“الشيخ سلامة حجازي”.. أسس أسلوبًا غنائيًا جديدًا وأعاد للمسرح هيبته
-
أحمد الأمير
صحافي مصري شاب مهتم بالتحقيقات الإنسانية و الاجتماعية و السياسية عمل في مواقع صحافية محلية و دولية عدّة
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
واحد من أهم ملوك المسرح في أواخر القرن التاسع عشر، وحتى مطلع القرن العشرين، تربع بأدائه وعبقريته على عرش التمثيل زهاء ثلاثين عامًا، وكان هو أول من وضع الأساسيات الأولى لتطوير الموسيقى في مجال المسرح الغنائي العربي، ومعه أصبحت الأغنية جزءًا من الرواية أو المسرحية متأثرة بأحداث المسرحية، وليست دخيلة عليها، إنه الشيخ ” سلامة حجازي” الذي ارتقى بالمستوى الفني للمسرح في مختلف نواحيه التأليف والاخراج والديكور، حتى بدأ المسرح يتخذ الصورة الحقيقية التي يستحقها.
نشأته يتيمًا
وُلد سلامة عام 1852م، بحي رأس التين بمدينة الإسكندرية، ولما بلغ العام الثالث من مولده أُصيب والده بالتهاب رئوي ذهب بحياته، وفارقت أمه العجوز الحياة إثر صدمتها فى ولدها ولم يكد ينتهى الأسبوع الأول.
ترك والده مالًا كثيرًا وعقارًا كبيرًا، وتخيرت زوجته صديقه ” محمود الكحلة ” زوجًا يقوم على إدارة أملاكها، ولكنه كان رجلًا مستهترًا سكيرًا شهوانيًا، ولذلك لم يلبث إلا بضعة أشهر على وفاة صديقه حتى أبطل عادة الضيافة، وأقفل الباب فى وجه الزائرين والمريدين لأهل حجازي، وكبر سلامة مع اخوته الذين رُزقت بهم أمه من زوجها الثاني، وهو لا يشعر نحو هذا الرجل الذى يدعوه باسم الأبوة بأي مشاعر حقيقية، وقام الزوج السكير ببيع منزل العائلة ونُزعت سفنهم، وبذلك ضاعت على الطفل ثروة كانت تقيه غدر الزمان لو كان تصرف وكيله وزوج أمه حسنًا.
ولجأت الأم للشيخ سلامة الرأس كبير المنطقة واستنجدت به، فما كان منه إلا أن اشترى لها منزلًا في حارة بزامه ومعروف بدار سلامة إلى الآن، وعطف عليها، وبعث بأولادها إلى الكُتاب، واختص الطفل سلامة الذي سُمي على اسمه بأكبر جزء من عنايته، فأدخله مكتب سيدى عبد الرحمن ابن هرمز وتلقى مبادئ القراءة والكتابة وحفظ القرآن، والنصف الأخير من اليوم كان يتعلم مهنة الحلاقة في أحد الدكاكين.
المُقرئ سلامة
في السادسة من عمره كان سلامة حجازي قد أتم حفظ القرآن الكريم كاملًا، وبدأ في مشاركة المقرئين والمنشدين في الأذكار، وتعلم قواعد الغناء الإنشاد على يد الشيخ ” أحمد الياسرجي” الذي كان كبير المنشدين بالإسكندرية، ومن بعده على يد الشيخ “خليل محرم” الذي حفظ عنه الكثير من القصائد والألحان.
إقرأ أيضًا..تعرف على أصل مفتاح النيل الذي حير العلماء
وفي عام 1882م قامت الثورة العرابية فرحل الشيخ سلامة حجازي وأسرته إلى رشيد، وعمل مؤذنُا بجامع زغلول، وبعد صلاة العشاء كان يقوم بإحياء الليالي في القرى المجاورة، وذلك بغناء الموشحات وأدوار الشيخ عبد الرحيم المسلوب وعبده الحامولي ومحمد عثمان.
الغناء المسرحي
تميز الشيخ سلامة حجازي بأن له مدرسة غنائية جديدة، استطاع من خلالها نقل الأغنية من التخت إلى المسرح، وأصبحت جزءًا من الرواية أو المسرحية، مُتأثرة بأحداث التمثيلية، كما ارتقى بالمسرح الغنائي في مختلف نواحيه من تمثيل ومناظر واخراج.
وفى عام 1883م وبعد انتهاء الثورة، عاد الشيخ سلامة إلى الإسكندرية مسقط رأسه بعد أن ذاع صيته، وبعد أن استحدث أسلوبًا جديدًا فى الغناء والأداء، أعاد تكوين فرقته الموسيقية، وأخذ يُغنى مع التواشيح أدوارًا جديدة من ألحانه.
إنشاء مسرح خاص
انضم الشيخ سلامة حجازي لفرقة ” إسكندر فرح ” وظل يعمل معهم قرابة خمسة عشر عامًا، وعندما رأى إقبال الجمهور على المسرح للاستماع إلى صوته وأغانيه، فكر في افتتاح مسرح خاص به، واختار مسرح صالة “سانتي” في حديقة الأزبكية، وكان ذلك عام 1905م، وفيه قدم عدة روايات، منها المؤلفة والمترجمة، وكان أحيانا يقدم في مسرحه روايات وطنية، فتثور الحكومة، وتوقف عرضها مثل رواية ” شهداء الغرام “.
وعندما وجد الشيخ سلامة أن صالة “سانتي” لا تتسع للعدد الهائل من رواده، انتقل إلى صالة “فردي” بشارع الباب البحري، وأطلق على مسرحه اسم “دار التمثيل العربي” ، وكان ذلك عام 1906م، وقدمت الفرقة الجديدة بعض الروايات المصرية من نوع “الميلودراما”.
وفاته
ظل الشيخ سلامة حجازي يُغني حتى آخر يوم من حياته، وفي الرابع من أكتوبر عام 1917م، وافته المنية في الإسكندرية، بعد أن ترك للموسيقى العربية تراثًا ضخمًا من المسرحيات الغنائية، وألوانًا شتى من الأغاني.
الكاتب
-
أحمد الأمير
صحافي مصري شاب مهتم بالتحقيقات الإنسانية و الاجتماعية و السياسية عمل في مواقع صحافية محلية و دولية عدّة
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال