دراما رمضان 2024 .. هل اكتسب الجمهور مناعة ضد اللجان الإلكترونية؟
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
وانتَصف الشهر الكريم .. وانتهت بعض الأعمال الدرامية المكوّنة من 15 حلقة فقط في رمضان 2024 .. ويستمر البعض الآخر .. ويتحاور الجمهور في الشوارع وعلى المصاطب، وفي جلسات الأصدقاء البيتوتية، وبين النسوة في الكوافير، والرجال في المقاهي .. لا شئ يعلو فوق سيرة حسن الصباح، وعيسى الوزّان وخضر فتيحة، وشيماء فتحي ونسمة فتحي، وحمدي عبد الرحيم، ونعمة أبو علب .. وكلها أسماء شخصيات في مسلسلات استطاعت (قَش) الكومي في السباق الرمضاني .. وتثبيت القدم الأولى ف نهائيات البطولة الموسمية للدراما الرمضانية .. وهم مسلسلات : الحشاشين، والعتاولة، وأعلى نسبة مشاهدة، وأشغال شقة، ونعمة الأفوكاتو .. والجديد في الأمر، أن هناك ثمة اتفاقات في الآراء بين الجمهور والنقاد.
والجديد إن الذوق الجماهيري في تمحور جديد .. والتمحور هنا ليس معناة أن الجمهور لم المصري لم يكن يتمتع بذائقة فنية عالية والآن قد نزلت عليه تلك الذائقة من السماء .. بل إن الذوق الجماهيري اكتسب مناعة من ألاعيب اللجان الإلكترونية الفنية، والتي تهجم كالجراد على عقل وقلب المُشاهد بمجرد صدور برومو مسلسل ما.. بل بلا تكتفي تلك اللجان في رفع أسهم المسلسل الممول، بل تهدم بمعول الهاشتاجات المزيفة أفخم عمل فني، وتفتت أركانة، وتهزأ من تفاصيلة الصغيرة، فيسقط المُشاهد في فخ السخرية اللا إرادية من عمل ربما لو شاهده دون تأثير اللجنة الإلكترونية لأعجبة، أو على الأقل يراه بعين الحياد .. بلا فجاجة في المدح أو الذم.
وتسأل نفسك .. ما هي العناصر الجديدة التي أكسبت المُشاهد تلك المناعة؟ .. نرى أن هناك تطور كبير على مستوى شكل النقد الفني، فاقتحم شباب النُقّاد الأكاديميين مجال اليوتيوب .. وأصبح العثور على محتوى نقدي لعمل ما ليس بالصعوبة الكبيرة، ولا يحتاج منك الأمر في البحث في الجرائد الورقية أو كتيبات النقد في المكتبات النادرة .. فقد أصبح النقد محتوى مُتاح على منصات الفيديو فزاحمت الساحة مع اليوتيوبرز الذين أخذوا الفن طريق لصناعة المحتوى البصري .. فأصبح هناك تعدد بين المحتوى النقدي الحقيقي والمزيف .. ولم تعد الساحة سهلة فقط للمزيفيين .. كما إن هناك تطور كبير للغاية في الصفحات المهتمة بالنقد السينمائي والدرامي –وأقصد هنا الصفحات غير مدفوعة الأجر- وتلك الصفحات تحديدًا لَقَت صعوبة بالغة في بداياتها، ذلك لإن الحديث في الفن كان حكرًا على بعض اللجان الإلكترونية التي كانت تتحدث في الفن بصبغة أخرى غير تخصصية للاستفادة من صورة الفن لناعمة لأغراض أخرى.
في الأخير، نرى أن ثمة ارتقاء في الذائقة الجماهيرية بفضل تدريبات دائمة طوال العام بعد تعدد وغزارة إنتاج المنصات الدرامية وغيرها .. وهذا التعدد خلق نوعًا من أنواع طرد العملة الردئية بالعملة الجيدة، هذا بالإضافة لتعدد المنصات الإعلامية التي توفر حماية على مستوى “الميديا” من نهش المتربصين بصناعة الدراما والسينما المصرية .. وكذا نستطيع القول بملئ الفم واللسان .. أن الجمهور المصري للدراما والسينما أصبح يمتلك الآن ذائقة تميز بين المسلسل الناجح بحق، والمسلسل الناجح بفعل فاعل !
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال