فاسكو دي جاما .. هل ساعدته جهود المسلمين في إجرامه؟
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
تنظر كتب التاريخ إلى فاسكو دي جاما على أنه من أعظم المستشكفين، وكانت اكتشافاته من أكبر العوامل التي غيرت في تاريخ المنطقة خاصةً بعد نجاحه في اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح، ولاقى الرحالة المسلم أحمد بن ماجد تهماً بالخيانة لتعاونه المشترك في اكتشاف هذا الطريق.
في عام 1469 م ولد فاسكو دي جاما لأسرة كبيرة، حيث كان والده هو حاكم منطقة ساينز في البرتغال وتمتد جذوره إلى فرسان سانتياجو، بينما والدته من أصول إنجليزية ولها علاقة قرابة بنجل ملك البرتغال، وفي عشرينيات عمر فاسكو انتقل إلى مديرية المسيح الحربية وتلقى العلوم العسكرية على يد الملك مانويل الأول ملك البرتغال.
بعد اختيار والده قائداً لفتح طرق بحرية إلى آسيا لمنع الاحتكاك بالمسلمين، عمل معه لمدة أيام حتى توفي والده وتولى هو القيادة من بعده.
يبرز سجل فاسكو دي جاما الإجرامي، عقب اكتشافه لدويلات هندية صغيرة تتصارع مع بعضها، فنجح في استغلال تلك العلاقة المتوترة من أجل عقد أحلاف وتأليب الدويلات على بعضها، وبعد سيادته في الاكتشافات صار هو صاحب القول الأول والأخير فيما يخص آسياً وإفريقيا على مستوى البحر.
كان اتفاق فاسكو دي جاما مع الهنود، أن يعطيهم إعفاءات وامتيازات هائلة، وينصب أميراً لا منازع له على البحر، في مقابل إنهاء الوجود الإسلامي في الهند، الأمر الذي رفضه الهنود فقام بقصف مدينة كلكتا الهندية طبقاً لما جاء في أوراق ملاح جرماني الذي رافق دي جاما حيث قال “في 27 أكتوبر سنة 1502 م:
“أبحرنا إلى أن وصلنا إلى مملكة كلكتا، التي تبعد 40 ميلاً عن كنانور وحشدنا جنودنا عند حدودها، ثم خضنا معهم حرباً لمدة 3 أيام، وأسرنا عدداً كبيراً من جنودهم، قمنا بشنقهم داخل السفن، وقطعنا أيديهم وأقدامهم ورؤوسهم، وأخذنا سفينة من سفنهم قذفنا فيها بتلك الأشلاء، مرفقة برسالة علقناها على عصا، وبعثنا بتلك السفينة لترسو على ساحلهم”.
جورج كاولي في كتابه رحلات ومغامرات فاسكو، أكد أن اليهود كانوا أبرز المساعدين له في رحلاته، حيث اصطحب معه دليلاً يهودياً من أجل الوصول إلى سفن الهنود لمعرفة تفاصيلها قبل استكمال رحلاته، وعقب جلسة ودية معهم، غدر بهم وأحرق كافة السفن، والعجيب أن المسلمين أحياناً كانوا يتواطأون مع فاسكو دي جاما لقتل الهنود الذين على الديانة الهندوسية.
سرعان ما غدر فاسكو دي جاما بالمسلمين، حيث أجبرهم على ترك دينهم، والاستيلاء على أموالهم من أجل استكمال الرحلات الكشفية التي يجريها فاسكو .
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد ، فالمؤرخ هنري هرسش هارت في كتابه طريق البحر إلى جزر الهند، يؤكد إجرام فاسكو دي جاما، عند طريقه إلى الهند عام 1502 م، حيث أوقف سفينة للحجاج المسلمين على متنها 700 كانوا في طريقهم إلى مكة فأحرقها، وترصد سفينة أخرى تحركت من مكة باتجاه إفريقيا فقام بسلب جميع بضائعها، ثم قام بحشر جميع الركاب والبالغ عددهم 380 في السفينة وأضرم بها النار.
يبقى ملف غامض في مسيرته وهو تعاون البحارة المسلم أحمد بن ماجد معه بعد أن تعرض إلى رحلة تيه بحرية وحتى يخرج منها قام بعملية قرصنة أسفرت عن القبض على رسول شيخ منطقة ماليندي، ورفض فاسكو دي جاما إطلاق سراحه حتى يبعث إليه الشيخ بدليل ماهر يقوده إلى الهند وكان ذلك الدليل هو أحمد بن ماجد الذي دخل إلى كابينة القيادة ونثر خرائطه الجغرافية، وقام بتوجيه القبطان إلى أن رست سفينتهم على سواحل الهند في يوم 22 مايو عام 1498 م.
وفق المراجع السابقة فإن فاسكو ديجاما فوجئ بأن التجار المسلمين قد سبقوه إلى هناك، وجرت مفاوضات مع ملك البرتغال لشن حملة قوامها 1500 مقاتل على مسلمي الهند، لكن سوء التصرف والتخطيط منع طرد المسلمين من الهند.
انقسم المؤرخون بشأن لقاء بن ماجد بفاسكو ديجاما؛ منهم من يؤكدها وبعضهم ينفيها لأن أحمد بن ماجد كان موجودا قبل فاسكو بفترة وجيزة ولم يلتقيه، ورغم عدم إثبات ذلك حتى الآن سوى بكتاب ” بيان للمؤرخين الأماجد في براءة ابن ماجد” لـ سلطان بن محمد القاسمي، إلا أن الحقيقة الثابتة أن فاسكو دي جاما أكبر سفاح بحري عرفه التاريخ في جيله.
إقرأ أيضاً
” الحنفية والوضوء “.. حكاية أزمة دينية شهدتها مصر منذ 138 عاما
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال