“حُوِّلَت لنيابة أمن الدولة” عن أول كاميرا مسربة للسينما وسرقة فيلم مسجل خطر
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
دخل العام 1991 على مسيرة عادل إمام السينما بـ 3 أفلام هي فيلم مسجل خطر وشمس الزناتي واللعب مع الكبار، ولم يحقق الأول نجاحًا مثل الثاني والثالث؛ لكنه كان طرفًا في إحدى أشهر قضايا المصنفات الفنية خلال ذلك الموسم.
محمود عبدالباسط السيد .. تاجر الحلويات الذي أنقذه ثراءه والقانون
لم تكن مصر تعرف فكرة سرقة فيلم سينمائي بكاميرا مسربة، بل كان السائد هو النسخ المقلدة لنسخ شرائط الفيديو الأصلية، لكن أن يقوم أحد بدخول السينما ومعه كاميرا لسرقة فيلم، لم يفعلها سوى محمود عبدالباسط السيد أحد تجار حلويات الإسكندرية.
في أواخر إبريل من العام 1991 حضر محمود عبدالباسط إلى سينما راديو في الإسكندرية لمشاهدة فيلم مسجل خطر وجلس على مقعده في الصف الرابع بلكون، وبعد برهة من الوقت تم ضبطه وفي يده كاميرا ينبعث منها ضوء أحمر في الظلام ويحملها على كتفه ويقوم بتسجيل الفيلم.
كانت الكاميرا المضبوطة مع التاجر محمود يابانية الصنع، ولها ميكروفون ويد، وبداخلها شريط فيديو ماركة VHS ومكتوب عليه ورقة بها المصرف الإسلامي الدولي والشركة الإسلامية للإنتاج والتوزيع يقدمان منهج العلوم العامة للشهادة الإعدادية وعلى نفس الورقة بلون أحمر فيلم معبودة الجماهير، وفي مقدمة الشريط ورقة بيضاء مكتوب عليها مراجعة منهج العلوم العامة للشهادة الإعدادية والشريط سليم وليس به خدوش أو علامات مميزة بجسمه.
ادعى محمود طنطاوي محمد مدير السينما أنه هو من قام بضبطه أثناء التسجيل، وأخذه مع العمال واقتادوه للشرطة وأجرى التحقيق العميد عزيز مهنا مأمور قسم العطارين والذي صار نائب مدير الأمن، والرائد طارق مطر معاون القسم.
اقرأ أيضًا
تاريخ جملة للكبار فقط في مصر “صاحبها صلاح صالح وهذا أول فيلم تم تصنيفه”
قال مدير السينما في محضر التحقيق أنه بحكم خبرته تأكد أن محمود عبدالباسط السيد يصور الفيلم من الشاشة وقام بتهريب الكاميرا لداخل السينما من غير المنافذ الرئيسية، ووجه مدير السينما اتهامًا لمحمود عبدالباسط بمحاولة سرقة الفيلم.
شغلت القضية الرأي العام الفني حينها، كون أن أفلام عادل إمام لا توزع فيديو إلا بعد عامين من عرضها الأول، واهتم بها المسؤولين لدرجة كبيرة نظرًا لخطورتها وتهديدها للصناعة.
فاروق حسني وزير الثقافة اهتم بالحادث وطلب تقريرًا عن كيفية دخول الكاميرا لدار العرض لمعاقبة المسئولين عن ذلك وإهمالهم الذي أدى لتصوير الفيلم بهذا الأسلوب.
أما حمدي سرور مدير عام رقابة المصنفات الفنية فقد كلف اثنين من المفتشين لمتابعة الموقف واتصل بالنيابة العامة ونيابة أمن الدولة وأبدى استعداده لوضع كل إمكانيات الرقابة تحت تصرفهما وكلف رئيس مكتب الرقابة بالإسكندرية بأن يكون مع جهاز التحقيق لتقديم الخبرات الفنية لتوضيح نوع المخالفة.
عند سؤال محمود صاحب الكاميرا أمام الشرطة شعر بإعياء وطلب سيارة الاسعاف فتم نقله للمستشفى الجامعة بعد تحريز الكاميرا والشريط.
حُوَّلت المسألة إلى نيابة أمن الدولة في الإسكندرية، وفي 21 إبريل 1991 حضر محمود من المستشفى الجامعي وذكر في التحقيق الذي أجراه هشام جاب الله مدير نيابة أمن الدولة، أنه كان يقوم بالتصوير أثناء عرض الفيلم ولم يكن معه شريط فيديو، وذكر أنه كان يحملها على الكتف وخاف أن يترك الكاميرا في سيارته أمام السينما حتى لا يسرقها أحد.
وتبين أن الذي قام بضبط تاجر الحلويات مالك الكاميرا أحد عمال السينما وليس مديرها فقرر اللواء مصطفى عيد مدير شركة مصر للتوزيع ودور العرض وقف مدير سينما راديو وندب مدير آخر.
وتنفيذا لقرار نيابة أمن الدولة بالإسكندرية تم عرض الشريط المضبوط على لجنة فنية بالتلفزيون وجاء تقرير أعده وائل عبدالمجيد رئيس القناة الخامسة بأن الكاميرا صالحة للاستعمال في الجو المظلم لأنهاء صناعة حديثة والشريط مسجل عليه جزء من فيلم مسجل خطر.
لم ترى النيابة في تقرير القناة الخامسة أنه وافي فانتدبت الرقابة على المصنفات الفنية لتفريغ الشريط بمعرفة المختصين لبيان المادة المسجلة عليه تفصيلا ومطابقتها من الناحية المرئية والصوتية لفيلم مسجل خطر الموجود في دار العرض.
أفرجت النيابة عن المواطن في 2 مايو 1991 م بكفالة مالية قدرها 50 جنيه بعدما وجهت له تهمة التصوير دون تصريح من السلطة القائمة على الرقابة إذا كان التصوير بسوء نية أو يحمل النشاط التجاري، وهو ما ليس موجودًا في حق تاجر الحلويات.
المراجع
-
صفحة هديل مجدي – الطفلة في فيلم مسجل خطر
-
جريدة الجمهورية عدد 3 مايو 1991 م
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال