“لم يكن قيدت نفسي” ننشر كلمات عهد الحشاشين وتفاصيل أجواء أداء القسم

طوال 6 حلقات من مسلسل الحشاشين كانت مشاهد أتباع الفرقة الباطنية في أخذ عهد الحشاشين مرتبطة بجملة «قيدت نفسي»، ثم يقول الداعي للحالف «مبارك».

اقرأ أيضًا 
“الحلقة 7 من الحشاشين” حارس السجن برزك أميد شخصية حقيقية وعيبها شيء واحد

كانت جملة قيدت نفسي هي المقولة التعبيرية فنيًا عن القسم الذي يؤديه الباطنية، لكن تاريخيًا فإن نص عهد الحشاشين وأجواء أداء القسم مختلفةً.

نص عهد الحشاشين المرموز له بجملة قيدت نفسي

أورد عبدالقاهر البغدادي نص قسم الحشاشين في كتابه فقال[1]، أن الداعي يقول للْحَالِف: جعلت على نفسك عهد الله وميثاقه وذمته وذمَّة رُسُلِه وما أَخذ الله تعالى من النبيين من عهد وميثاق أنك تستر ما تسمعه مني وما تعلمه من أمري ومن أَمر الإمام الذى هو صاحب زمانك وأمر أشياعه وأتباعه في هذا البلد وفي سائر البلدان وأمر المطيعين له من الذكور والإناث.

فلا تُظْهِر من ذلك قليلاً ولا كثيرًا ولا تُظْهِر شيئًا يدل عليه من كتابة أو إشارة إلا ما أذن لك فيه الإمام صاحب الزمان، أو أذن لك في إظهاره المأذون له في دعوته، فتعمل في ذلك حينئذ بمقدر ما يُؤْذَن لك فيه، وَقد جعلت على نفسك الوفاء بذلك وألزمته نفسك في حالتي الرضا والغضب والرغبة والرهبة.

فعندما يرد الحَالِف بنعم، يقول له الداعي وجعلت على نفسك أَن تمنعني وجميع من أسميه لك مما تمنع منه نفسك بعهد الله تعالى وميثاقه عليه وذمته وذمة رسله، وتنصحهم نصحًا ظاهرًا وباطنًا، وألا تخون الإمام وأولياؤه وأهل دعوته في أنفسهم ولا في أموالهم، وأنك لا تتأول في هذه الأيمان تأويلاً ولا تعتقد ما يُحِلُّها.

وإنك إن فعلت شيئًا من ذلك فأنت بريء من الله ورسله وملائكته ومن جميع ما أنزل الله من كتبه، وأنك إن خالفت في شيء مما ذكرناه لك، فلله عليك أن تجح إلى بيته مائة حجة ماشيًا نذرًا واجبًا، وكل ما تملكه في الوقت الذي أنت فيه صدقة على الفقراء والمساكين، وكل مملوك يكون في ملكك يوم تخالف فيه أو بعده، يكون حرًا وكل امرأة لك الآن أو يوم مخالفتك أو تتزوجها بعد ذلك تكون طالقًا منك ثلاث طلقات والله تعالى الشاهد على نيتك وعقد ضميرك فيما حلفت به؛ وعندما يرد الحالف بنعم، يختتم الداعي كلامه بقوله كفى بالله شهيدًا بيني وبينك.

أجواء أداء القسم عند الباطنية

كانت أجواء أداء القسم عند الباطنية مختلفة، إذ يأتي بعدما يغسل ثيابه ويصوم يوم ثم يأتي إلى الداعي ومعه غيره من الحالفين في مكان سري، ويعطي أبو محمد اليمني وصفًا لأجواء عهد الحشاشين الباطنية، فيقول[2]، يتقدم من يأخذ عليهم العهد، مُظْهِرًا للنسك، خاشع القلب، غاض الطرف، فيحمد الله تعالى ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم يقرأ عليهم آيات من كتاب الله تعالى فيها ذكر العهد، كقوله «وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا»، وقوله «وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ».

اقرأ أيضًا
الحاج صاحب الوقت

وبعد تلاوة الآيات يقول: إخواني إن الله تعالى دعا إلى الوفاء بعهده، فمن كان منكم راغبًا إلى مقالتنا هذه، داخل في ملتنا، طالب سر الله تعالى عليه، مجتهداً في الدخول بجملة أوليائه الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فمن علم منكم في نفسه عجزًا، وقلة كتمٍ لسرنا، فليذهب حيث شاء ومن كان منكم متواقيًا كاتمًا فليقف، فإذا قالوا رضينا قال :
بسم الله الرحمن الرحيم
أوجبتم على أنفسكم وألزمتم أعناقكم عهد الله تعالى المسؤول المؤكد، وميثاقه المغلظ المشدّد، بطاعة منكم ورضًا على سبيل الرغبة لا الرهبة، ولا يشوب ذلك منكم تدليس ولا استعمال مداجاة ولا مداهنة، بنياتٍ صادقة وأنفسٍ طيبة وسراير مخلصة بريئة من الغش، على ما نطقت به ألسنتكم عند سماع ما أعاهدكم به، لتعبدوا الله، ووليه فلان بن فلان أمير المؤمنين، بعد أن تشهدوا أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وأن عليًا بن أبي طالب رضي الله عنه وصيه وولي المؤمنين بعده، ثم الأئمة من ذريته، من اختص الله تعالى منهم بالإمامة، واحد بعد واحد، لا يخلو منهم زمان ولا أوان، وأنَّ إمام العصر فلان بن فلان، مفترض الطاعة، إليه منتهى الإمامة.

ووصيته وصية من قبله، إليه يكتم هذا السر، وكل ما يأمركم به من السمع والطاعة، فلا تخالفوه ولا تعصوه، وتصدقوه ولا تكذبوه وتنصروه ولا تخذلوه ولا تنقضوا ما أمركم به وتجاهدوا معه أعداءه، وتفضلوه على من سواه، وتبرأوا من أبي بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وعائشة وأشياعهم وأتباعهم، وتلزموا أنفسكم ما التزمتها من الطاعة والعهد، كاتمين ما ألقيت إليكم، وسمعتموه من تأويل القرآن، وشريعة آدابها علم من علمنا ، مما يجب ستره، رعاية منكم لأمانة رسول الله صلى الله عليه وسلم غير معترضين ولا مُصرِّحين حتى تلقوا الله تعالى، وعلى أنكم ترضوا بما يجرى به من أحكام عليكم، من وضع ورفع، وإعطاء ومنع، ومثوبة وعقوبة ، ورضاء وسخط.

إقرأ أيضا

أعداء الحياة .. كيف غيّر الاحتلال خريطة المياه في غزة؟

فمن نكث بما أكره على نفسه سرًا أو جهرًا، مخفيًا (أو) مختالاً، مداهنًا أو غير مداهن، فهو براء من الله ومن رسوله ومن التوراة ومن الإنجيل والزبور والفرقان العظيم والكلمات التامات، ولا يقبل الله تعالى له صرفًا ولا عدلاً، وعليه المشي إلى بيت الله الحرام حافيًا راجلاً، لا يأجره الله عليه إلا إن أوفى بهذا العهد، وأشهدتم الله على أنفسكم، وكفى بالله شهيدًا؛ قولوا نعم، فإذا قالوها، قال : أعاننا الله وإياكم معاشر المعاهدين على الوفاء بعهده ، وختم لنا وإياكم بالنيات الصحيحة، هاتوا صدقة نجواكم.

ويقوم بتقديم صدقة النجوى، وصدقة النجوى هذه هي مال يتبرع به الإسماعيلي الباطني في مناسبات مختلفة أو عندما يحاول الإطلاع أو معرفة بعض علوم الباطن.[3]

[1]  عبدالقاهر البغدادي، الفَرْق بين الفِرَق، تحقيق: محمد عثمان الخشت، ط/1 مكتبة بن سينا للنشر والتوزيع، القاهرة، 1988م، ص263.
[2]  أبو محمد اليمني، عقائد الثلاث والسبعين فرقة، تحقيق: محمد بن عبدالله زربان الغامدي، ج2، ط/2، مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة – السعودية، 1422هـ / 2001م، ص ص506–508.
[3]  عادل سالم العبدالجادر، العهد الإسماعيلي .. قسم المستجيبين للدعوة الإسماعيلية، المجلة العربية للعلوم الإنسانية – جامعة الكويت،مج24، ع95، 2006م، ص81.