كيف سعى الإنسان الأول على أكل عيشه؟
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
سؤال يطرح نفسه على عقل كل من قرر الاستيقاظ والتحرك من السرير في السابعة صباحًا ساعيًا على أكل عيشه ، متحملًا كل سخافات هواجس العقل أن لا فائدة لعملك ذو الثمن البخث هذا ، وتكسير عظام الذراع مكوة القميص ، ورزالة المواصلات وزنقة علبة السلامون ، والمدير صاحب العقدة النفسية الشهيرة : “أنا المدير وانا اللي أقول يالّا” ، والعصافير من الزملاء ، والثرثرة الحريمي على هامش الشغل ، أو بمعنى أصح الشغل على هامش الثرثرة الحريمي .. هذه فقط المعوقات الثابتة فعلًا في معظم أماكن الشغل ، لكن حلم الفيراري الذي يلاحق خيالك مهما تصنعت نسيانه هو من يدفعك دفعًا للأمام ، ويخطو بك حين تثقل القدم وتتوقف الخطوات ، ويهمس في أذنك: أنت اللي هتغني يا منعم !
بين هذه المعوقات ، وهذه الدوافع ، تمر على العقل هلاوس ، أو بمعنى أصح أسئلة ليلية عميقة تأتي دائمًا بعد الثانية عشر في منتصفه ، أسئلة ترجع بك إلى الماضي السحيق ، ليس الماضي الذي نعرفه أنا وأنت ، أقصد الماضي السحيق ، ماضي أول السلالة ، أول من وطأت قدمه أرض هذا الكوكب ، كيف تعامل هذا الرجل مع مفهوم “أكل العيش” ، هل كان ابن مدرسة العمل الحر ، أو ابن مدرسة الوظيفة والبذلة الزرقاء والياقة العريضة ؟ .. كل هذه الأسئلة حاول الكاتب والباحث والمفكر “جيرمي بلاك” ، في كتاب ” مختصر تاريخ العالم” ، وهذا الكتاب يعد جزءًا من سلسلة ذهبية لأي قارئ وهي “مختصر التاريخ ” ، وفي فقرة بعنوان ” حياة الصيد وجمع الثمار ” ، قال :
كان الإنسان الأول مختلط التغذية ، ما مكّن الإنسان الصياد ، وجامع الثمار ، بتنوع غذائهما ، ومهاراتهما من الانتشار في مختلف بقاع العالم . وقد تمكن الإنسان من تطوير قابليته في الصيد من خلال تطور أسلحته التي اصطاد بها حيوانات تفوق حجمه بكثير مثبل الماموث والمستودون . فبين السنوات 10- 9 قبل الميلاد تمكّن المستوطنون الأوائل في أمريكا الشمالية المسلحون بنهايات حجرة حادة ، من اختراق جلد الماموث ، وقتله بأسلحتهم ، ومن ثم تقطيعه وأكله . وكان غذاء هؤلاء الأوائل يكتمل بصيد السمك ، وحيوانات أخرى . في ألاسكا ، عُثر على حفرة للدفن في العام 2010 ، ظهرت فيها عظام طفلة رضيعة ، وطفل آخر توفيا حوالي 9500 قبل الميلاد ، وكانا مستلقيين على سرير من قرون الأيائل وأسلحة ، تغطيهم مغرة حمراء (تربة ذات صبغة تعكس لون المعادن فيها كأوكسيدات الحديد الأحمر ) . أما في أمريكا الوسطى فشاع صيد الدب الكسلان ، والأرميديللو العملاق . في أوروبا انقرضت ثديّات عملاقة مثل الماموث ، والمستودون ، والسميلودون ، والغزال العملاق ، ووحيد القرن الصوفي في الفترة الزمنية ذاتها .
مرحلة ما بعد النار والنصل المتطور
كانت قابلية التواصل عبر اللغة والانتظام في جماعات هو الاسلوب الجيد بعد الصيد الفردي ، وكان هذا يظهر جليًا في أثناء صيد الحيوانات ليصبح نسقًا اجتماعيًا أوسع . وأسهمت النار بشكل كبير في تقدم البشرية لتوفير الحماية ، كما في الكهوف ، من الحيوانات الأخرى . كما احتفظ الإنسان أيضًا بأشياء قد تفيده في استخدامات مستقبلية ، ومارس تقسيم المهام للأعمال . لقد تطورت تقنيات النصل الحجري تدريجيًا ليعلو بنهاياته الدقيقة حوامل خشبية ، أو عظمية لاستخدامها كسكاكين ، أو سهام الصيد لمنحه فرصة للصيد والبقاء على قيد الحياة .
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال