مسلسل صلة رحم .. نهاية عبقرية لعمل ناجح بكل المقاييس
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
مع بدايات مسلسل صلة رحم توقعنا مسلسل مملًا مبني على حكايات مملة ليس لها هدف أو شكل، لكن “محمد هشام عيبة” قرر أن يفاجئ الجمهور منذ نهايات الحلقة الثالثة تقريبًا و يبدأ بقصة شائكة محكمة في حبكتها ورسم شخصياتها، وإلى جانب إبداع المؤلف كان هناك إبداعًا آخر عن طريق الصورة، إذ تفرد المخرج تامر نادي بكادرات متقنة و إضاءة عبرت عن سيكلوجية الشخصيات و تصارع الأحداث و غيرها من التفاصيل مثل الموسيقى التصويرية .
ومع المؤلف والمخرج لن تكون الشخصية مقنعة بالنسبة للجمهور إلا بأداء تمثيلي بلا مبالغة أو خارج عن نطاق المنطق، وهو ما أداه نجوم العمل بلا استثناء، فشهد العمل تألق إياد نصار الرجل الطبيب المندفع الذي يفضل نفسه دون الآخرين، ويورط نفسه و من حوله بمشاكل نظرًا لقراراته الهوجاء، ويسرى اللوزي في دور ( ليلى ) الطبيبة النفسية التي عالجت زوجها والأم التي فقدت جنينها، و الزوجة التي يخونها زوجها و لا يقدر أي شيء إلا مصلحته وفقط، أسماء زيد في دور ( حنان ) أدت دورها بطريقة مميزة، وفي رأي دور محوري وأصيل في تحول القصة وربط الشخصيات والأفكار بعضها ببعض، محمد جمعة الدكتور الذي يخالف ضميره الطبي ويقدم على جراحات إجهاض أو ـ جراحات مشبوهة ـ بأداء فني وتمثيل بعيد عن الأفورة، هبه عبد الغني في دور (أبلة سهام ) الممرضة التي نراها في معظم مستشفياتنا، وزوجها عمرو عبد القاضي الرجل المتدين البسيط، وهذه الشخصية في الكتابة محكمة لأقصى درجة، وغيرهم الكل أدى دوره على أكمل وجه، لذلك كانت هناك دراما حقيقية محكمة وجادة.
ومع هذه الأسباب فإن مسلسل صلة رحم من الأعمال الدرامية في الموسم الدرامي 2024 التي لاقت ناجحًا ورواجًا كبيرًا، وتفاعل الجمهور طوال الـ15 حلقة، لاسيما بعد نهايته الغير متوقعة، وكنّا في مقالات سابقة تناولنا المسلسل وعقدنا مقارنة بينه و فيلم ” جري الوحوش ” وقولنا إن الفارق الحقيقي يظهر في خاتمة المسلسل، وهو ما يميزه، وعلى هذا فاز المؤلف ” محمد هشام عيبة” في رهان التحدي و كتب نهاية عبقرية لقصة مربكة بالأساس .
ففي الحلقة الـ 15 والأخيرة كانت نهاية قصص الشخصيات نهاية مفتوحة لا توجد نهاية مغلقة تقريبًا وصنعها المؤلف بحرافية ومهارة كبيرة، و من أكثر اللحظات المرعبة لحظة وفاة حسام،فحينما استقبل طفله الذي ضحى بكل شيء من أجل وجوده في الدنيا تحدى الدين والقانون والأعراف وفي النهاية مات لحظة وفاة الطفل فيقول في مشهد النهاية “أنا ضحيت بكل حاجة في الدنيا عشان تكون موجود فيها” ثم سقط حسام متوفيًا على إثر الطعنة.
خلاصة تقيم العمل :
القصة : مثيرة شائكة تناولها العمل بجرأة بعيدًا عن الإملاءات والقالب الديني ،و هو تصارع الإنسان ونفسه، وجاءت النهاية مفتوحة لعقل المشاهد بلا تجميل أوتزيف .
الشخصيات : إياد نصار في دور( حسام ) قدم شخصية مربكة متحولة مع تحولات المواقف، بأداء محسوب كما يقولون على ( الشعرة ) و بلا أفورة .
يسرا اللوزي و أسماء أبو زيد قدمتا شخصيتان أروع ما يكون ( النقص والاحتياج ) و ما بينهما لعبت الشخصيتان .
الحوار : محكم وكل شخصية لها لغتها الخاصة التي تتناسب مع بيئتها الاجتماعية.
الإخراج : قدم تامر نادي صورة بصرية تعتمد على تقنيات أفادت العمل إلى جانب استخدام الإضاءة التي ساهمت بشكل كبير في توصيل سيكولوجية العمل.
اقرأ أيضًا : كيف تقاطع مسلسل صلة رحم دراميًّا مع فيلم جري الوحوش
الكاتب
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال