بلى أنا بحاجة إلى حبيب
-
عزة سلطان
كاتب نجم جديد
تقول الكاتبة نهلة كرم في إحدى منشوراتها على موقع الفيس بوك “لست بحاجة إلى حبيب ، لديّ كتابة وأصدقاء بمئة حبيب ، ثم أن الحب لا يستمر، لكن الكتابة والأصدقاء موجودان وهما الملاذ، الحبيب يمكن أن يتحول في لحظة إلى وغد خفي لا أستطيع أن أصل إليه حتى لألعنه وجهًا لوجه”.
عزيزتي نهلة
نحن النساء مثقلات بالخيبات، وعشرات الإنكسارات التي تخصنا وتخص ذوينا، ثمة وهن ألم بأرواحنا، فبات الحب بوابة الرعب، ونذير الخيبة، نبدأ الحكايات وفي أرواحنا نصل الشك، يُهيج الهواجس السوداء، ينتحل قصص الفشل فى حكايات أخري، وبين أسوأ هواجسنا وأوجاع الحب نتمني لو لم نُحب، نبتعد قدر المستطاع عن التقاط شرارته.
لكنه يا صغيرتي فى لحظة تحتاج المرأة دفء رجل يجلس في الجوار علي نفس الأريكة، وفي وقت آخر سيأتي الابتسام مشفوعًا باجترار اللحظات الخاصة، الابتسام الذي قد يتطور إلي شبق، وشغف لا إجابة له سوي عناق محبيْن.
الرجال فى موقع الحبيب قد يكونون مزعجين، لكنه الحبيب وحده يرحم المرأة من الذبول وأفول الروح، هل تابعتي مناطق الذبول في عين امرأة، ابتسامتها الباهتة، شعرها في تسريحته التي تزيدها عشرة أعوام مجانية بلا خبرة، حتى جلدها الذي ترهل، دون تقدم يُذكر في عمري.
الرجل يمد بروحه في طزاجة الجسد، ربما يأخذ منا العقل، أو القلب، وبعضهم يسرق الطاقة والجهد، وآخرون يستنزفون المال بقصد وبدون، لكن مع كل هذا هو الرجل وحده القادر على إنبات زهرة الجسد، وكشف مسام الرغبة تحت الجلد المصمت الذي أغلقت ملوحة الوحدة مسامه.
حين نُحب نكتسب صفات أخرى، تتغير الأهداف، وتُصبح كلمة من الحبيب بكل القصائد، نتعلم رؤية الحياة عبر عيونه فنرى ما لم نره من قبل، حين نُحب تفقد اللغة مهمتها إن لم تُعبر عما نشعر به.
عندما نقارن بين صديق وحبيب كأننا نقارن بين طبيب ومحاسب أو مهندس ومعلم، هما مسارين مختلفين، نوع الحب مختلف، ونوع الاهتمام مختلف.
عزيزتي نهلة
للحب أساطيره، قواعده التي لا تتغير، في الحب كثير من الامتلاك والأنانية، الشغف الذي لن ترينه في صداقة، نُحارب من أجل خصوصية، ونلعن صكوك الامتلاك، فتنمحي الأحبار وتنزوي التوقيعات في الحب، حين نُحب نضعف ونقوى، قد تُصبح بعض منا فرائس سهلة، وأخريات يتمتعن بالقيادة، ونماذج عِدة، نسمع الحكايات ونعد أنفسنا ألا نقترف أخطاء الأخريات.
نربت على أكتاف الحبيبات المغدور بهن، ونلعن الرجال والحب، ونسّود جزء من الذاكرة خاص بالحب، لكنني أود أن أُوضح لك شيئًا، إنه ليس الحب، لكنه الاختيار، نعم حين نسقط فى الحب لا نختار، لكن ثمة لحظة حين تُدرك المرأة سوء الشرك، إن لم تفلت كانت خيبة مضافة لتاريخنا الحزين.
لم نملّ الورد لأشواكه، ولم نُقلع عن اقتنائه، لكننا تعلمنا أن نقتني الزهور التي نُحبها، نتوجه صوب باعة يعرفون كيف يقدمون لنا الورد خال من الشوك، فى بوكيه يليق بجمال البصر والبصيرة.
هي الاختيارات يا عزيزتي، ولأننا دأبنا ألا نفكر حين نُحب، نحصد الأسى، لا نعرف متى نتوقف عن النزيف، تسلم بعض منا صكوك امتلاك مفتوحة غير مشمولة بشرط جزاء ولا قواعد، نحن ننكسر لأننا لا نُفكر، ولأننا نُعطي دون أن نأخذ، لا نلتفت إلى بخل الحبيب إلا فى حالات الوجع.
عزيزتي نهلة
نحن القويات تكسرنا التجارب الفاشلة، ولا نتبع طرقًا أخرى لأن الطرق التي نعرفها معبدة بالخيبات والوجع، نحن القويات، نعرف متى نتوقف قبل أن ننكسر، وكيف نُحسن الاختيار، وتذكري أنه يمكن أن يكون لك ألف صديق، لكنه سيظل هناك حبيب واحد فقط.
الكاتب
-
عزة سلطان
كاتب نجم جديد
راااائع