محمد شاهين ..الطائر الحر يعرف دائمًا وجهته

الحياة لا تُحتمل دون الفن الذي يعبر عنا؛ عن ضعفنا، صراعتنا الداخلية، قصصنا التي لا يعرفها غيرنا ونراها على الشاشة فتثير انفعالاتنا معها، وهناك فئة اختصهم الله بموهبة التمثيل كي يكونون أداة الفن المرنة التي تدهشنا وتذهب أحيانًا بالهم عنا. وهناك فئة أخرى لم يختصها الله فقط بالموهبة، بل بقبول بينها وبين الجمهور غير عادي.

هذه الفئة التي يفرح لنجاحها الجمهور وكأنهم فردًا من العائلة، ويرون فيهم أملًا كبيرًا في النجاح ووصول كل مجتهد لما يستحق، ومن هؤلاء الفنانين محمد شاهين الطائر الحر الذي يعرف وجهته من البداية، فهو الذي أحب الفن ولكن دفعته الظروف للالتحاق بكلية التجارة، ومن ثم البحث عن حلمه في أن يصبح ما يريد كأي إنسان حر.

والمسرح باب الفن الواسع ،  ونشوة الممثل عند الاحتكاك بالجمهور بشكل مباشر مختلفة وسماعه للتصفيق الحي، وكلما أعجبت باجتهاد وتطور فنان راهنت أن المسرح بداية مشواره، فالمسرح معلم كبير ماهر لا يخرج من تحت يديه إلا المجتهدين

محمد شاهين الشاب الذي بدأ حياته الفنية في المسرح تتدرب بورشة الأستاذ خالد جلال التي نصفت العديد من أبنائه بالوقت،  وقد نضجت موهبة شاهين  بالسنوات الأخيرة لتجعلنا ننتظر دائما منه كل جديد.

لا يعرف الكثيرون أن الفنان كان سيصبح عضوا في برنامج “شبابيك” قبل أن يأحذ فرصًا حقيقية بالتمثيل، ولكن يدرك الطائر الحر أن هذه ليست الطريقة للوصول لحلمه الوحيد؛ التمثيل.

فيلم حليم مع المخرج شريف عرفة كان من بدايات فرص الشاب محمد شاهين، ثم بدأ جمهوره بالتعرف عليه أكثر من عمله لمدة أربع سنوات بمسلسل السيت كوم الشهير “تامر وشوقية، ولم يكن مسلسل السيت كوم الوحيد الذي شارك فيه شاهين، ولكنه الأشهر في تاريخه الفني.

دور خفيف بمسلسل ظريف لم يكن فيه تحديا كبيرا، ومن ثم دوره بمسلسل “الكبير أوي” مع المخرج أحمد الجندي المتميز والذي عاد للعمل معه مؤخرًا في مسلسل “موضوع عائلي” الجزء الثاني.

دور مختلف بمظهر مجنون  في  مسلسل الكبير أوي أحبه فيه الجمهور ولكن أيضا لم يظهر قدراته التمثيلية الحقيقية.

عام  ٢٠١٣ لعب محمد شاهين دورا مختلفًا بمسلسل “نيران صديقة” فلعب دور ضابط مباحث الآداب مدحت محفوظ، شخصية جديدة تماما على شاهين، دور مختلف يحتاج لقدرات خاصة تظهر صراعات مدحت في اكثر من اتجاه ومع أكثر من شخصية بالعمل دون انفعالات ظاهرة؛ الغضب المكتوم، الغيرة، المرارة، والشعور بالضعف في علاقته بزوجته.

إنسان من لحم ودم، مشاعر كلها  وصلت للجمهور عن طريق أداء شاهين السلس غير المعتمد على المبالغة التي يقع فيها أبناء المسرح أحيانا وينسون أن الكاميرا تحتاج أداءً  يعتمد على عضلات الوجه وانفعالاته أكثر من حركات الجسد، وقد لحق بهذا الدور دور آخر مختلف في مسلسل السبع وصايا  لمحمد آمين راضي أيضًا.

عام ٢٠١٧ ظهر شاهين في دور جديد في مسلسل “الزيبق” بشخصية سالم الحسيني ، الدور الذي لا ينساه الجمهور في مسلسل مختف في ظل أجواء الإثارة والجاسوسية . انطلق محمد شاهين منذ حينها ليبتعد عن الأدوار الكوميدية، التي ربما يفضلها ويلمع فيها خاصة مع المخرج أحمد الجندي، ولكن كانت ستسجنه في قمقم لن يخرج منه بسهولة.

أصبح يتطور أداء النجم الحر بشكل ملحوظ، وساعده على ذلك تركيزه في العمل عن الظهور في البرامج بلا هدف، فحافظ على فكرة كونه نجما يظهر عندما يكون لديه شيئا يقال لا ليثير القيل والقال، ومن صفات الإنسان الحر أيضًا التركيز في اختيار أعماله  على الرغم من أن المهنة (قلابة) وانتقاء العمل الذي يقتنع به ورفض آخر ليس بالأمر الهين .

اقرأ أيضًا….لحظة غضب ومسلسل فارجو وسر شنب مصطفى

ونوس أيضًا كان من الأعمال الفارقة مع الفنان محمد شاهين في شخصية رسمها اليسناريست الكبير عبد الرحيم كمال، فعزيز شخصية ضعيفة استغلها ونوس مثلت صراعات الإنسان الداخلية بين الخير والشر وحالة الجنون بالحب الذي يصبح على البعض أحيانًا لعنة،  وسيظل عزيز من أكثر الأدوار التي يتذكرها الجمهور في مشوار شاهين.

ثم من بعد ونوس جاء دوره في سوتس بالعربي، وموضوع عائلي في دور جديد مع المخرج أحمد الجندي، ليظهر بشكل مختلف أيضا، لتستمر الدراما التلفزيونية في انصاف شاهين عن السينما التي ظهر فيها في عدة أعمال.

إقرأ أيضا

حوار مع الشاعرة آمار مصطفى…الكتابة للدراما تحدٍ كبير وأسعدني نجاح تتر بداية مسلسل مسار إجباري

بالموسم الرمضاني الماضي جاء الهرشة السابعة  ليرفع النجم محمد شاهين لما يستحق. نجح المسلسل وأثار ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي لمناقشته للتعقيدات التي أصابت العلاقات العاطفية في مجتعمنا.

والان في موسم رمضان ٢٠٢٤ يظهر الفنان محمد شاهين في مسلسل “لحظة غضب” الذي على الرغم من بعض ملاحظاتي عليه أرى أنه يستحق المتابعة، وأن شاهين أكثر من يبدع في المسلسل على مستوى الأداء التمثيلي

فشخصية مصطفى شخصية تتحلى بحب التحدي وحل القضايا المعقدة كما يتمتع بحس فكاهي ظريف، فتخرج كوميديا الموقف من شاهين بسلاسة شديدة غير مفتعلة بأداء طبيعي للغاية.

الممثل الموهوب هو من تصدق أدائه وتراه ليس تمثيلا، بل حقيقة تتفاعل معها وتترك داخلك تساؤلات وانفعالات مختلفة، وهذا ما وصل إليه شاهين  باجتهاده.

يتحدث شاهين دائما في لقاءاته بشغف كبير عن التمثيل وحبه له ورغبته في أداء شخصيات مختلفة، وقد نجح في هذا بالفعل،  فلا يخذل الله مجتهدا صادقا خاصة لو بقى على العهد مع ما حباه الله من موهبة.