من الخمر إلى كلاب بن مرة “رحلة اسم شهر رمضان من الجاهلية حتى الإسلام”
-
منتهى أحمد الشريف
منتهى أحمد الشريف، باحثة شابة في العلوم الإسلامية، تخرجت من كلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
تتلازم القداسة مع شهر رمضان اقترانًا وثيقًا لدى المسلمين، ففي ثنايا أيامه توجد ليالي الخير والبركة والعفو، كما أن الصيام فيه فرض في الإسلام، بالإضافة أن من بين تلك الأيام الرمضانية توجد ليلة مقدسة عند المسلمين، إذ نزلت فيها أول آيات من القرآن الكريم، وخلد الذكر الحكيم تلك الليلة بذكرها في سورة حملت اسمها وتناولت خيريتها وسلامها الذي يظل حتى مطلع الفجر.
اقرأ أيضًا
هذا التقرير سيجعلك تدمع شجنًا أو تبتسم ارتياحًا “شريط حياتك سيمر هنا”
لكن هناك جوانب تاريخية مجهولة متعلقة بشهر رمضان “الغير إسلامي” من أبرزها وضع الشهر الفضيل قبل الإسلام، كذلك حال الشهر قبل أن تتسرب الديانة الحنيفية إلى بلاد العرب عبر النبي إبراهيم وولده النبي إسماعيل عليهما الصلاة والسلام.
شهر رمضان قبل الإسلام
في الجاهلية كانت عادة العرب العاربة (أهل الجزيرة العربية الأوائل) كعادٍ وثمود وغيرهما، إطلاق أسماء الأشهر على حسب الحالة المناخية والظروف الاقتصادية والاجتماعية، فمثلاً «شهر داجر» الذي سُمِّي فيما بعد بشهر «صفر» كان مشتقًا من النجر بمعنى شدة الحر، وشهر خوان وهو فيما ربيع الأول كان إشارة إلى نفاذ المدخر من الطعام، و«الأصم» وهو شهر رجبٍ فيما بعد يعني من فقد سمعه في حالة الكفاف عن القتال، فلا يُسْمَع في ذلك الوقت صوت للسلاح.
أما شهر رمضان فكان اسمه «الناطل» الناطل بمعنى مكيال الخمر وذلك لأن الناس أفرطوا بالشرب فيه مستخدمين مكيالاً، ربما أن الشهور التي تليه متعلقة بالحج حيث لا خمر، ثم تغير اسم شهر رمضان ليكون «تاتل» بمعنى الشخص الذي يغترف الماء من عينٍ أو بئر، ثم سُمِّي بـ «زاهر» ويرجع السبب وراء هذه التسمية إلى أن هلاله كان يوافق نمو الزهور وازدهار النباتات في الصحراء، ولا يكون ذلك إلا عند نزول الأمطار، وهذا يدل أن رمضان كان في الجاهلية من أشهر الشتاء.
الاسم الحالي لشهر رمضان جاء مع العرب المستعربة وآل النبي إسماعيل عليه السلام، الذين تزاوجوا وتصاهروا، ثم غيروا أسماء أشهر السنة قبل الإسلام بـ 200 سنة، واتبعوا في ذلك أسلوب وطريقة العرب العاربة وهي تسمية الشهور وفق الحالة المناخية.
جاءت تسمية شهر رمضان بمسماه الجديد عندما اقترح القرشي كلاب بن مرة الجد الخامس للنبي صلى الله عليه وسلم على قومه أن يطلقوا على الشهر التاسع من السنة اسم «رمضان» لأن وقت حلوله تزامن مع مجيء الحر الشديد المسمى بـ الرمضاء فجاء الاسم مشتقًا من ذلك.
قدسية شهر رمضان عند العرب قبل الإسلام
يشير الدكتور خليل عبدالكريم في كتابه «الجذور التاريخية للشريعة الإسلامية» إلى قدسية هذا الشهر عند العرب قبل الإسلام، وذلك عبر المتحنفين (أي على أتباع دين النبي إبراهيم عليه السلام)، مثل زيد بن عمرو بن نفيل الذي كان يقدس هذا الشهر عندما يحل عليه ويتجه إلى غار حراء للتحنف فيه، كذلك إطعامه المساكين طوال الشهر.
لم يختلف شأن عبدالمطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم من تقديس هذا الشهر فقد كان يفعل مثل زيد بن عمرو بن نفيل حيث يشد مأزره ويصعد إلى غار حراء ويتعبد فيه ويأمر بإطعام المساكين طوال الشهر.
الصوم في شهر رمضان .. لم يكن بتشريع إسلامي فقط
طقس الصيام في شهر رمضان كان موجودًا قبل الإسلام، وهذا ما نص عليه الدليل النقلي حيث قال الله سبحانه وتعالى «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»، وذهب المفسرون في تفسير كلمة «من قبلكم» أنها تعود على الأمم السابقة من أهل الكتاب.
أما من السنة النبوية فعن عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «صيام رمضان كتبه الله على الأمم قبلكم» ـ رواه بن أبي حاتم ـ.
الكاتب
-
منتهى أحمد الشريف
منتهى أحمد الشريف، باحثة شابة في العلوم الإسلامية، تخرجت من كلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال