“صور” من 100 سنة كيف كانت كرنفالات المصريين في مولد العجمي بالإسكندرية
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
قليل من الأولياء لهم ميادين وأماكن شهيرة بأسماءهم في الإسكندرية رغم وصول عددهم إلى 22 شيخًا[1]، واحد منهم له مولد وهو الشيخ المرسي أبو العباس، وواحد منهم على اسمه أشهر المصايف والشواطئ السكندرية وهو العجمي، وقد طغى اسم الشاطئ على شهرة الشخصية والمولد الخاص به.
مولد العجمي وشكل مولده المنسي
بين مريدي الصوفية اسمين للشيخ العجمي، أحدهما هو يوسف العجمي وهي الفرضية التي تبنتها صفحة عبر منشور لها في فيس بوك اسمها السادة أولياء الله وأهل بيت النبى الحبيب والصحابة على أرض مصر والمتخصصة في الأضرحة وتراجم المدفونين بها.
بينما هناك فرضية أخرى تقول أن اسم ذلك الشيخ هو اسمه محمد فتح الله العجمي وقد جاء من المغرب برفقة أبو العباس المرسي ومات أثناء استراحته بجزيرة داخل البحر ودفن فيها لتسمى المنطقة باسمه؛ وله ساحة للاحتفال بمولده في منطقة البيطاش.[2]
لا توجد شهرة لمولد العجمي الآن، لكن تاريخيًا كان له احتفال سنوي، وخلال كتابه الموالد في مصر أورد جوزيف وليام مكفرسون اسم الشيخ العجمي في قائمة الموالد[3]، وإن كان لم يذكر أي تفاصيل عن فقرات المولد أو وصفًا لما يحدث فيه.[4]
أقدم وصف لمولد العجمي في الإسكندرية وصفه مندوب مجلة الدنيا المصورة عام 1930م، وهو المادة الأرشيفية الأقدم (حتى الآن) والتي ترصد فعاليات ذلك المولد والذي وصفه بقوله «مريديه أرادوا أن يبرهنوا على حسن ولائهم له فراحوا يحيون له في كل عام مولدًا».[5]
في ثلاثينيات القرن الماضي كان مولد العجمي يبدأ يوم 4 أغسطس من كل عام، وكانت وسيلة المواصلات لمن يرغب في الذهاب له من القاهرة، هو ركوب الترام من الإسكندرية للمكس، ثم أخذ أوتوبيس من المكس إلى الدخيلة التي يخرج منها طريق طويل وعر المسلك مغطى بالرمال يوصل الى ساحة المولد؛ وهذا الطريق يؤخذ سيرًا على الأقدام؛ وعلى بُعد 500 متر من جزيرة العجمي تقع ساحة المولد التي كانت مكتظة ومزدحمة.
كان مولد العجمي بمثابة موسم لازدهار جيوب بائعي المأكولات والمشروبات والذين كانت لهم خيام صغيرة يفرشها أصاحبها بالموائد والكراسي ويُعَد فيها جميع معدات الطبخ من أواني ومواقد يعدون الطعام للآكلين في حركاتٍ ميكانيكية لعمل المأكولات البلدي وهي لا تتعدى في أنواعها أصناف الكبد المقلي واللحوم المشوية والباذنجان المقلي بالصلصة والكشري، والكفتة المشوية والممبار المحشي بالأرز ولحم الرأس والكوارع، وتحدث المتاجرة بالتصوف من بائعي الأكل عندما يقوم صاحب النصبة بتوجيه نداءات غريبة يغري بها الزبائن من عينة أن الأصناف التي عنده هي التي كان يفضلها سيدي العجمي؛ ومن غرائب النداءات في المشروبات أثناء مولد العجمي بالإسكندرية ما يقوم به بائعي العرقسوس والخروب والليمون والتمر هندي والسوبيا حيث يقولون «فشر الشامبانيا والكونياك».
إلى جانب المقاهي وبائعي التسالي خصوصًا الحمص كانت تقام ملاهي بمولد العجمي وهي عبارة عن خيام كبيرة لعرض ألعاب الفقراء والمشعوذين مثل المصارعة وحمل الأثقال وخيام الرقص والمغنى والموسيقى، وكان بعض هذه الخيام يطلق عليها «الكونسرفاتوار ده عجمي».
ولا يمكن تجاهل وجود الحشيش بمولد العجمي في الإسكندرية وكانت تلك المنطقة في الثلاثينيات عبارة عن وكر كبير لتجارة المخدرات وتزدهر المخدرات في أيام المولد وهو الشيء الذي دفع الصحافة حينها لتوجيه نداء إلى وزارة الداخلية بتشديد الرقابة بمولد العجمي للحد من تعاطي المخدرات.
[1] موقع مؤسسة تراث للتطوير والتنمية، (د.ت)
[2] محمد أبو العينين، «الطرق الصوفية» تحتفل بمولد العجمى صاحب «أشهر مصيف» فى «الثغر»، موقع المصري اليوم، يوم 29 يونيو 2010م
[3] ج.و مكفرسون، الموالد في مصر، ترجمة وتحقيق: عبدالوهاب بكر، مهرجان القراءة للجميع، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة – مصر، 1999م، ص154.
[4] المرجع السابق، ص ص151–359.
[5] محرر، ولي يأبى إلا أن يُدْفَن في جزيرة نائية، مجلة الدنيا المصورة، ع90، 21 أغسطس 1930م، ص4.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال