززت رأسي موافقة على وصفه لريم مما شجعه أن يكمل.

«ادائها المتحمس المفاجيء لشيء ما، لا يستمر الا للحظات تشرق فيهم الغرفة بأكملها، فتجد الاخرين في انتظار أي شيء اخر يبهرها، حتى تشرق الغرفة مرة اخرى، انجذاب مرضي مؤقت اصاب غرفة جلوسي بكامل حضورها تجاة “ريم”، ترجمه الرجال في عبارات تحرش واضحة، و الفتايات في نظرات الكره، متاحشين الهواجس الجنسية التي اصابتهن تجاهها، وتعاملت هي مع كل تلك الطاقة بذكاء شديد، لو لم تبيت هذه الفتاة بفراشي الليلة، سأقتل نفسي، اقسمت لنفسي بذلك يومها، ولم اخذلني»

«الم تخبرني انكم لستم على علاقة ؟!» سألت مستفسرة

«هذا حقيقي..احيانا فقط نتشارك الفراش…أنت تعلمين هذا يحدث احيانا بين الاصدقاء »

« كلا ..لا أعلم ..المهم ..اكمل»

 

« لازلت حتى الان، اجد في فمي طعم جسد ريم الممزوج بالهواء الربيعي القادم من الشرفة، اعيش هذا اليوم للأبد، في بدايته اودع اصدقائي وعملي، وفي الليل انتقل الي عالم موازي، يجعلك لا تفكر في أي شيء سوى ما تراه عينك، ويشعر به جسدك، عالم قادر منحك السعادة طالما احتفظت بريم جوارك، ولكن بعد أن يمر اليوم تكتشف، أن ريم ليس هناك اي شيء يشعرها بالسعادة، حتى أنت، حتى انا يا “سارة” لم استطع ان اشعرها بالامتلاء، دائماً اشعر امامها كما كنت اشعر امام امي، تجعلني اكره نفسي، ولا اتوقف عن حبها»

في تلك اللحظة ظهرت دمعة في عين أدهم حاول أن يداريها، تمنيت للحظة ان تكون تلك الدمعة من أجلي انا، وتكون في عين «نايس».

واصل أدهم حديثه وقد بدا الم حقيقي يرتسم على وجهه، والكامنجات سلمت النوتة لناي حزين.

«نظرة الخواء التي اراها في عينيها بعد ان تنتهي مني، تترك شرخ بداخلي، شرخ لم تتركه فتاة من قبلها، كل الفتايات اللاتي ضاجعتهن كنت ارى في اعينهن وهن يلتصقن بصدري العاري؛  تساؤل عما سأفعله بعد ذلك، ولكن الان، مع ريم، لا ارى في عينيها سوى نظرة “ماذا سأفعل الان بعد ان انتهيت من ادهم”، مهما فعلت ـ لـ”ريم” يظل احساسي انها ينقصها شيء اكبر مني، ومن قدراتي، هناك فجوة في روحها لا استطيع ان املأها، وعندما اواجهها بذلك تجاوب بصدق مستفز :” انها ليست مشكلتك يا أدهم؟  مشكلة من يا “سارة” !! ما الإشكال الذي ينقب في روحها تاركاً وراءه فجوات لا استطيع ان اصلحها؟»

ابتسمت له و انا أقول :« اذن انت حقاً لا تعرف ما مشكلة ريم ؟»

«بل لم اقترب حتى من الاجابة! »

 

و استمر في الحديث وكأنه وجد فريسة، مثبتًا لي نظريتي عن الحديث مع الغرباء بكونه أسهل كثيرا من الحديث مع الأقرب  لقلوبنا، لهذا السبب فقط – من وجهة نظري-  تم اختراع مهنة الطب النفسي.

«أنهكتني ريم، تذكرني بالجماهير التي تشاهد أفلامي ولا يعجبهم شيئًا، ويتحدثون كأنهم درسوا السينما من نعومة اظافرهم ” الا ترى يا أدهم ان هذا “الشوت” مبالغ فيه” ، “لماذا لم بإتقان هذا “الكادر..”الايقاع واقع” ، في لحظة يتحولون الي نقاد مخضرمين يتحدثون عن اشياء لا يفهومنها، يرددون المصطلحات اللاتي سمعوها في البرامج كالببغاء، تلك النوعية من الجمهور تجعلني افتقد  جماهير زمن الفن الجميل، عندما كان ينبهر الواحد منهم ويقفز من مقعده اذا رآى اثنان من إسماعيل ياسين يقفون جوار بعضهم علي شاشة السينما امامه»

ابتسمت له مشجعة حتى يكمل حديثه

إقرأ أيضا
معرض القاهرة الدولي

« ولنفس السبب جعلتني ريم افتقد الفتايات اللاتي كانا ينبهرن عندما اطلعهن علي وضع طجنسي جديد، افتقدت نظرة الرضا والامتنان في عين فتاة عند وصولها للاورجازم، ف”ريم تغمض عيناها بعدها، لا ارى ما تشعر به ولم اجرأ على السؤال، لأنها لن تخجل ولن  تجاملني ويمكنها ان تحطمني ببساطة شديدة  ثم تقول :”انها ليست مشكلتك يا أدهم !».

عندما أدركت  انه لا يخجل من اطلاعي على خصوصياتهم سألته :

  • «بالأمس ماذا حدث؟..هل كنتم سوياً..اقصد ..هل ..انت تفهم قصدي»
  • «نعم كنا في غرفتها وأقسم لك لم يحدث شيء جديد أو غريب، ولكنها فجأة ابتعدت عندي و خرجت عارية الي الصالة و عندما خرجت ورائها وجدتها تتوجه للباب حتى تخرج من المنزل، و لم تستجيب لي في محاولاتي لادخالها الغرفة مرة اخرى وكأنها لا تسمعني.. فتوجهت إلى الحائط ووقفت كما رأيتيها.. ما رأيك أنتِ؟»
  • «لا اعلم يا ادهم.. ربما تكون متقلبة المزاج بسبب لوحة جديدة تريد أن ترسمها.. أليس الرسامين يمروا بتلك اللحظات كباق الفنانين؟ »
  • «رسامين ..من تقصدين؟»
  • «ريم !»

ابتسم أدهم و قال :

  • « ريم ليست رسامة! ..تلك اللوحة في غرفتها هي الشيء الوحيد الذي ترسمه و لا اعلم ما هو اساسًا»
  • «لم افهمه ايضاً ! ..ماذا تعمل إذن ؟»
  • «هي درست الأدب الإنجليزي و لكنها لا تعمل، ريم لديها الكثير من المال ليست في حاجة الي عمل، والدها يعمل ويقيم في اسبانيا كما انها ورثت عن أمها ثروة كبيرة»
  • «حقاً !!.. ريم !!» قولتها وانا أتذكر وعاء الغسيل.

 

في تلك اللحظة تأكدت أن ريم لا تدعي التفرد أو المرض العقلي، من لديه كل هذه الأموال و يعيش بهذا الشكل البوهيمي ..فهو يعاني من مشكلة.

هممت بالرحيل و لكنه استوقفني عند الباب قائلاً :

«سارة!  انا مضطر  للسفر لأيام قليلة..ارجوك أن..»

«لا تقلق .. سأعتني بها» قاطعته مطمئنة.

رحلت وأنا اشعر بالحسرة على نفسي، انا لم أمارس جنوني على أي شخص في حياتي من قبل ومع ذلك لم أجد الشخص الذي يحبني إلى هذا الحد، هل من الممكن أن يكون هذا هو السبب؟!  هل كان يجب أن أكون بقسوة ريم وجمودها حتى يحبني رجل بهذا الجنون الذي رأيته في عين و كلام أدهم عن ريم.

أقرا أيضا

قصة قصيرة لأميرة حسن الدسوقي: ماهيندا.. أسطورة عن الحلم






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (0)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان