99 قُبلة وصلحه !!
عملا بقاعدة ( الممنوع مرغوب) ، كُثر اعتقدوا أن الفيلم سيحقق نجاحا مدويا في دور العرض، فهو يتناول أشهر ما صار ممنوعا في السينما هذه الأيام ،أعني به القبلة ، وهكذا كان الرهان في البداية لصالح فيلم ( بلاش تبوسني) أول اخراج لأحمد عامر .
مع مطلع الألفية الثالثة، وجدنا النجمات يتعاملن معها أقصد طبعا القبلة ،باعتبارها ( رجس من عمل الشيطان ) بل وعنوانا للرذيلة، قسط وافرا منهن رفعن شعار الممنوعات الثلاثة (لا للعري لا للمايوه وقبلهما لا للقبلة ) ، وهكذا فإن المشهد الأخير الذي تعودت عليه السينما المصرية طوال تاريخها وهو أن نشاهد البطلة والبطلة في لقطة من الخلف وهما في طريقهما للمأذون بينما ثالهما هي القبلة ، أصبحنا لا نراها إلا فقط في الفضائيات عندما تعرض الأفلام القديمة ، حيث جرى العرف في العادة إما انهما يركبان الحنطور أو سيارة (شيفروليه) التي كانت موضة سينما الخمسينيات ، والمشاهد كان يبارك تلك القبلة ، ويتخيل نفسه البطل الذي يقبل الحسناء .
الفنان الكبير الراحل كمال الشناوي صاحب أشهر (دويتو ) على الشاشة العربية مع شادية وصل الرقم إلى 36 فيلما، ولا يلاحقهما عدديا سوى نور الشريف وميرفت أمين 25 فيلما اخرها ب ( توقيت القاهرة ) ، كان لدي كمال الشناوي مشروع سيناريو ، يبدأ فيلمه الجديد بمشهد القبلة الأخيرة من احد أفلامه القديمة مع شادية ، لتصبح هي لقطة البداية ويكتب على الشاشة بعد مرور 25 سنة حيث تتفاقم قطعا المشاكل ، وينهي الفيلم بنفس القبلة ،وعرض المشروع فعلا على شادية ولكن جاء قراراها الذي اتخذته عام 86 بالاعتزال ،ليوقف تماما الفكرة ويرفض كمال الشناوي اسناد دور شادية لأي فنانة أخرى .
لم تكن هناك أدني مشكلة وقتها في هذا المشهد، والمتفرج كان يعتبر القبلة مكافأة مستحقة للبطل والبطلة ،بينما الان المجتمع أصبحت لديه احكامه الأخلاقية المفرطة ، مقياس الجودة لديه في الحكم على الفيلم بات شرطه الأول اختفاء القبلات ، رغم ان (ابي فوق الشجرة ) الذي عُرض في نهاية الستينيات كان يتباهى على (الأفيش) بأنه يحوى 99 قبلة، وطبعا كان المتفرج داخل دار العرض يراجع ابطاله عبد الحليم حافظ ونادية لطفي وميرفت أمين وعماد حمدي في العدد ، ليتأكد انهم ( 99 قبلة وصلحه ).
ألتقط فيلم ( بلاش تبوسني ) الفكرة ، إلا أنه لم يدرك أن لديه قضية لها بُعدها النفسي والمجتمعي ،كان من الممكن تقديم فيلم قصير ساخر يتناول هذا الموقف ، كنت قد شاهدت الفيلم في عرض محدود قبل بضعة اشهر، وقلت لهم أننا بصدد فيلم روائي قصير ، الفكرة القائم عليها الفيلم تصلح واحد من اثنين، إما فيلم روائي قصير لا يتجاوز زمنه 30 دقيقة أو فيلم تسجيلي طويل ،الفيلم قائم على الكوميديا والتي بطبعها تخاصم الاطناب والاعادة حتى لا تفقد الموقف خفة الظل ويؤدي بالمشاهد إلى مرحلة النفور ، إلا ان مخرج الفيلم وكاتبه أحمد عامر من الواضح انه كانت لديه رغبة عارمة في صناعة فيلمه الروائي الأول ،مهما كان الثمن.
خسر المخرج نقطة البداية، وقرر ليملأ الزمن أن يعيد نفس اللقطة عشر مرات وأن يدخل فيلمه في مشاهد كثيرة مقحمة فقط لكي يتجاوز ال60 دقيقة ويصنف علميا كفيلم روائي طويل ،تحول الشريط السينمائي من ( بلاش تبوسني ) ليصبح ( بلاش تشوفني )!!