لماذا كانت الحلقة الرابعة من مسلسل موسى عبقرية في ملامحها التاريخية “صور ووثائق تجيب”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
تناولت الحلقة الرابعة من مسلسل موسى أجواء الحرب العالمية الثانية ومقتل رويعي وثأر موسى له مع المطاريد بعد هجومهم على القطار وتواطؤ العمدة مع سلطات الاحتلال لقتل موسى؛ ومع الأحداث كانت هناك ملامح تاريخية تم إخراجها بمنتهى العبقرية ونستعرضها عبر هذا التقرير.
مشهد مقتل رويعي
تجيء العبقرية في الملامح التاريخية خلال الحلقة الرابعة من مسلسل موسى في مشهد قتل رويعي، حيث أجاد كافة صناع العمل في رسم لوحة شديدة العبقرية لمشاهد القصف النازي على المعسكر البريطاني في معارك أفريكا كور (التسمية النازية للفيلق الألماني على الشمال الإفريقي).
ولعل أكبر دليل على الدقة هو وجود قتيل (أسود البشرة) يظنه البعض زنجي أوروبي، لكنه في الحقيقة يجسد أحد أفراد الأفارقة العرب الذين شاركوا في معارك أفريكا كور.
مشهد العائد من الموت
مشهد الفنان الشاب محمد محمود زيزو (العائد من الموت) حاملاً على صدره آخر ما تبقى من الأموات يمثل إبداعًا منقطع النظير، فبدايةً من الممثل وهو عائد لأهل قريته لا يدري ماذا يقول ولا يدري كيف خرج، ثم وقوفه وهو يعلن أسماء الشباب من أهل بلدته الذين ماتوا.
اقرأ أيضًا
الحلقة الأولى من مسلسل موسى .. دقة في كل شيء تاريخي لمرحلة دموية لم تُحْكَى بعمق
عبقرية المخرج في أنه رسم 3 صور للمشهد “العودة، إعلان الخبر، الإنهيار” وعبقرية الممثل تمثلت في تعبيراته حينما بكى وهو يتذكر ذكرياته مع الأموات بدموع ذويهم، كذلك كان هناك ذكاءًا من المؤلف حينما جعل العنصر المسيحي مع المسلم في قائمة الضحايا «غالي مروان سعيد، عبدالرحمن سيد علي، سمعان محفوظ شفيق، رويعي سالم صالحين، جمال فتوح».
اقرأ أيضًا
“راح زيه زي اللي قبله” من الأشخاص الحقيقيين الذين سبقوا رويعي في مسلسل موسى إلى الموت
يبدو سؤال يلوح في الأفق متعلقة بالسلاسل التي تحمل الرقم العسكري لاسم الضحية وهو كيف كانت السلطات المصرية تتعامل مع الضحايا المصريين ؟.
كانت السلطات المصرية تتعامل بجفاء مع الجنود والضباط الذين سقطوا في الحرب العالمية الثانية، ويعزز هذا الكلام الخبر الذي نشرته جريدة المقطم في عدد 10 نوفمبر سنة 1942 م حول الضباط المصريين في سلاح الطيران الذين قُتِلوا في الحرب العالمية الثانية حيث وضع لهم تمثايل في نادي الضباط وصنع لوحة رخامية مكتوبة عليهم أسماء ضباط الصف والجنود، دون الإشارة إلى أي تعويض مادي.
مشهد ضرب القطار ونهبه
كان مشهد القطار جميلاً ومقنعًا لكن على الناحية الفنية فإن هناك إشكالية وحيدة في الحلقة الرابعة من مسلسل موسى والمتعلقة بقتل الضابط البريطاني حيث عزم موسى على الفتك بالمصابين وأطلق وابلاً من الأعيرة عليه، ثم ظهر بالحمار المقلوب في عقوبة التجريس، دون التوضيح حول طريقة خروجه حيًا، هل فشلاً من موسى أم لارتداء الضابط القميص الواقي من الرصاص.
اقرأ أيضًا
جوانب تاريخية في الحلقة الثالثة من مسلسل موسى .. دقة مشهد قناع الغاز وخطأ سلاح شداد
يجيء سؤال تاريخي مع مشهد ضرب القطار وهو هل مصر زمن الحرب العالمية الثانية كانت تعرف ثقافة نهب القطارات التي تحمل الجنود والبضائع ؟.
الإجابة موجودة في عدد 14 إبريل سنة 1941 م من جريدة المقطم في خبر حوادث موجود، يفيد بأن وزارة الداخلية شنت حملة للقبض على من وصفتهم بالأشقياء الذين أوقفوا قطار البضاعة الذي يضم كميات من الدقيق والسكر والأرز؛ وهكذا الخط تحديدًا كان لوجسيتيًا زمن الحرب.
وضع كبراء سوهاج مع الإنجليز .. حقائق تاريخية منسية
سؤالان تاريخيان يتعلقان بمشهد العمدة (مفيد عاشور) وهو يظهر كأنه عميل للإنجليز ضد أهل بلاده في زمن الحرب وكذلك مشهد رياض الخولي (شيخ البلد).
أول هذه الأسئلة هل كان في سوهاج زمن الحرب العالمية الثانية تعاون مع الإنجليز ؟.
نجد في جريدة المقطم عدد 20 يناير سنة 1941 م خبرًا يفيد بإقامة مباراة كرة قدم بين نادي الأمير فاروق بسوهاج وفرقة الطيران الإنجليزية بحلوان على أرض ملعب الأمير فاروق بسوهاج وانتهت المباراة بفوز الفريق الإنجليزي، يلاحظ في هذا الخبر أنه عقب نهاية المباراة تم تنظيم حفل شاي عُزِف فيه النشيد المصري الملكي والنشيد الإنجليزي.
ثاني هذه الأسئلة هو هل كانت هناك عمليات نصب على الصعايدة في سوهاج زمن الحرب واستغلال لظروفهم بهذه الطريقة ؟
والإجابة موجودة عدد مجلة كل شيء والدنيا بتاريخ 30 نوفمبر سنة 1942 م، حيث نشأت في مصر وقتها جمعيات خيرية اتضح أنها وهمية وكانت سوهاج من ضمن الأماكن التي شهدت مثل هذه الأنواع من الإجرام.
الخُطْ والزُبُط .. الإبداع يكمن في التفاصيل
هناك مصطلحين جاءا خلال الحلقة الرابعة من مسلسل موسى وهما الخُطْ والزُبُط، واللفظ الثاني لفظ سوهاجي أصيل مصدره كلمة زباطة والتي تعني البطة كما ذكر ذلك بن بري عن بن خالويه، فيما ذكر الفراء أن الزبط هو صياح البطة، والصعايدة يطلقونها على فضلات الطيور.
أما اسم الخُطْ في مشهد استخراج الرصاصة من كتف موسى، فقد يكون سببًا لنقد المسلسل تاريخيًا، لكن هذا غير صحيح كون أن شخصية خُطْ الصعيد كانت موجودة في الأربعينيات ولقيت حتفها سنة 1947 م، وبالتالي فالاستدلال باسمه ليس خطئًا.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال