هل يجذب الحزن الظلام؟ .. “استركوكس” دمر الحب قلبها ونهشت الكيانات المظلمة روحها
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
هل تعرضت يومًا ما لجرح من حبيب؟، إذا كانت الإجابة نعم فستعلم جيدًا ما شعرت به استركوكس بعدما جرحها حبيبها، وإذا كانت الإجابة لا، فعليك أن تحمد الله أنك لم تمر بتجربة مثل هذه.
البداية
في عام 1879م، انتقلت استركوكس لتعيش في منزل أختها وزوجها الموجود بقرية امهرست في كندا، وذلك بعد أن توفى والداها وهي صغيرة، وانتقلت من ذلك الحين للعيش مع أختها، وكانوا يعيشون جميعًا بسعادة، استر وأختها وزوجها وأولادهم الكثيرين للغاية، ومر الوقت وصارت أستر مراهقة جميلة، وشعرت بالمسئولية تجاه أختها وقررت أن تعمل راعية للغنم، لتساعد زوج أختها في المصاريف، وكانت تحب عملها كثيرًا، ومما زاد تعلقها به، أنها كانت يوميًا تقابل في طريقها شاب من شباب القرية الأثرياء يدعى بوب ماكنيل، وظل بوب يظهر أمامها يوميًا، وتعرفا على بعضهما البعض، ووقعا في الحب، كانت أستر تعيش أجمل أيام حياتها، أعمى الحب عيونها عن الفروقات الاجتماعية بينهما، وظلت على تلك الحالة من السعادة والفرح، حتى ذلك اليوم المشئوم الذي حاول بوب أن يعتدي عليها فيه، وعندما قاومته ودفعته بعيدًا، رفع سلاح عليها وقام بإهانتها ومعايرتها بفقرها، واضطرت أستر أن تضربه في قدمه بقوة، ووقع السلاح من يده، وهربت منه.
تحول أستر لقوى مدمرة
كانت أستر مصدومة مما حدث لها، فذهبت إلى المنزل وصعدت إلى غرفة على السطح منعزلة تمامًا عن باقي البيت، وأغلقت على نفسها أيام طويلة، لم تتحدث لأي أحد عما عانته، وكانت أختها تضع لها الطعام أمام باب الغرفة وتتركه وتذهب، في البداية حاولت أختها وزوجها كثيرًا أن يعرفا ما حدث، ولكن مع مرور الأيام انشغل الجميع عنها وتركوها لحالها، وعاشت أستر الأيام والليالي وهي تلوم نفسها على حبها لذلك الشخص، وظلت تسترجع مشهد إشهاره للسلاح في وجهها، وكانت تسهر طوال الليل وهي تبكي.
بعد عدة أسابيع قررت أستر أن تتغلب على مشاعرها وحزنها، ونزلت للمنزل لتساعد أختها، ولكن حدثت أمور غريبة بمجرد نزولها للمنزل، كان الأثاث يصدر أصواتًا مريبة إذا جلست عليه أستر، وفي البداية سخروا منها وقالوا أن وزنها زاد في تلك الفترة ولم يتحمل الأثاث المتهالك وزنها، ولكن ازداد الأمر غرابة، وتحول الصرير لحركة وهزة، وكأن هناك يد تهزه، وأصيبت أستر بعدها بحمى غريبة، كانت درجة حرارتها ترتفع للغاية وتصير كالجمر، ثم تهبط فجأة وتتحول للوح ثلج، وظهر على جلدها تورمات غريبة تتحرك وكأنها ثعابين، كان المنظر مُرعب للغاية، لدرجة أن الأطباء كانوا يهربون بمجرد رؤيتها، وقالوا لزوج أختها أن بها مس، وأن عليهم الذهاب للكنيسة.
علاج أستر
خطوة العلاج على يد قساوسة لم تكن سهلة بالمرة، لأنه بمجرد أن تخطو داخل الكنيسة وتبدأ في العلاج، ستنتشر القصة في القرية بأكملها، وسيتعرضون جميعًا للأذى وربما الطرد من القرية لاعتقاد الأهالي أنها ساحرة، لذا التزمت عائلة أستر الصمت والتكتم، ولكن ساءت حالتها وقرر زوج أختها المجازفة وذهب لأحد القساوسة وطلب مساعدته، وبالفعل ذهب لرؤيتها وأخبرهم أن بها مس شيطاني وطمئنهم أن جلسات العلاج ستتم في السر.
اقرأ أيضًا
هل يفسد الحب ؟
وفي اليوم التالي حضر ثلاثة قساوسة وبدأوا في جلسة العلاج، تجمعوا حول سرير أستر، وكان أحدهم يقرأ نصوص من الكتاب المقدس، وأخر يلقي ببعض قطرات الماء المقدس عليها، والأخير كان يقوم بتدوين كل شيء في كتاب صغير معه.
وبدأ سرير أستر في الاهتزاز بسرعة جدًا، وظهرت تورمات مرعبة على جسدها النحيل، وبدأت أستر في التلوي بمرونة رهيبة، وكأن جسدها بلا عظام أو مفاصل، وزادت أصوات خبط الخشب، وكانت أستر تصرخ بشدة، ولمح أحد القساوسة بعض الكلمات المكتوبة بلغة أجنبية على السرير، وكان ترجمتها “استركوكس.. أنتِ لي.. سوف أقتلك”، وتصاعدت الأحداث فجأة وبدأ أثاث الغرفة في التطاير، وأصدرت الحوائط أصوات وكأن هناك شخص ما يدق عليها بفأس، وشعر الجميع بالرعب وهرب القساوسة من المنزل، ورآهم الناس في الشارع واستنتجوا أن هناك حدث غير طبيعي خاص بأستر لأنها مختفية منذ فترة، وبدأوا في إثارة المشاكل ولكن القساوسة أخبروهم أن استر ضحية وليست ساحرة.
وبعد عدة أسابيع اضطرت استر لترك المنزل، لأنها رأت الشيطان في حلمها، وأخبرها أنه سيقوم بحرق البيت بكل سكانه، بعد أن يحرق القرية.
سجن استركوكس
تلقت استر دعوة لحضور جلسة علاج غلى يد عدد من الباحثين في علوم ما وراء الطبيعة، وخلال الجلسة أصيبت بنوبات صرع شديدة، وكانت تتمتم بكلمات سريعة غير مفهومة، واستنتج العلماء أنها متلبسة من قِبل شبح صانع أحذية.
واحد من أولئك العلماء عرض عليها العمل في العروض المسرحية وتتاجر بمرضها لكسب الأموال، ولكنها رفضت وقررت العمل في مزرعة خيول، وبعد فترة قصيرة نشبت حريقة كبيرة في المزرعة، واتهمها صاحبها بأنها السبب، وقدم بلاغ ضدها، وتم القبض عليها وسُجنت لمدة أربع شهور.
الشفاء والعودة للحياة الطبيعية
أثناء فترة السجن بدأت الظواهر الغريبة التي تحدث لاستر في الاختفاء، وكما ظهرت فجأة اختفت فجأة وحدها، وعادت استر لحياتها الطبيعية وتزوجت مرتين وأنجبت طفل، وعاشت في سعادة مع زوجها وابنها حتى وفاتها يوم 8 نوفمبر 1912م.
رأي علم النفس في حالة استر
هناك عدة أراء وتحليلات لحالة استر، ولكن معظم الأطباء قالوا أنها حدث لها صدمة عاطفية شديدة، أدخلتها في حالة انهيار عصبي لم تتم معالجته بشكل صحيح، وزادت حدة الأعراض بسبب حالة العزلة التي سجنت نفسها فيها.
أما علماء ما وراء الطبيعة فقالوا أن حالة الحزن والعزلة التي عاشت بها، كون حولها هالة من الطاقة السلبية، جذبت لها كيانات مظلمة تمكنت منها وحولتها لتلك الحالة، وأن صدمة دخولها السجن كانت أقوى من صدمتها العاطفية مما ساعدها على التخلص من تلك الكيانات.
بعد موت استركوكس قرر والتر هوبيل المعالج الخاص بها، أن يخلد اسمها في كتاب من تأليفه يحكي فيه قصة حياتها ومعاناتها، وتم بيع أكثر من مائة ألف نسخة حول العالم.
الكاتب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال