التربية على الفكر الداعشي والتعليم باستخدام النفاق الديني
-
لمياء محمود
كاتب نجم جديد
في صباح خريفي مميز، برائحة الكتب المدرسة الجديدة، ورائحة الجوافة التي تملأ الجو، فندرك جميعا أننا على مشارف بداية عام دراسي جديد، بحماس طفلة بأول يوم دراسي ذهبت ريم إلى مدرستها “بلبيس الرسمية للغات” ترتدي الزي المدرسي الرسمي المتعارف والمتفق عليه من وزارة التربية والتعليم.
كانت الحصة الأولى في اليوم الأول لها هي حصة الألعاب، لتفاجئ الطفلة بمدرسة الألعاب تهاجمها على زيها المدرسي وتخبرها أن الزي الرسمي ينقصه الحجاب وبدأت بالتنمر على الطفلة في وجود وكيلتي المدرسة الأستاذة منال أبو النجا والأستاذة مها ترد الطفلة بأن الحجاب ليس جزءا من الزي الرسمي للمدرسة، كما أنها ليست محجبة بالأساس لترتديه، لتفاجئ برد المدرسات أنها عليها أن ترتدي الحجاب بالمدرسة وتخلعه خارجها، فترد الطفلة بأن أهلها يرفضوا ذلك حيث أنه نوع من أنواع النفاق، وتلجأ إلى والديها.
أم ريم هي الأستاذة لمياء لطفي منسقة اتفاقية السيداو بمؤسسة المرأة الجديدة وناشطة ذات باع بحقوق المرأة، ووالدها المهندس صلاح.
بلجوء الأم إلى مدير المدرسة قام مدير المدرسة الأستاذ عبدالعزيز نور الدين بالاعتذار للأم والتأكيد على أن الحجاب ليس جزءا من الزي المدرسي بالفعل، وأن للفتاة الحرية الكاملة في ارتدائه من عدمه، وقد كانت هذه المكالمة كالفتيل الذي أشعل حربا غير شريفة بالمرة ضد الأم تقودها الأستاذة منال أبوالنجا من خلال حملة تشهير بالأم على حسابها الشخصي وحملة من السب والقصف حيث كتبت على حسابها الشخصي “أن الأم تكره الحجاب وعايزة البنت تطلع سايبه زي أمها”.
وتلك الجملة على سبيل المثال لا الحصر فقد أصبح هناك حملة شرسة من التشهير تقودها الأستاذة منال أبوالنجا، نتج عنها تعليقات مهينة من المدرسات، بل وتهديدات توجه للأم والبنت بأن يقوموا بتحريض أولياء الأمور والطلبة بعمل بلاغات كيدية ضد الطفلة، وبعد أن قامت الأستاذة لمياء لطفي بفضح الأمر وكتابة ما يحدث على وسائل التواصل الاجتماعي قام مدير الأدارة التعليمية بالتواصل معها ووعدها بأن البنت في حمايته وأنه سيقوم يإيقاف مدير المدرسة عن العمل وتحويل وكيلة المدرسة “منال أبوالنجا” للتحقيق، وأنه مسئول عن أن يعيد للأم والبنت حقهما فيما يتعلق بالشق الإداري الذي يتعلق بالمنظومة التعليمية وإجبار ريم على ارتداء الحجاب وأنه ليس هناك أي قاعدة تقول هذا، أما الشق الجمائي المتعلق بالتشهير والسب والقصف والتهديدات التي وصلت للأم فهي خارج نطاق سلطته.
ولإحقاق الحق، فقد جاء التحرك سريعًا من مدير المدرسة والإدارة التعليمية، بعد قيام الأب بتقديم شكوى بما حدث لمدير المدرسة.
ربما يرد أحدهم على أن ما حدث هو مجرد حالة فردية، أو أن وكيلة هذه المدرسة وحدها بداخلها داعشي صغير، ولكن الرد يأتي سريعًا على لسان الأستاذة لمياء لطفي، وهو أنها تخوض تلك المعركة من العام 2016 مع بنتيها حيث تكرر الأمر في 3 مدارس في نفس الإدارة، فقد حدث نفس الأمر مع بنتها الكبرى ندى في مدرسة ” السيدة عائشة الإعدادية بنات”، ومدرسة “الناصرية الإعدادية بنات”، وأخيرًا مع بنتها الصغرى ريم في مدرسة “بلبيس الرسمية للغات”، الأمر الذي يدل على أن ما يحدث من إجبار الفتيات على ارتداء الحجاب ليس سلوك فردي على الإطلاق بل هو أمر ممنهج يمارس ضد الفتيات بحجج مختلفة تتنوع ما بين الحقاظ على الفتيات، إلى إلصاق الحجاب عافية بالزي الرسمي.
بل وتطور الأمر إلى في مدرسة “بلبيس الرسمية للغات” أن تقوم وكيلة المدرسة مستعينة بجيش من المدرسات وأولياء الأمور بتحويل الأمر إلى “خناقة ستات” والخوض في شرف وعرض الأم، وتهديدها، الأمر الذي وصل بالأم الأستاذة لمياء لطفي بالتعبير عن خوفها على بنتها من ما يحدث، والتصريح بشكل واضح لافتقادها إحساس الأمان هي وبنتها.
السؤال الذي نجد أنفسنا مجبرين على طرحه، ريم فتاة محظوظة، لامتلاكها أم وأب يساندونها، وعلى وعي بحقهم القانوني، وأم استطاعت تحويل قضيتها لتريند على السوشيال ميديا، الأمر الذي أدى إلى سرعة الحركة وإصدار القرارات من الإدارة التعليمية، كم من ملايين الفتيات غير ريم يتم إجبارهن على ارتداء الحجاب ولا يجدن من يساندهن، كم فتاة تعلمت النفاق الديني والتزمت بقول المدرسات بارتداء الحجاب داخل المدرسة وخلعه بعدها، ما الرسالة التي يحاول المربيين الأفاضل إيصالها بمثل تلك التصرفات؟!!.
لقد قام الشعب المصري بالثورة على حكم الإخوان المسلمين وأفكارهم المتشددة، وقام جيشنا العظيم بمحاربة الإرهاب والدواعش لنحيا في أمن وسلام، ولحماية الحريات الشخصية وحرية العقيدة، كيف نجد أنفسنا فجأة أمام أكتشاف مثل هذا؟!.
هل بداخل كل مربي ومربية فاضلة داعشي صغير يحث على التلاعب بالدين، واستخدامه كسلطة مطلقة تجعل له الحق في فرض أفكاره على مجموعة من الأطفال، والخوض في شرف وعرض كل من لا يماثل تفكيره؟!.
نحن أمام قضية كاشفة، بأن علينا بشكل واضح إعادة تأهيل وهيكلة كل من يقوم أو مسئول عن المشاركة في تعليم الأجيال القادمة، فهي اليوم حربا فكرية، هي أكثر تلونا وخباثة من حروب السلاح.
الكاتب
-
لمياء محمود
كاتب نجم جديد