قبل 900 عام.. قصة مخترع أول “روبوت” في التاريخ
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
بعد 70 عاماً من ميلاد السيد المسيح، أسس العقل البشري نظريات لاختراع روبوت عن طريق المهندس اليوناني هيرون السكندري، حين وصف آلة فيها محرك حارق وتعمل بإسقاط عملة معدنية فيها، لكن النجاح الرسمي في اختراع نواة أول روبوت كان لـ”بديع الزمان أبو العز الرزاز الجزري”.
في عام 1136 م وبمنطقة الجزيرة في بلاد الرافدين ولد أبو العز الرزاز لأسرة متوسطة وكان والده مهندساً في بلاط الدولة الأرتقية التركمانية التي حكمت جنوب شرق الأناضول وشمال جزيرة الفرات.
لا توجد معلومات موثقة حول البيئة العلمية التي تربى فيها الرزاز الجزري، بل وربما لم يكن معروفاً في الثقافة العربية الحالية، إلا عقب الدراسة التي أصدرتها المؤرخة حليمة الغراوي بعنوان “بُناة الفكر العلمي في الحضارة الإسلامية ملامح من سِيَر علماء مسلمين من عصور مختلفة”.
اخترع الرزاز الجزري أكثر من 70 اختراعاً، لعل أبرزها العمود المرفقي في المحركات الميكانيكية، بالإضافة للساعات المائية التي لا زالت موجودة في متحف لندن للعلوم، لكن يبقى على رأس اختراعاته هو الروبوت الأول في التاريخ والذي قدمه كـ”هدية” لسلاطين الدولة الأرتقية.
كان الروبوت عبارة عن شكلٍ حديديٍ يعمل بمحرك متواضع، وفيما بعد صار أيقونة في التاريخ بعد أن التفتت أوروبا له بسبب كتابه “الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل”، وفي هذا الكتاب نجح الجزري في تصميم مضخة ذات أسطوانتين متقابلتين، ولاحقاً صارت هي الملهمة للمضخات الماصة والكابسة في مجال الطاقة.
اكتسب مخطوط “الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل”، عناية فائقة، منذ أن كُلِّف بتأليفه على يد الملك ناصر الدين محمود بن محمد بن قرا، وتوجد نسخ من كتاب الجزري في عدد من المتاحف العالمية كالباب العالي في اسطنبول ومتحف الفنون الجميلة في بوسطن ومتحف اللوفر في فرنسا ومكتبة جامعة أوكسفورد.
بالنسبة للغرب لاقى الكتاب شهرة كبيرة في ألمانيا وإنجلترا، وتذكر حليمة الغراوي في دراستها مدى تأثر أوروبا بالكتاب قائلةً “كان علم الجزري أحد أسس النهضة العلمية في الحضارة العربية الإسلامية التي انتقلت فيما بعد إلى أوروبا.
اعترف العالم لين وايت والكثير من علماء الغرب بأن الكثير من تصاميم الآلات التي ابتكرها الجزري قد نقلت إلى أوروبا، وأن التروس القطعية ظهرت لأول مرة في مؤلفات الجزري، وأنها لم تظهر في أوروبا إلا بعد الجزري بقرنين في ساعة جيوفاني دوندي الفلكية”.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال