رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
343   مشاهدة  

حجاب الجوارح في ميزان الشرع

حجاب الجوارح


الدين الإسلامي كفل لنا حرية الإتباع فكل إنسان له حرية الاختيار بين تطبيق أمر الله تعالى أو عصيانه، كما نهى الإسلام أيضًا عن الإكراه من منطلق الحرية فلا يجوز لأحد أن يُكره آخر على اتباع أمر شرعي قال تعالى “لا إكراه في الدين” وكل محاسب أمام ربه فردًا، لكن هناك من أساء الفهم أعتقد أن من الحرية تناول مبادئ الدين وأصوله بالنقد والتهكم كما فعلت الفنانة “حنان شوقي” حين تحدثت عن الحجاب وصفه إياه بـ”لبس الشغل”.

 

كان ذلك ردًا على طرح المذيعة “مروة صبري” في برنامجها “قعدة ستات” عبر قناة القاهرة اليوم بعض الأسئلة التي تدور في أذهان الجمهور المتابع للفنانة، وفق بعض الآراء التي أفصحت عنها مؤخرًا فرأت بعض الجماهير بأنها آراء محافظة أو متدنية فتساءلوا لماذا إذًا لم تتحجب الفنانة “حنان شوقي”؟

 

حجاب الجوارح.. أقوى حجاب في الكون!

 

هذا السؤال ويكأنه استفز الفنانة وجعلها استشاطت غضبًا مجيبة بكل حدة على سؤال المذيعة “قصدك لبس الشغل!”، مكررةً هذه العبارة إلى ثلاث أو أربع مرات متتالية بعد أن تمَّلك الاندهاش من المذيعة متساءلة “تقصدي الحجاب غطاء الرأس هو لبس الشغل؟”، ورغم رؤية المشاهدين لشعر “حنان شوقي” المستعار “الباروكة” بأم أعينهم إلا أنها فاجئت الجميع بسؤالها العجيب “مين قال إن أنا مش محجبة؟”، وأردفت موضحة “أنا محجبة سمعًا وقلبًا وروحًا وعينًا وكلامًا وأفعالًا” مُستدلة على طرحها بقوله تعالى في سورة الشعراء “إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ”، وكأنها بهذا الاستدلال تُنقِص من أهمية تطبيق بعض الأوامر الشرعية ما دام القلب مؤمنًا نقيًا يحمل الخير للناس، ثم كشفت الستار خلال حديثها عن أصل شرعي جديد ألا وهو “حجاب الجوارح”، وبسماعك لهذا الطرح تشعر بأنها تقصد دحض فرضية الحجاب قائلةً “أقوى حجاب في الكون هو حجاب الجوارح”.

 

 

وللخوض في مناقشة هذا الطرح يجب التأكيد أولًا على وجوب احترام الأوامر الربانية وتوقيرها عند الحديث عنها سواءً أكنت متبعًا لها أم أدرت ظهرك لها، وعدم وصفها بأوصاف قد لا تليق بها كوصف الحجاب بلبس الشغل، وفي الحقيقة وقفت بُرهة عند كلام الفنانة بعد دقائق معدودة من امتهانها لزيٍ قد حرص على ارتداؤه ما يقرب من ٨٠٪ إلى ٩٠٪ من نساء مصر فقط دون باقي العالم مدعيةً احترامها لكل شخص ورأيه، في حين أن مضمون أول كلامها كان يحمل امتهانًا لغطاء الرأس -إذا كان القصد من هذا التلميح ما فهمت-  فقد خصت الحجاب بالفئة المتواضعة التي نطلق عليها في مصر “الشغالات”، وهن النساء اللواتي يعملن بمد يد العون في تنظيف البيوت مقابل المال من أجل التوسعة على أُسرهن الفقيرة، هذه الفئة “الشغالات” حري بها التكريم وليس الانتقاص منها فهناك من تساعد زوجها في حمل أعباء الحياة وتوفير قوت يومهم وهناك من ترعى أولادها من أجل توفير حياة كريمة لهم.

 

 

ولتأصيل الأمر يجب البحث عن أصل الحجاب “غطاء الرأس” ونرى هل هو متطابق مع حجاب الجوارح؟

 

*الحجاب في الأصل هو ستر المرأة لجسدها عن غير محارمها، وشُرِّع ذلك لحكم وغايات عديدة أهمها أن يكون صونًا للمرأة من أي نظرة شهوانية آثمة ومنعًا لأسباب الفتنة ودواعيها، ما يكون سببًا في الحد من الظواهر السلبية في المجتمعات كالتحرش على سبيل المثال، ولكن الشريعة الإسلامية وضعت له شروط حتى يندرج تحت الحجاب الشرعي:

 

١- أن يكون ساترًا لجميع البدن ماعدا الوجه والكفين، وهناك اختلافات فقهية على مسألة كشف الوجه والكفين.

 

٢- ألا يكون شفافًا فيبين بعض جسد المرأة، بل يكون ثخينًا حاجبًا لرؤية زينة المرأة من قِبل الأجانب.

 

٣- أن يكون فضفاضًا فلا يحدد جسم المرأة بسبب ضيق الثياب فيكون ملفتًا للنظر.

 

٤- أن تمتنع المرأة عن وضع العطور والمستحضرات الفواحة فقد نهى عن ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: “أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا رِيحَهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ، وَكُلُّ عَيْنٍ زَانِيَةٌ”.

 

٥- ألا أن تكون متشبهةً بلباس الرجال أو لباس الكافرات، أو أي لباس قد يميل إلى فئة الفُساق والفُجار.

 

٦- ألا يكون لباس شهرة، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “من لبس ثوب شهرة في الدنيا، ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة” رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والنسائي، وقال سفيان الثوري في تفصيل ثياب الشهرة: “كانوا يكرهون الشهرتين: الثياب الجياد التي يشتهر فيها ويرفع الناس إليه فيها أبصارهم، والثياب الرديئة التي يحتقر فيها ويستذل دينه”.

 

* يعتبر الحجاب بمثابة مُعين للمرأة على العفة والالتزام بالسماح القويم والتصرفات الراشدة والكلام الوقور الذي يخلو من الخضوع بالقول درءً للمفاسد.

 

 

الأدلة قطعية الثبوت لفرضية الحجاب وتفسيراتها

إقرأ أيضا
إسرائيل

 

أما حجاب الجوارح فيُقصد به التزام كل امرأة بل كل إنسان بصون القلب والسمع والبصر والروح عن كل ما يخل بالآداب ومكارم الأخلاق، والالتزام بالنهج والسمت الذي يحمي الناس من شرورهم، بحيث يكون الإنسان هو المُقوم لنفسه ولا يشغله أفعال الناس وأقوالهم، وحسب ما ذكرناه فإنه طرحٌ سامي لكنه لا يغني عن أمر الله تعالى للمرأة المسلمة بالحجاب بالأدلة قطعية الثبوت والدلالة في موضعين في القرآن الكريم.

 

 

قال تعالى في سورة النور “وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ”، وجاء في تفسير الطبري أن قوله: “وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ ” أي: ولا يُظهرن للناس الذين ليسوا لهن بمحرم زينتهنّ، وهما زينتان: إحداهما: ما خفي وذلك كالخلخال والسوارين والقرطين والقلائد، والأخرى: ما ظهر منها، وذلك مختلف في المعنيّ منه بهذه الآية، فكان بعضهم يقول: زينة الثياب الظاهرة، وقال آخرون: الظاهر من الزينة التي أبيح لها أن تبديه: الكحل، والخاتم، والسواران، والوجه.(1)

وقوله تعالى: “وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ” أي: وليلقين خُمُرهنّ، وهي جمع خمار، على جيوبهنّ، ليسترن بذلك شعورهنّ وأعناقهن وقُرْطَهُنَّ.

 

والموضع الثاني والذي يدل على فرضية الحجاب قول تعالى في سورة الأحزاب “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ”، في تفسير الطبري قيل أي: ولا يتشبهن بالإماء في لباسهن إذا هن خرجن من بيوتهن لحاجتهن، فكشفن شعورهن ووجوههن. ولكن ليدنين عليهن من جلابيبهنّ؛ لئلا يعرض لهن فاسق، إذا علم أنهن حرائر، بأذى من قول أو فعل، فقد كانت عادة النساء في الجاهلية التبذل وخاصة الإماء فكان السفهاء من الرجال يتعرضوا لهن حال خروجهن لقضاء حوائجهم، فأراد الله عزوجل صون الحرائر من المسلمات عن هذه الأفعال المُستقبحة.(2)

وفي تفسير الجلالين “وليضربن بخمرهنَّ على جيوبهنّ”َ أي: يسترن الرؤوس والأعناق والصدور بالمقانع .

 

الحجاب برنامج شامل للمرأة المسلمة، فالحجاب الشرعي يكون باتساق المظهر الخارجي من تغطية للرأس واتباع شروطه الواجبة مع ما وقر في القلب والنفس، لذا من الأولى التوجيه باقتران الحجاب الباطن “الجوارح” مع الحجاب الظاهر فتكون بذلك الصورة النموذجية للمرأة المسلمة، ويكون ذلك من قِبل أهل الاختصاص وهم الفقهاء وعلماء الدين أما الفنانين والفنانات الذين فلهم مطلق الحرية بالطبع في الإدلاء بآرائهم في مجالهم الفني وليس الدين.

 

1- https://quran.ksu.edu.sa/tafseer/tabary/sura24- aya31.html

2- http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/tabary/sura33-aya59.html

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان