كشري أبو طارق يحتل المركز 64 حول العالم .. بكل هذه البساطة

“يشتهر محل “كشري أبو طارق” بوجبة تسمى “الكشري”، وهو طبق مصري تقليدي يتكون من الأرز والمعكرونة والعدس وصلصة الطماطم، ويتم تقديمه في بيئة بسيطة وصاخبة. هذا المطعم يجب زيارته لأي شخص يبحث عن المذاق الأصيل لأطعمة الشارع المصري”

بتلك الطريقة الآلية، تم الإعلان عن احتلال مطعم الحاج أبو طارق للمركز 64 ضمن قائمة تضم 100 مطعم هم الأكثر تأثيرًا حول العالم، في عام 2023 بحسب  موقع “tasteatlas” .. وبمثيلتها من الطرق الآلية احتفت المذيعات واحتفى المذيعين بأوجه أسمنتة بكشري أبو طارق على مختلف الشاشات المصرية، والعربية والعالمية، حيث اتبع الجميع مع الرجل أسلوب (جرجرة) الحنين للطعام ولشوارع وسط البلد، متفاعلين تفاعل مبالغ فيه للغاية بعد كل ملعقة يأكلونها على الهواء مباشرةً، موجهين اللقاء التليفزيوني مع أبو طارق إلى أن هناك يعتبره الرجل قدس الأقداس في طعم الكشري، وهذا السر الذي حافظ به الرجل على الشعبية الكبيرة للمطعم، وهو الأمر المنافي تمامًا  للحقيقة.

أغنية شعبان عبد الرحيم “كشري أبو طارق”

وعندما حاولت البيئة المصرية بصوتها الشهير “أبو عصام”، “شعبولا”، “شعبان عبد الرحيم” ، عندما حاولت تلك البيئة الاحتفاء بالمطعم عن طريق أغنية مُهداة من شعبان عبد الرحيم للمطعم التاريخي، وهي الأغنية التي اعتبرها أبو طارق نشيدًا وطنيًا للمحل، فكان تشتغل طوال اليوم كخلفية موسيقية أثناء الأكل، عندما حاول “شعبولا” الغناء عن هذا الطبق الشهير كانت أغنية تقليدية أقرب لأن تكون تقريرًا صحفيًا سمجًا بعناوين تقليدية تتوفّر فيها الخمسة W الصحفية الشهيرة، وأبرزها عنوان المطعم وما يقدمه.

وعندما تقدمت أساليب ترويج الطعام في مصر، وتحولت إلى “محتوى”، يلعب دور البطولة فيه “ملتهمي الطعام” المعروفين بـ “الفود بلوجرز” حاولوا واحد تلو الآخر إظهار التلذذ المبالغ فيه بطعم الكشري، ووصف الحمص والأرز والبصل والعدس، وكأنه يوصف فخذ لحم ضأن مشوي عن طريق أشعة الشمس لساعات طويلة متواصلة تحت الرمل ..  وقدموا جميعًا محتوى يجعلك مُشتهيًا لتجربة ما يتكلمون عنه، لكنهم تحدثوا عن منتج جيد، ولم يتحدثوا عن كشري أبو طارق.

إقرأ أيضا

الأستاذ الناقد طارق الشناوي .. دعوة للتوضيح حتى نكون داعمين له

والعارف بأبو طارق، والذي ذاب نعل جزمته في منطقة معروف وشوارع وسط البلد بسبب كثرة اللف على المطاعم عادية السعر، يعرف أن أبو طارق سره أنه عادي، فإنك لو تقمصت دور البلوجر وأعطيته درجة من عشرة، ولتكن 7 من 10 .. فإن تلك السبعة ستظل ثابتة معك دائمًا وأبدًا، لن يقدم لك أبو طارق طعم من الجنة لكنك لن تجد الجودة قليلة في أي يوم وفي أي ساعة وعند أي حالة فيها المحل، سواء أكان مزدحمًا أم لا، وزبون أبو طارق الحقيقي لا يأتيه من آخر الدنيا، بل من ما جاوره من شوارع، ومن يعرف أبو طارق حقًا يدرك جيدًا أن الرجل ينفذ ما هو داخل الصندوق ولم يفكر أبدًا تنفيذ ما هو خارجه، لذلك  فإن الرجل لم يعزف على أوتار استجداء النوستالجيا كما أراده المذيعون، ولا تحدث عن نفسه بغرور بعد غناء شعبولا كما فعل صاحب محل الفول الشهير، شديد الغرور و(الأنتكة) وكأنه اخترع ما يكرر به فوز المصريين بنوبل، ولا هو من مهاوييس الشهرة الذين مسهم ضُر الفود بلوجر.. إنه كما سألته الست إسعاد يونس : ما السر يا حاج أبو طارق؟ .. فقال : اللي بيجتهد ربنا بيديله .. فقط بكل هذه المباشرة .. بكل هذه البساطة.