المواطن وطفل بيسمع الكحلاوي

مع بداية مرحلة الدبلوم قاطعت دروس الدين وجوامع السُنية بس فضِلت محافظ على التعاطف مع التطرف باعتباره صحيح الإسلام ومع الإرهابيين بوصفهم جند الله البواسل، فدعمت من مصروفي الهزيل جيش البشير في حربه ضد “راس الكُفر” جون قرنق، حضرت مناظرة د. محمد عمارة مع “المرتد” فرج فودة، كبرت وهللت وسط الآلفات الموجودة.

في الصيف فرِحت باغتيال المرتد، رغم أني قربت أكتر من عالم الجزمجية بأباحِتهم المصرية الأصيلة، وحبهم للأغاني الشعبي المِلَعلَطة، رجعت من تاني أسمع أغاني وأشتري شرايط.

لقاء النجوم

(لقاء النجوم2) أول شريط أقرر أشتريه، مش اسمعه بالصدفة في الورشة أو ميكروباص الشرابية وأنا رايح أخد درس الإنجليزي في أبو خليفة أو درس الرياضة في أبو وافية؟، وأنا مروح بالشريط “التقليد” وبالصدفة قابلت حمادة ع السلم. سلمنا على بعض كالعادة، وفلحظة جِه في بالي أضرب معاه صحوبية زي ماجد وحازم.

البيت مافهوش حد تاني ينفع، إخواته وحازم وماجد كلهم كبار، وأكرم طفل ومحمد ابن سعيد ليسها، والباقيين كلهم بنات، فهو الولد الوحيد اللي من سني ودبلوم زيي، أه أنا صنايع وهو تمريض.. بس ده فرق تخصص مش فرق مستوى، فمايضرش.

نفذت الفكرة فورا وقدمتله الشريط يسمعه ويبقى يرجعهولي، في الأول حمادة رفض بأدبه المعهود وشكرني، بس بعد إلحاح وهزار إنه الشريط مش هيخلص وافق، بس شكله ماكنش مرتاح.

تَلمّْيع أُكَر

في نفس ذات اليوم وأنا نازل أجيب اللبن والفينو كانت أول وأخر مرة أسمع زعيق من شقة عم حمدي، كأي عيل أهله بذلوا بنُص جنيه في تربيته كملت طريقي عادي، لكن صوت عم حمدي نجح يمسمرني مكاني لما قال: (الشريط ده مش هيشتغل في البيت). فلَبْدّت ع الباب وطرطقت وداني تابع الحوار.

الأب قافش إن الشريط يخرج من بيته فورًا، وكإنه كلب سعران بيعضعض طياز أمانه الأُسري، والإبن مش متمسك بالشريط أساسًا.. هو بس خايف على منظره ومش عايز يطلع عيل قصادي، والأم عاملة حساب علاقتها الطيبة بأمي.. فبتحاول تهندسلهم حل وَسَط، وهو ما قد حدث.

أقترحت إن بكرة حمادة يطلع يرجعلي الشريط كإنه سمعُه ويديني شريط من عنده، فيبقى رده عليا مش بايخ وفي نفس الوقت عرفني سِكته في الأغاني. وافق الأب بشرط إن حمادة يوضحلي إن الشريط بتاعي ماعجبوش.

الحياة مش أبيض وإسود

رغم أني عارف الحدوتة مسبقًا بس تاني يوم زيارة حمادة أثرت فيَّا كتير، مِن وإحنا عيال في أبتدائي وأمي عملاه رمز الأدب والأخلاق اللي بتقارني بيه، إكمنه بيروح البيت بعد المدرسة على طول وأنا بالعب كورة مع أصحابي وأروح متأخر. ولد من سني أمي عيزاني أبقى زيه وبتقارني بيه كل يوم وهي بتمدني على رجلي بخرطوم المية، الولد ده واقف قدامي بمنتهى الثبات بيكدب عليا، كدبة من تأليف سِت كُمَّل كل حد عرِفها بيحلف بأخلاقها لحد النهارده، وكل ده بسبب حِرص أبوه على قيم وأخلاق أسرته.

لأني كنت مشغول بلحظة أكتشاف إن الحياة مش بسطحية أفلام الأبيض وإسود المُقررة علينا في التليفزيون، ماسمعتش حاجة من الكلام المُكرر بالنسبالي، انتبهت بس مع الفقرة الختامية وهو بيناولني شريط غلافه لبني عليه صورة راجل عجوز ومكتوب عليه بالأبيض (محمد الكحلاوي).

إقرأ أيضا

مجهود الغصن .. قصص نضال المدينة الباسلة

الزلزال

بعدها بكام شهر شقق البيت كلها كانت مفتوحة طول النهار، بسبب تَنْكِيس البيت بعد الزلزال في أكتوبر92، فترة بقى مقبول فيها إننا يوم الحَد نلعب كورة في تحت البيت، وحماده نفسه بقى ينزل يلعب معانا.. فعملنا فرقة مني ومنه وأبو الأفراد وأكرم يادوب كان عيل بنوقفه جون.

الفترة دي بدأت صحوبيتي مع أبو الأفراد رغم إنه ابن ليسها وأكرم رغم إنه عيل صغير، بس أبدًا مافكرتش إن عيل ماطلعش بطاقة وبيسمع الكحلاوي ينفع يبقى صاحبي.