معارك الميتاني .. أول نظرة مصرية لقيمة سوريا السياسية
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
شغلت القيمة السياسية التي تتسم بها سوريا أهمية كبيرة بالنسبة لمصر عبر التاريخ وليس أدل من ذلك قيام الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر بالوحدة معها، وكان الانفصال بينهما أكبر ضربة وُجِهَت لمصر، ومن قبل عبدالناصر كان محمد علي باشا من أكثر رجالات مصر اهتماماً بسوريا كون أنها خط الدفاع الأول عن مصر.
منذ العصور القديمة كانت النظرة لسوريا نظرة الاحترام لأهميتها ومحاولة فرض التعاون بينها وبين مصر بات حلماً يلاحق الفراعنة، ودليل ذلك العلاقة التي جمعت بين رمسيس الثاني وملك الإمبراطورية الخورية، بالإضافة إلى حملة تحتمس الأول عليها وضمها إلى مصر، لكن لم يتحقق لمصر أي نصر واضح لعدم معرفة تحتمس الأول بطبيعة الحرب هناك.
أول من رأى قيمة سوريا كان الفرعوني العظيم تحتمس الثالث بحروبه ضد المملكة الميتانية، ويذكر المؤرخ سليم حسن أنه ليس واضحاً الدور الذي لعبته ميتاني في التحالف السوري الذي قاده ملك قادش في معركة مجدو عام 1456 ق.م ضد الملك المصري تحتمس الثالث، لكن الواضح أن المواجهات المصرية الميتانية السورية القديمة كانت في العام 1446 ق.م حيث تقابل الجيشان إلى الغرب من حلب.
كان من الصعب على الجيش المصري التحكم الكامل في مناطق الغرب وشمال الهلال الخصيب، وبالتالي كانت سوريا هي العامل المساعد الذي أنجح الجيش المصري عن طريق وضع حاميات عسكرية في بعض المدن السورية، على الرغم من كثيرة ثورات مدن الساحل الكنعاني.
رغم الحروب العسكرية بين مصر و ميتاني الحاكمة لسوريا، بدأت العلاقات الميتانية المصرية بالتحسن في أواخر عهد تحتمس الثالث، واستمرت تلك العلاقات الطيبة بينهما، ويدلل سليم حسن على ذلك بالزيجات المتبادلة بين ملوك مصر وبنات أمراء سوريا والرسائل المتبادلة بين طيبة وواشوكانو في سوريا، والوارد نصها في رسائل تل العمارنة.
وتميز ملوك سوريا عموماً وملوك الميتاني خصوصاً باحترام معرفة المصريين بالطب وطرق العلاج وكثيرا ما كانوا يستنجدون من فرعون مصر؛ لأن يرسل لهم الأطباء لعلاجهم وعلاج زوجاتهم.
بفضل حروب الميتاني هذه أسس تحتمس الثالث إمبراطورية مصرية تعد من أقدم الامبراطوريات في التاريخ، حيث وصلت حدود مصر إلى نهر الفرات وسوريا شرقا وإلى ليبيا غربا وإلى سواحل فينيقيا وقبرص شمالا و إلى منابع النيل جنوبا حتى الجندل الرابع أو الشلال الرابع وكانت الإدارة في عهده قوية من ذوى الكفاءات العالية حيث اعطى تحتمس كل إقليم حكما ذاتيا تابعا للعرش نظرا لاتساع الامبراطورية واختلاف الأجناس وتباين الأعراف والقوانين من منطقة لأخرى.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال