المعلم ميخائيل البتانوني .. قبطي تعلم في الأزهر ليلحن للكنيسة
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
ساهم المعلم ميخائيل البتانوني في كسر عدة قواعد بعدما كادت الألحان القبطية أن تتوارى في القرن العشرين، فالكنيسة وإن كانت معنية بالحفاظ على تراثها، لكن البتنانوي طورها واهتم بها، غير أن المفارقة لم تكن في استطاعته على ذلك وهو كفيف، وإنما كان للأزهر دور بهذا.
الدين لله والأزهر للجميع
تبدو المسألة غريبة بالنسبة للعصر الحالي أن يكون لغير المسلمين من اليهود والمسيحين بصمة في الأزهر، لكن قديمًا كانت المسألة مختلفة، ففي ثورة 1919 كانت اليهودية نظلة ليفي هو أول سيدة غير مسلمة ترتقي «دكة سيدنا الشيخ» وتخطب في المصريين لتحذرهم من سلاح الإحتلال المعروف «فرق تسد».
الأشد غرابةً ليس في دخول بعض غير المسلمين للأزهر وإنما خُصِصَ رواق للأقباط نُشِرت أخبار تفاصيله في مجلة الوطن القبطية وفسره كتاب المستشار طارق البشري عن الجماعة الوطنية.
اقرأ أيضًا
فتاوي كوميدية .. أَجْرَؤُكُم عَلَى الْفُتْيَا أَجْرَؤُكُمُ عَلَى النَّارِ
كان عصر الخديوي إسماعيل هو أشد عصور الأقباط توجهًا في الأزهر عبر عائلة عسال، لكن المماليك هم من أعطوا الضوء الأخضر للأقباط بالدراسة في الأزهر، كون أن التحاق أحدهم بوظائف الدواوين لا يمكن حدوثها إلا بتعلم العربية وهو ما يوفره الأزهر.
حكاية المعلم ميخائيل
كان المعلم جرجس البتانوني الباشكاتب في المالية يطمح أن يكون نجله مسؤولا عن الموازين، لكن حلمه انهار بمجرد ميلاده إذ وُلِد نجله ميخائيل عام 1873 كفيفًا وبالتالي يجب تعليمه فكان الأزهر وُجْهَته.
التحق المعلم ميخائيل بالأزهر الشريف عام 1885 م ودرس فيه حتى العام 1891 م، وخلال تلك المدة حَصَّل علوم النحو والصرف والبلاغة وحفظ ألفية بن مالك التي كشفت موهبة صوته فقرر الشيخ محمد بصرة «أستاذ علم تجويد القرآن»، أن يعلمه فنون التلاوة بأحكامها في المد والغُنَّة والإظهار والإقلاب مع المقامات الموسيقية.
أثناء خدمة المعلم ميخائيل البتانوني بالكنيسة قرر تلحين وإلقاء الألحان القبطية في شبابه وتمكن من الوصول إلى أذن البابا كيرلس الخامس فأصدر قرارا بتعيينه مدرسًا للألحان القبطية داخل الكلية الإكليركية الناشئة.
لقي المعلم ميخائيل البتانوني شهرة تُوِّجَت عام 1903 م بمنحه رتبة البكاوية من الخديوي عباس حلمي الثاني الذي زار مدرسة الأحد وهناك ألقى المعلم ميخائيل قصيدةً ولحن نشيدًا أثار إعجاب الخديوي فمنحه تلك الرتبة.
بقي المعلم ميخائيل البتانوني على نفس التقدير وسط الآباء الكهنة ونجح في مساعدة مكفوفي الكنيسة من الشماسين ومرتلي الألحان على النحو الذي يشير له يشير إيريس حبيب المصري في كتابه التاسع عن قصة الكنيسة القبطية، حيث تعلم طريقة برايل للعربية ثم صنع منها حروفًا للهجة القبطية حتى تساعد تلامذته على الحفظ والإلقاء، وبقيت تلك البصمة ملاصقةً له حتى توفي عام 1957 م.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال