بطولات الـ 100 يوم المنسية قبل معركة الإسماعيلية (5-5) 25 يناير 1952 و 576 ساعة مجهولة
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
جاءت معركة 25 يناير 1952 بين الشرطة والإحتلال البريطاني لتكون الفصل الختامي لملاحم قام بها البوليس المصري مع الفدائيين ضد الإنجليز دامت 100 يوم.
بطولات الـ 100 يوم المنسية قبل معركة الإسماعيلية
وثقت سلسلة بطولات الـ 100 يوم المنسية قبل معركة الإسماعيلية تفاصيل 109 يوم بداية من 8 أكتوبر سنة 1951 حتى 25 يناير 1952 خلال 5 أجزاء.
تناول الجزء الأول الفترة بين يوم 8 و 16 أكتوبر الخلفية التاريخية لأحداث القنال وإلغاء معاهدة 36 وتفاصيل الأفخاخ الإنجليزية التي تفادتها الشرطة ووقوع الصدامات بين الشعب والاحتلال.
وتناول الجزء الثاني الفترة بين 17 أكتوبر 1951 و 16 نوفمبر من نفس العام والتي تناولت عمليات الشرطة والفدائيين في ربوع مدن القنال
وتناول الجزء الثالث الفترة بين 17 نوفمبر 1951 لـ 7 ديسمبر من نفس العام والتي فيها معركة الإسماعيلية الأولى ورد فعل المقاومة.
فيما تناول الجزء الرابع الفترة من 9 ديسمبر 1951 لـ 31 ديسمبر من نفس العام، والتي فيها تفاصيل إزالة كفر عبده والثأر لما جرى وتصحيح لأخطاء تاريخية
بينما يتناول الجزء الخامس الفترة من 1 يناير 1952 لـ 25 يناير من نفس العام، والتي فيها عمليات الفدائيين والبوليس وصولاً لمعركة الإسماعيلية
(مرحلة 1-24 يناير 1952) | 576 ساعة فتاكة
أدركت بريطانيا منذ يوم 30 أكتوبر 1951 وحتى 31 ديسمبر من نفس العام، أن الشرطة المصرية هي دعامة دعم عمليات الفدائيين، وبسببها حاولت اقتحام قسم الإسماعيلية 3 مرات؛ إلا أن الفترة بين 1 يناير و 24 يناير من العام 1952 هي الأعنف على الإطلاق من حيث خسائر الإنجليز ونوعية العمليات، وبات حتميًا سحق تلك الدعامة مهما كانت الخسائر.
ففي أول يومين من شهر يناير سنة 1952 م، نفذ الفدائيين هجومًا على معسكر الإسماعيلية أسفر عن قتل 6 جنود إنجليز وإصابة 15 آخرين، وتمكن 12 فدائي من نسف مخازن البنزين في المعسكرت الإنجليزية وأتلفوا الدبابات بالتل الكبير، فيما تم تنفيذ الإنفجار السابع لأنابيب المياه في السويس.
تميز يوم 2 يناير بالخسائر الإنجليزية الفادحة في ربوع مدن القنال، ففي السويس قُتِل وأصيب مالا يقل عن 120 قتيل في عملية معسكر الإشارات ، بينما شهدت الإسماعيلة عملية نسف محطة مياه نفيشة ومهاجمة قطار حربي بالقرب منها وأسفر ذلك عن مقتل 9 جنود بريطانيين وأصيب 18 آخرين.
وشهدت مدينة السويس في مساء يوم 3 يناير معركة عنيفة استمرت إلى فجر 4 يناير، ولقي 52 إنجليزيًا مصرعهم وأصيب 100 آخرين، وتميزت تلك المعركة بأنها لم تكن بين الفدائيين والإنجليز وإنما شارك الأهالي مع قوات البوليس في المواجهة، وعلى نفس السياق تم نسف خط سكة حديد في محافظة الشرقية كان الإنجليز سيستخدمونه.
وفي 5 و 6 يناير قُتِل 25 إنجليزيًا بالإسماعيلية، كان منهم 8 في سيارتين ملاكي أما بقية القتلى وعددهم 17 فكانوا في على طريق كوبري نفيشة الذي تم نسفه هو الآخر.
تفاقمت عمليات 6 يناير ضد الإنجليز بقتل 4 جنود في بورسعيد و 4 آخرين في الإسماعيلية، وعدد غير معلوم في السويس.
كانت حالة الإنجليز في السويس خلال يومي 7 و 8 يناير وصلت لدرجة الغليان، إذ أن الفدائيين نسفوا معسكر مثلث 2 و 3 للمرة التاسعة وقاموا بتحرير 24 أسيرًا مصريًا، فيما قتل الفدائيين في الإسماعيلية 22 جنديًا إنجليزيًا.
مع حلول يوم 9 يناير سنة 1952 كان الإنجليز على موعد مع علمية أخرى عند منطقة المحسمة وأبو صوير حيث قُتِل القائمقام ميتشر مع 9 جنود إنجليز وأصيب 28 آخرين.
وفي 10 يناير لقي 4 إنجليز مصرعهم وأصيب 11 آخرين في أبو صوير بالإسماعيلية، كما كما تعرض شارل رو رئيس شركة القنال لمحاولة اغتيال، تزامنًا مع هجوم على معسكر التمساح.
أراد الإنجليز حماية شارل رو في الإسماعيلية ومنع سفره للقاهرة، فقرر الفدائيين الرد فقاموا في 11 يناير بنسف قارب إنجليزي في ميناء الإسماعيلية أسفر عن قتل 6 جنود بريطانيين وتم تنفيذ هجوم على معسكر الفردان.
وفي 12 يناير دارت رحى معركة التل الكبير بين 60 جنديًا من الشرطة و 50 من الفدائيين أمام 1500 جندي بريطاني، وأسفرت المواجهات عن خسائر بـ 120 إنجليزي بين قتيل وجريح واستشهاد 4 من المصريين من بينهم سيدتين وأصيب 20 آخرين من بينهم مأمور مدينة أبو حماد.
وشهد يوم 13 يناير مقتل 22 جندي بريطاني وإصابة 16 في القرين بالشرقية والإسماعيلية والسويس، وقد اعترفت الصحف الإنجليزية بقوة الفدائيين.
وفي 14 يناير سنة 1952 جرت محاولة اغتيال البريجدير ستيل قائد معركة التل الكبير والتي نفذها الشهيد أحمد عصمت، فأصيب القائد البريطاني بإصابات خطيرة وقُتِل حارسه، وردًا على استشهاده تم تنفيذ هجوم على معسكر الطيران في الإسماعيلية أسفر عن قتل 7 جنود إنجليز.
ولأول مرة منذ بدء القتال منح فدائيو السويس هدنة لبريطانيا يوم 17 يناير ابتهاجًا بمولد أحمد فؤاد نجل الملك فاروق بعد خسر الإنجليز 27 جنديًا في هجمات بالإسماعيلية والسويس وبورسعيد.
وفي يوم 18 يناير أعلن أرسكين قائد القوات البريطانية في القنال أن الإسماعيلية صارت مدينة حرب وتوعد ضباط الشرطة بأنهم سيكونوا أسرى وذلك بعد مقتل 13 جنديًا بريطانيا وإصابة 19 آخرين في الإسماعيلية.
في نفس ذات اليوم تعرض الإنجليز لهجوم عنيف في معسكرات بورسعيد أسفر عن قتل 41 جنديًا بريطانيًا وإصابة 68 آخرين.
وفي 19 يناير قُتِل 38 جندي بريطاني في الإسماعيلية، وإزاء ذلك أعلن أرسكين في 20 يناير عن بدء وضع خطة لمواجهة الشرطة في الإسماعيلية فقام باحتلال الإسماعيلية وأعلن نفسه حاكمًا عليها وقام باحتلال مبنى المحكمة مع مسجد ومدرسة للراهبات إلى جانب 350 منزل وأسفرت المواجهة عن قتل 19 جندي إنجليزي ونسف نادي الضباط البريطاني خلال يومي 21 و 22 يناير، وبالتزامن مع ذلك قُتِل 6 جنود إنجليز في السويس.
وفي 23 يناير قام الفدائيون بنسف مخزن الذخيرة الحربية في معسكرات أبو سلطان بالإسماعيلية وأسفر ذلك عن قتل 4 جنود إنجليز وإصابة 7 آخرين وتجريد 30 عسكريًا من أسلحتهم.
وفي اليوم التالي 24 يناير وبعد ساعات قليلة من هجوم أبو سلطان، هوجم معسكر جنيفة وأسفر الهجوم عن قتل 15 جندي إنجليزي.
(مرحلة 25 يناير 1952) | معركة الإسماعيلية
في الساعة 4 فجر يوم 25 يناير تحرك إلى الإسماعيلية 7 آلاف جندي بريطاني (1500 جندي مظلات و 1000 جندي كوماندوز مع فرقة دلانكشير وفرقة دايفونشر وفرقة رويال ساكس والكتيبة الأولى والثالثة والثامنة مشاة).
وخلال ساعتين وصلت القوات لاقتحام 3 نقاط هي مبنى المحافظة ومبنى مديرية الأمن ومبنى مستوظف وزارة الصحة وحوصرت بدبابات سنتريون إلى جانب دبابات متوسطة ومصفحات، وتم توزيعهم في شوارع محمد علي والسلطان حسين وحي العرايشية ومحطة السكة الحديد وشارع العزب جنوب حي العرب.
بدأت معركة الإسماعيلية في الساعة السابعة والدقيقة 10 من صباح 25 يناير 1952 م، وكان مجموع القوة المصرية 980 ضابط وعسكري (80 في مبنى المحافظة و 900 عند مديرية الأمن) وجميع ما يمتلكوه 60 ألف رصاصة تحت قيادة اللواء أحمد رائف واليوزباشي مصطفى رفعت، في مقابل 7 آلاف جندي بريطاني بكامل معداتهم العسكرية.
انتهت معركة الإسماعيلية في الساعة الثانية عشر وربع ظهرًا، وأسفرت عن استشهاد 48 مصريًا وإصابة 42 آخرين، فيما قُتِل من الإنجليز 18 جنديًا وأصيب 31 آخرين.
هل مضت معركة الإسماعيلية بدون رد من الفدائيين ؟
كان الهلع من رد فعل الفدائيين مسيطرًا على قوات الاحتلال البريطاني، خاصةً وأن الفدائيين هم رفاق الشرطة في الكفاح ضد الاحتلال البريطاني.
الثابت تاريخيًا أن الفدائيين قاموا بضربة استباقية انتقامية لمعركة الإسماعيلية إذ قامت كتيبة الشهيد أحمد عبدالعزيز بنسف خطوط السكة الحديد لمنطقة عتاقة في الساعة الثالث إلا ثلث (يعني قبل قبل تحرك القوات للإسماعيلية بساعة)، ثم قامت بشن هجوم على معسكر السجن الحربي ومعسكر الجاريسون بالسويس في الساعة الرابعة والنصف وأسفر الهجوم عن سقوط العشرات من جنود الإحتلال البريطاني.
لكن الحركة الفدائية توقفت عمليًا بعد 25 يناير 1952 والسبب الرئيسي في ذلك هو إعلان الأحكام العرفية في ربوع مصر بسبب حريق القاهرة يوم 26 يناير ثم إقالة حكومة مصطفى النحاس الداعمة لتعاون الشرطة مع الفدائيين.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال